الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدل الإلهى

أحمد عفيفى

2012 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


العدل الإلهى؛ أقدم نكته دامية يمكنك أن تضحك منها على مر العصور، فيما يعرف بشر البلية ما يُضحك، منذ قرر الرب السماوى الإبراهيمى أن يوحد رسالاته فى عائلة واحدة من رعاة الغنم فى صحراء الشرق الأوسط، وكأن بقية العالم ليس بموجود أو كأنه كعادته يجهل وجوده، بدءا من إبراهيم المسكين الجبان الذى قتل الطير ليرى برهان ربه، ورغم ذلك لم يرى البرهان يتجمع ويعود للحياة أمام عينيه، والذى أنكر علاقته بزوجته أمام الفرعون، أبو الأنبياء غبى وديوث، فحدث ولا حرج عن ذريته!

منذ بدأت الرسالات السماوية فى الهطول، وهى تتخير حفاة أميين أغبياء لحمل رسالتها، وكأن الأرض لا تحمل رجالا أكثر أهلا لحملها، فيجب أن تهبط على مجاذيب أو مجانين أو مرضى نفسيين والسلام، ويبدو أن الرجال الأسوياء لم يكونوا ليقبلوا بتلك الرسائل الجوفاء السطحية، التي أن لم تسيء لهم، فسوف تسيء لقومهم!

منذ العهد التوراتى وألواحه المضحكة ووصاياه العشر التي استغرقت أربعين يوما لكتابتها، ونبيها الذى يقتل نفسا بغير حق ثم يتزوج أختين، حتى شعبه المختار الذى يدلله الله شخصيا، فيرسل له المن والسلوى ويكاد يسترضيهم ليقبلوه على علاّته، ثم وعندما يعجزوه، ينتقم منهم فى العهد لقرآنى السمح، بوصفهم قردة وخنازير، منتهى الرقى والبلاغة فى لغة الرب السماوية المقدسة!

مرورا بالعهد الانجيلى الذى ترك به ابنه يصلب ويعذب، بعد أن وضعه وأخرجه من بطن أمه بصورة درامية لا حاجة ولا ضرورة لها، حتى جأر الفتى من فرط ألمه " لماذا تركتنى يا أبى " تركك لأنك مسكين ومسالم يا يسوع، وهو ليس هناك بالأصل حتى يأتى إليك، ولو أنه هناك وتركك، فتلك كارثة، ولا تستحق ولائك ولا عذابك ولا تضحيتك، أنت فقط وثقت بالشخص الخطأ!

وثالثة الأثافى؛ هو العهد القرآنى الرسولى الرشيد، الذى تميز بالسماحة وحمل السيف فى آن، أى الكيل بمكيالين، الذلّة عند الضعف، والبطش عند القوة، وتميز اكثر ما تميز ببرجماتيه رسوله المطلقة، وتخليه عن توسل موسى المقيت غير المجدى، وسماحة عيسى التي أوردته موارد التهلكة!

العدل الالهى عدل ممجوج ومضحك ودموى وبرجماتى ووصولى ونفعى وحمال اوجه ويكيل بمكيالين، فيتخير شعب ثم ينقلب عليه، ويزكى رسول ثم يتركه يقتل، وعندما تنهكه الاختيارات الفاشلة يضع آخر رسالة له فى صندوق بريد اجهل امة خرجت للناس، بين مجموعة من البدو الهمج، الذين على بداوتهم جهلة، وليس بإمكانهم حتى التفريق بين الجمل والناقة!

منذ بداية وعينا والفقهاء يتناوبون على عقولنا بمعاول هدمهم الغيبية، ويرسخون بوعينا قيم العدل الإلهى والحكمة الإلهية ومحدودية العقل البشرى وقصوره وروحانية الشرق ومادية الغرب، وكل تلك التابوهات والهراءات التي حفرها تاريخ اسود دامى فى العقلية الجمعية العربية المسلمة!

أى عدل وأى حكمة تلك التي تفتك بالعقل والمنطق وتحتل الوعى، وتفسح المكان والمجال للجمود والخرافة والتسطيح والتصديق الأعمى، لقد تقدم اليهود فقط عندما تخلصوا من سيطرة فكرة العدل الإلهى والحكمة الإلهية والمنقذ الإلهى المنتظر، ولو كانوا ظلوا يقدسون الخرافة ويصدقونها، لما قامت لهم قائمة، ولما رهبوا عرب الله مجتمعين!

حتى الإنجيليين أو اليسوعيين أو المسيحيين، راحوا ينقوا عقيدتهم وإيمانهم من كل القتل والدم والغباء الغيبى المقدس، فانزاحت عن عقولهم غمة العدل الإلهى غير الموجود، ذلك الذى ترك مسيحهم، وتركهم هم أنفسهم تحت قرون من الظلام والظلم فتكت بأجيال وأجيال منهم، وكادت تضعهم فى سلة واحدة مع عرب الرب المقدسين، نفس سلة التخلف والتكاسل والتواكل والجمود!

