الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال في علب معدنية

زاهر الزبيدي

2012 / 9 / 10
المجتمع المدني


لا أخالني اتصور أن لأولئك الأطفال الذين يجوبون "المزابل" ومناطق تجمع النفايات الكثيرة منذ الصباح الباكر .. أحلاماً بمستقبل أكبر من حجم العلبة المدنية التي يبحثون عنها بجد وكد وعذاب وقد يشتبكون بالأيدي واللآلات الجارحة "الكترات" من اجل موقع نفايات أو حتى من أجل علبه معدنية واحدة .
اطفال العراق لم يكن أحد يتوقع ان يصل به الحال الى ما هو عليه الأن من بؤس ومرض .. لقد كنا نأمل في ان يكونوا هم في أولويات جدول إهتمامات الحكومة والمنظمات غير الحكومية جميعها فحجم المأساة أكبر من الطاقات التي يمكن ان توفرها الحكومة بخططها التي تستهدف مستقبلهم بالتخطيط السليم .. لقد فتك بأجسادهم الغضة المرض قبل الفقر .. والفقر أهون بالطبع .. ولكن المرض هو مشكلتنا التي لازلنا غير قادرين على توفير الوقاية اللازمة لهم من تلك الأمراض.
الفقر والمرض ماهما إلا وليدا اليُتم الذي يتوشح به ملايين من أطفال العراق والكل يعلم أهمية وجود الأب في الأسرة لبناء التكوين الأجتماعي والأخلاقي له وليكون الدرع الحصين أمام العوادي القاهرة التي لا يتحملها في بداية حياته .. فـ "مصطفى" لم يبلغ السادسة من عمرة ويعمل مع مجموعة شباب في ورشة لصيانة العجلات ويقوم بأعمال شاقة جداً لا يتحملها جسده الغض ومن تلك الأعمال أعمال خطرة على حياته إلا أنها السبيل الوحيد ليساهم في دخل عائلته .. وهؤلاء مجموعة من الصغار مع عربة يجرها حمار بائس مثلهم يجوبون المنطقة للبحث في النفايات عسى أن يجدوا شيئاً مفيداً يغنون به نهارهم المتعب .
ناهيك عن الظواهر الجديدة في مجتمعنا والتي تمثلت بييع الأطفال وكأننا في سوق للنخاسة في بغداد ، وعشرات الأطفال تزهق ارواحهم شهرياً بفعل العمليات الأرهابية التي تطال اجسادهم البريئة ومثلهم يعاقون بأعاقات على درجة عالية مما يجعلهم رقماً صعباً في التخطيط الحكومي المتواضع إزاء ذوي الأحتياجات الخاصة بالقطر.
لا زالت منظمة اليونسيف تؤكد على التزامها بحماية حقوق اطفال العراق حيث أعلنت اعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) انها تؤكد من جديد التزامها بحماية وتعزيز حقوق 16 مليون طفل و يافع في العراق ولازالت ترصد الكثير من الحالات التي تتنافى والتطلعات التي يجب رسمها لمستقبل الطفل العراقي.
وليس بأخرها ما حصل للطفلة "بنين" من مدينة البصرة من جريمة شنعاء يندى لها جبين الأنسانية . فالأطفال لا زالوا جزءاً مهماً من جرئم الأعتداء الجنسي والأستغلال البشع مستغلين خوفهم من إخبار ذويهم بالحقيقية .
كثيرٌ من أطفال العراق عندما يسألون عن ما يرغبون في أن يكونوا عليه في المستقبل ، عندما يكبروا ، فترى أحلامهم تعكس الواقع الذي يعيشوا فيه فمنهم من يريد أن يكون طبيباً أو مهندساً أو طياراً .. ومنهم من يريد أن يصبح مدرساً ولكن الحلم الجديد الذي دخل الى مخيلة أطفالنا اليوم لا يتجاوز حجمه حجم العلبة المعدنية وهو أن يجمع اكبر كمية ممكنة من العلب المعنية كي يؤمن قوت يومه .. دعونا لا نفرط في الأمل بأن هذا الحلم سينتهي في يوم قريب فأيتامنا كثر وامراضنا تتنوع وليس لدينا قانون للطفل يساهم في الخلاص الأكيد من معوقات نموه نحن بحاجة لقانون مدعم برؤية واضحة لمستقبل الطفل يفترض بشكل جدي بان الطفل سيكبر يوماً ليصبح يافعاً فكيف ستكون علاقته بالمجتمع ؟ وحينما يصبح رجلاً كيف سيربي أطفاله على حب الوطن ؟ الذي بخل عليه بعلاج أو حتى بلقمة يسد بها رمقه أو بالرأفة التي تخفف عنه ثقل تلك الأيام الصعبة وتخفف عليه مصيبة يُتمِه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية: نتنياهو خائف جدا من احتمال صدور مذكرة اعتقا


.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام




.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف


.. اعتقال مرشحة رئاسية في أميركا لمشاركتها في تظاهرة مؤيدة لغزة




.. بالحبر الجديد | نتنياهو يخشى مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة ال