الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفلاطون بين الفلسفة والشعر

كريم الصامتي

2012 / 9 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع




لا محيد للباحث في العلاقة بين الفلسفة والشعر من الوقوف عند أشهر من عرفوا في تاريخ الأدب والفلسفة بعدائهم للقول الشعري، ولم يكن هذا الشخص غير أفلاطون الذي لم يني في كتابه الجمهورية عن اعتبار الشعراء صناع وهم وأغاليط ومفسدي العقول. وبهذا كانت الفلسفة مع أفلاطون قد قامت بمحاكمة الشعر وأصدرت بحقه أقصى العقوبات التي يتعرض لها الخونة. والتهمة الموجهة إليه هي حقا تهمة الخيانة. خيانة الحقيقة، خيانة العقل، خيانة المجتمع، وبالتالي خيانة الفلسفة. فأوصى بإقصاء الشعراء من الجمهورية، من أي إجتماع سياسي خليق بأن يحكم حكما يكون نبراسا للعدل.

وقبل تبني أي موقف يعارض أو يوافق أفلاطون في ما ذهب إليه لا بد لنا محاولة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة التي نعتقد بأن الإجابة عنها ستكشف لنا خلفيات الموقف الأفلاطوني: كيف تعارضت الأفلاطونية مع الشعر؟ ماهي الحجج التي التي قدمها أفلاطون للتخلي عن الشعر وإقصاءه من المدينة؟ لماذا خص الفلاسفة بالمكانة الرفيعة في نظام المدينة في حين أبعد الشعراء؟ لماذا فصل بين الشعر والفكر؟

1) الجدل تقويض للشعر ونفي له من رحاب الفلسفة

إن المطلع على تاريخ الفكر الإغريقي يجد بأن القالب الشعري كان أساس القول في معظم الأحايين، بحيث كان يتخذ هذا الفكر من الصياغة الشعرية شكلا مفضلا للتعبير عن حقائقه ومضامينه، وهذا كان شأن جل المشتغلين بالحكمة آنذاك. إلى حدود الحقبة السقراطية الافلاطونية - إن صح القول- حيث بدأ أفلاطون يفك أواصر هذا التلاحم الحميمي بين الفكر والنظم، بل بين الفلسفة والشعر، خاصة في كتابه الجمهورية، وعلى وجه التحديد في الكتاب العاشر بحيث يتم فيه الهجوم على الشعر والشعراء والفن بصفة عامة من وجهة نظر فلسفية.

أ- الشعر بما هو إدعاء

ويمكننا القول بأن السبب الوجيه الذي جعل الأفلاطونية - من حيث هي الفلسفة الناشئة التي تتغيى تأسيس خطابها على معايير عقلانية في القول والتفكير- تصطدم بالشعر هو خطابه القائم على الإدعاء، ومن حيث كون الشعر كان مستأثرا بالهيمنة على ذلك الفضاء الذي أرادت الأفلاطونية من حيث هي صياغة جديدة لنموذج الخطاب العقلاني بأن تأسس فيه للجدل والحوار كمنهج فعال لعرض سلطة الحقيقة بما هي شرعية ثبوت حقيقة الخطاب العقلاني التي تضمن صحة الإدعاء وأحقية الكلام للفلسفة على الشعر, عبد الهادي مفتاح:الفلسفة الشعر، منشورات العالم للتربية، الطبعو الأولى، 2008، ص 73 .

ولا غرابة في ذلك خصوصا ونحن نعلم أن المهمة التي حملتها الأفلاطونية على عاتقها في فترة نشوء الفلسفة كخطاب عقلاني، تمثلت في دحض الإدعاء la prétention كما يتأكد ذلك في قول سقراط نفسه إذ يقول: "...من أي نوع أنا؟ إنني من أولئك الذين يروق لهم أن يدحضوا إذا قالول شيئا خاطئا، والذين يجدون لذة في دحض الآخرين عندما يقدمون شيئا غير صائب. ولكن يحبون أكثر أن يدحضوا، وأرى أنه من الأفضل أن تدحض على أن تدحض، لأنه من الأفضل أن نتخلص نحن من أنفسنا من أكبر الشرور على أن نخلص الآخرين. فليس هناك ما هو أقبح من أن يكون لنا رأي خاطئ عن الموضوع الذي يشغلنا..."
platon: protagoras /cratyl / euthydeme / menexème / gorgias / menon. Trad: E. Chambry. G.F.flammarion.1967.p 183.

وما يتحدث عنه سقراط هو الحقيقة التي هي موضع إدعاء، والتي يجب اختبارها كيما نتمكن من دحضها أو إثباتها. ومسألة كهذه لا يمكن إلا أن تستدعي فلسفة يكون الجدل قوامها والبرهان منهجها، ولهذا السبب فإن للجدل وجهان متطابقان: الأول هو الحوار كشكل أسمى لا مفر منه للخطاب. والثاني هو البرهان كمنهج أقوى لعرض الحقيقة التي هي موضع إدعاء واختبار ونفي واثبات. عبد الهادي مفتاح:الفلسفة الشعر، منشورات العالم للتربية، الطبعة الأولى، 2008، ص 74








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاستثمار الخليجي في الكرة الأوروبية.. نجاح متفاوت رغم البذ


.. رعب في مدينة الفاشر السودانية مع اشتداد الاشتباكات




.. بعد تصريح روبرت كينيدي عن دودة -أكلت جزءًا- من دماغه وماتت..


.. طائرات تهبط فوق رؤوس المصطافين على شاطئ -ماهو- الكاريبي




.. لساعات العمل تأثير كبير على صحتك | #الصباح_مع_مها