مصل واحد، يشفى مريض واحد، أقوى وأبقى من كل العدل الإلهى المزعوم، فما بالك بأمصال تشفى ملايين، اكتشاف واحد كالكهرباء، يجب أن يجعل من إديسون سيد الإلهة بلا منازع، ثورة صناعية واحدة تقفز بالعالم فى قرن واحد ما لم تقفز به البشرية منذ خلقت، أبقى وأقنع من العدل الالهى المخزى، ولو أنه ضرورى للبشر من آلهة، فليضعوا العلماء فى مجمع، وليعبدهم الناس!

العدل الإلهى أسطورة، كالمسيخ الدجال والمهدى المنتظر وأمام الشيعة، والمذهل أن هناك ملايين مؤمنون به، رغم أنه لا يأتى، ويعزون ذلك لحكمة ما، لا هم يدركونها، ولا يدركها حتى صاحب العدل الالهى نفسه، وكل الفقر والجهل والمرض والبؤس فى بلاد الرب الرخامى، مردها قنوطهم من رحمة الله، التي يبدو أنها تخطيء الطريق وتذهب لسكان كوكب آخر، أو تذهب بوازع من نفسها لذوى العقول من الكفرة الملاعين فى بلاد الفرنجة!

العدل الإلهى أن يجد كل إنسان عمل ومسكن وتأمين صحى، العدل الإلهى أن يجد كل إنسان شريك حياته ويستطيع الاقتران به، العدل الإلهى أن يعيش ويأكل ويتعلم الإنسان جيدا، العدل الإلهى أن يتساوى الناس جميعا وان يحكمهم قانون واحد ليس بعنصرى، لا مجال فيه لخير شعب وخير امة، العدل الإلهى يتجسد فى ارادة الإنسان وقدرته على التفكير والتفنيد والتجديد والتنفيذ!

العدل الإلهى يهرب إليه عرب الرب بالقوارب والأموال إلى بلاد الكفر والبدع والضلال، العدل الإلهى يستجير به الفقهاء أمثال القرضاوى لحماية عرب الرب المؤمنون من عرب الرب المؤمنين أمثالهم، العدل الإلهى يعمل فى أقسام التأشيرات فى سفارات أمريكا وأوروبا، ينتظره ويتمناه الملايين كل يوم من عرب الرب المسلمون، العدل الالهى يربض هناك، فى بلاد العقل والمنطق والعلم، بعيدا عن صحراء الرب، حيث الحياة الحقيقية متساوية ومتكافئة ومتاحة!

العدل الإلهى تعطيل للعقل والارادة الإنسانية، العدل الإلهى دجل وشعوذة ورجم بالغيب، العقل الإنسانى دأب وتجربة وأخذ بالعلم، وكما تخلصت الشخصية الإنسانية من خرافة العدل الإلهى، أرجو أن يأتى اليوم الذى تتخلص فيه الشخصية الإسلامية من وهم العدل الإلهى، ولكنه يبدو أن الخالد ديستوفيسكى كان على حق عندما قال " أحيانا لا يريد الناس سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم! "



























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العدل الالهى ...يفهمه فقط من هم فى مرتبة الاله
حكيم العارف ( 2012 / 9 / 8 - 14:02 )
لماذا يسمى عدل الهى ... لان فيه عدل ارضى ... هو كده .. الاجابه على قدر السؤال

لماذا يختار جهال العالم ... ليخزى بهم حكمة الحكماء ... حتى لايفتخر الحكيم بحكمته.. و يتكبر او يرتفع قلبه ..

لماذا ولد المسيح فى مزود بقر ... حتى لايعتقد اى شخص ان الله لم يجرب او يشعر بالفقراء و المحتاجين..

من قال ان اليهود تقدموا عندما تخلصوا من سيطرة فكرة العدل الإلهى ؟؟؟
تقدم اليهود كان بسبب فصل الدين عن السياسه تماما كما حدث للمسيحيين فى اوربا من قبلهم.

لذلك تجد انهم لايميزوا بين الاديان فى القرارات العلمانيه (بعيدا عن المعابد اليهوديه).

العدل الالهى ربما يقصد به القضاء و القدر للمسلمين او تغيرات طبيعيه / الصدفه بالنسبه للملحدين


2 - اقرأ واسأل
احمد البابلي ( 2012 / 9 / 8 - 17:19 )
الاستاذ الحكيم
كان الاولى بك ان تقرأ المقالة مرات ومرات لكي تبدي رأيك وانتقادك بحكمة لتستفاد منه العباد المسلمة المبتلات بالبداوة لا ان ترد ما قاله القرضاويين وخوفك ان تصدق الحقيقة لكي لا تخسرالحوريات والغلمان وحور العين.. الحقائق تنتشر هذه الايام بين العقلاء و الباحثين عن الخطأ والصواب..يظهر من تعليقك انك لا تريد ان تفكرفي ما تعلمته وانت صغير.. اقرأ المقال واسأل وشكرا..


3 - الظلم اله اّخر
علي بابلي ( 2012 / 9 / 8 - 20:26 )
العدل من أسماء الله( الحسنى) وهي 99 اسما
وبما ان الظلم نقيض العدل
وان الله اله العدل
اذن للظلم اله اّخر لم نتشرف بمعرفته بعد لان الله لايمكن ان يكون الها عادلا وظالما بنفس الوقت
وبما ان الظلم يطغى على العدل وهو موجود في كل المجالات فلا بد وان يكون له اله
واذا كان الله عادلا لكان الاجدى به ان لايخلق الطبيعة بقوانينها الحالية
خلق القوي يعتاش على الضعيف
والذئاب تأكل الخراف لتبقى
والسمكة الكبيرة تلتهم الصغيرة بفرح ولذّة منعشة
والزلازل والبراكين وتسونامي تحصد الالاف دون ان يتحرك العدل الالهي بمقدار ذرة واحدة
والحاكم الدموي يحصد جيشه الالاف من ارواح شعبه في نفس اللحظة الذي يضاجع نسائه والاله( العادل) يقول انه أقرب لهم من حبل الوريد بينما هو جدا عن الحق والعدل بعيد
اننا نقول عن الله عادل ليس لانه عادل وانما طمعا في عدله الذي لايمكن ان يأتي لانه ببساطة شديدة انه هو غير موجود والدليل لنه غير موجود







4 - الوصايا العشر
مهاجر ( 2012 / 9 / 8 - 22:08 )
سوف اعلق على الوصايا العشر لنرى العدل الإلهي
١- لاتسرق : ونحن نعرف اكثر السرقات تحدث في الدول التي تدعي التدين
وهنالك اشخاص من يبارك سرقة بطاقات الأئتمان على انها
حلال وخصوصاً من تلك الدول التي اجدادها قررود وخنازير والعياذ بالعقل
٢- لا تزن : خرجت في السنوات الاخيرة انواع من الزواجات مقنعة بغلاف
ديني ومختوم بأمر الهي كالمسيار والمطيار
٣- لا تصنع تمثالا منحوتا ولا صورة لما هو موجود في الجنة : ونحن نعرف
ان المؤمنين في بلداننا حول بعض الولاة والدعاة الى آلهة
٤- لا تشته زوجة جارك : سمعت ان هناك شخصاً مقدساً قد اشتهى زوجة
ابنه بالتبني وليست زوجة جاره
٥- لا تقتل : كم شخصاً نحر وذبح وقُطع مع التكبير الإلهي وكم شخص
فجر نفسه بين الأبرياء طمعاً بمأدبة مجانية مع الحبيب في
العالم الآخر
سأكتفي بهذه النقاط الخمس والبقية ممكن اي شخص يحلله على معرفته ومن خلاله يستطيع الأنسان ان يرى مدى عدل الله لعباده

( المصدر الذي اقتبست منه الوصايا العشر الوكيبيديا العربي )

شكراً أستاذ أحمد على الموضوع وتحياتي لك


5 - حكيم
أحمد عفيفى ( 2012 / 9 / 9 - 15:00 )
يبدو ان كل التعساء بمرتبة اله


6 - بابلى
أحمد عفيفى ( 2012 / 9 / 9 - 15:02 )
شكرا لانك تقرأ وتفكر وتتعلم


7 - على
أحمد عفيفى ( 2012 / 9 / 9 - 15:05 )
المساواة فى الظلم عدل
يبدو ان الله يتعمد ذلك
ويبدو ان المساكين تقبل ذلك


8 - مهاجر
أحمد عفيفى ( 2012 / 9 / 9 - 15:08 )
شكرا على الوصايا الخمس
وكفى بها نعمة


9 - أحيانا لا يريد الناس سماع الحقيقة،
حامد يوسف ( 2012 / 9 / 9 - 15:30 )
أحيانا لا يريد الناس سماع الحقيقة، لأنهم لا يريدون رؤية أوهامهم تتحطم .....اذا كان الله وهم فاي حقيقة تملك ...ليس لي ان اثبت ان وهمي -كما تدعي- هو حقيقة لكن عليك ان تثبت ان حقيقتك ليست بوهم... -كما لا ادعي - لانك لا تملك الحقيقة وليس لك ان تملكها بنكرانك لوهم الاخرين

اخر الافلام

.. شاهد: المسيحيون الأرثوذوكس يحتفلون بـ-سبت النور- في روسيا


.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4




.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه