الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اوراق من روزنامة كندية

رحمن خضير عباس

2012 / 9 / 13
المجتمع المدني


الهجرة العراقية الى كندا حديثة العهد , لاتتجاوز الأربعة عقود . كان وجود العراقيين في البداية غير محسوس وغير مرئي بعكس الجاليات الأخرى .. طلاب موفدون من الحكومة العراقية , وجدوا امتيازات وحقوقا في كندا لم يألفوها في بلدهم العراق , فاداروا ظهر المجن وتنكروا لألتزاماتهم وطلبوا الهجرة , تجار او مغامرون او هاربون من الأ وضاع في عراقهم . وجدوا لمسات انسانية , وعمل ومدرسة لأولادهم فاستقروا في اوتاوة وغيرها من المدن الكندية . ولكن اعدادهم آنذاك لاتتجاوز اصابع اليد . بيد انّ تكاثر العراقيين بدأ اواخر الثمانينات من القرن الماضي .كان على شكل مويجات صغيرة تتدفق بصمت وتشق طريقها بصعوبة . ومنها : 1- العراقييون الذين ضاقت بهم السبل في البلدان العربية بعد ان فروا من بطش نظام صدام اواخر السبعينات , منتشرين في اليمن والجزائر والمغرب وليبيا . فاختار الكثير منهم كندا بعد ان ضاقت بهم تلك الدول والبعض الآخر لجا الى اوربا وكان اغلبهم من اليسار العراقي ومن الكتاب والفنانين وقد تصدوا الى النظام العراقي ممثلا بسفارته . اتذكر اننا قمنا بمظاهرة في خريف 1988 يشاركنا حزب تودا الأيراني وكانت المظاهرة استنكارا لمجزرة حلبجة . في ذالك الوقت كان كل العالم صامتا ازاء تلك المأساة . 2- الموجة الثانية بعد غزو صدام للكويت . فبعد تحرير الكويت من قبل قوات التحالف وتدمير العراق . قررت الحكومة الكويتية اخراج البدون ولاسيما الذين ينحدرون من اصول عراقية . فجاءوا الى كندا وطلبوا اللجوء فيها باعتبارهم عراقيين بدون جنسية . ومع استثناءات قليلة فان اكثرهم يفخر بكويتيته الطاردة له اكثر من عراقيته المسببة لطرده . والملفت للنظر ان الأخوة البدون استطاعوا ان يتضامنوا بشكل رائع فيما بينهم . وكأنهم ينتمون الى جمعيات , ولكنها غير مسجلة رسميا . وكانت ( ديوانياتهم ) تشكل مكانا خصبا لتبادل الرأي وتبادل الخبرة والمعونات المادية والمعنوية . كما اصبحت الحسينيات التي اسسوها بمثابة الحاضنة الرسمية التي تفرض الواجبات على اعضائها , ولكنها لاتنسى حقوقهم . ومع اعتزازي بهم ولكنني لااستطيع اعتبارهم مكونا عراقيا .لأن الأرتباط الرسمي والعاطفي لأكثرهم لوطنهم الذي لم يعترف بهم وهو الكويت ..
3- الموجة الثالثة والتي تزامنت مع الموجة الثانية , وتتكون من لاجئي معسكر رفحا والذين قبلوا من قبل كندا وفق معاهدات دولية . يضاف الى ذالك العراقييون في الدول العربية ولاسيما الأردن والذين جاءوا الى كندا عن طريق الأمم المتحدة . واعتقد بان هذه الموجة سواء من رفحا او الدول العربية لم تكن متجانسة. فظلوا منفردين و مشرذمين . وكان اغلبهم يبحث عن مجالاته الشخصية , من العمل والربح وتحقيق الذات . ويبقى الأنضمام الى جمعية عراقية آخر اهتماماتهم . 4- موجة رجال الأعمال والموظفين في الخليج والذين اتوا – في غالبهم - للحصول على الجنسية الكندية . كما ان بعضهم جاء اثناء الأزدهار الأقتصادي في كندا . واشتغلوا في تكنولوجيا الأتصالات والمعلومات . وكان مجيئهم اغنى الجالية العراقية واثراها على مستوى النوع . ولكن بعضهم بدلا من ان يستثمر هذه النقطة لصالح مصلحة العراق فانه تصرف وفق عقدة رافقته في الخليج وهي عقدة الوافد والمواطن. لذالك انعكف على نفسه وتصرف بشكل استعلائي على بقية العراقيين وكانه المواطن وهم الوافدون .
تقودني هذه المقدمة لاستنتاج مفاده : ان الجالية العراقية – بوزنها الكمي والنوعي – بدون جمعية تمثلها , كبقية الجاليات العربية وغير العربية . للبنانيين اكثر من ثلاث جمعيات . ونفس العدد للصوماليين , ناهيك عن المصريين والأثيوبيين , ولن اتحدث عن الجاليات القديمة كالأيطالية واليونانية ...ألخ , وهذا لايعني ان العراقيين في اوتاوة لم يحاولوا تأليف جمعية لهم . هناك عشرات المحاولات , من نهاية الثمانينات الى اجتماع شيمو هوتيل في الثامن من ايلول من هذا العام... لكن هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح . بعض الجمعيات بقي عاما او عامين واقامت حفلة او حفلتين ثم اعلن موتها السريري . واسباب الفشل كثيرة لامجال لذكرها بالتفصيل . ولكن في مقدمة هذه الأسباب هو هو عدم الجدية والرغبة بين صفوف الكثيرين يضاف الى ذالك عدم قدرتنا – كمهاجرين – على قراءة الواقع الكندي وفهم مضامينه . وهذا الفشل انسحب على جمعية المهنيين ( اياها ) التي تكونت قبل عامين تكوّنا مغلقا , اشترط فقط الشهادات العالية والمرصعة بالدال السحرية والتي تتقدم الأسم . وقد انحلت هذه الجمعية , لأنها كانت تحمل بذور فشلها , لأنها جمعية مشروطة وغير منفتحة لكل العراقيين . واعتقد ان الجمعيات المهنية ذات الصبغة الوظيفية الموّحدة يمكن ان تنجح في بغداد او كبار المدن العراقية الأخرى , ولكنها لاتنجح في بلدان المهجر .
لقد فوجئنا باعادة احياء تلك الجمعية . بنفس الأسم تقريبا , نفس الأسماء تقريبا , ونفس الشروط تقريبا ..جاء في الدعوة التي عقدت في الثامن من ايلول 2012 ما يلي" برعاية سفير جمهورية العراق عبد الرحمن حامد الحسيني . تدعو الهيئة الأدارية الموقتة لمنظمة المهنيين العراقيين الكنديين ابناء الجالية لدعم واسناد تأسيس ..الخ "وقد وجهت هذه الدعوة بانتقائية حيث اُرسلت الى البعض , ولم ترسل الى البعض الآخر . كما انها لم تعلن في وسائل الأتصال المسموعة مثل ( شن راديو ) او المقروءة ومنها مجلة الساحة التي توزع في السفارة ايضا . ومن هنا اخرج بنتيجة ان الأجتماع اريد به ان يكون مقتصرا على البعض دون البعض الآخر . اما رعاية السفارة لهذا الأجتماع , فاتمنى ان تكون رعاية معنوية فقط دون تقديم دعم مادي . باعتبار ان هذا الأجتماع لايمثل العراقيين الذين هم احوج الى الدعم المادي والأدبي.
وهنا يجب أن انوه على حقيقة وهي ان السيد عبد الرحمن الحسيني سفير العراق في اوتاوة هو من افضل السفراء العراقيين التصاقا بالجالية العراقية . فقبل مجيئه كانت السفارة وكرا يتفشى فيها البيروقراطية المقيتة والكسل وعدم احترام المراجعين من ابناء الجالية . كانت السفارة مجالا خصبا للترويح عن النفس والمحسوبية . وحالما اتى حتى استطاع بصبر وطني وكفاءة مهنية ان يحول هذه السفارة الى بيت للعراقيين .. فتح ابوابها لجميع المراجعين ..ارسل موظفيه المنعمين سابقا الى ابعد المدن الكندية , لأكمال معاملات الناس .. رمم استقبال السفارة ووضع الأرقام التسلسلية .. وضع صندوقا للشكاوي وفتح تلفونا مباشرا.. جعل اللقاء معه ممكنا ليستمع الى شكاوى الناس ومقترحاتهم وهمومهم .. كان يدخل الى غرفة الأستقبال ويسال المراجعين عن طبيعة معاملاتهم وسلوك الموظفين معهم . ولم يكتف بذالك . بل كان يشارك العراقيين افراحهم واتراحهم .. لقد ادى طقوس العزاء لفواتح العراقيين الذين قضوا نحبهم في المهجر الكندي , لايفرق بين مسيحييهم ومسلميهم وبين شيعتهم وسنتهم يؤم المسجد كما يؤم الحسينية ولايتردد عن حضور الكنيسة لأخوتنا المسيحيين في اوقات عزائهم . اتذكربانني طلبت مقابلته لأقدم له مذكرة شجب وادانة اغتيال الشهيد هادي المهدي .. ولقد كان مثالا على دماثة الخلق والتواضع و الحس الوطني .وقد وعدنا – نحن الموقعين على المذكرة – ان يقدمها بامانة الى وزارة الخارجية . انه مدحت باشا في اصلاحاته .وقد ذكرت هذا الرجل الوطني في معرض رعايته لتجمع يمثل مجموعة قليلة من العراقيين . والتمس العذر له فهو يدعو في كل لقاءاته الى ضرورة تكوين جمعية تضم عراقيي اوتاوة , ولعله اعتقد ان ( منظمة المهنيين ) سائرة بهذا الأتجاه . وكان بودي للذين دعوا لتشكيل هذه المنظمة , ان يحترمواارادة جميع العراقيين في اوتاوة والذين يطمحون في جمعية عراقية صميمة وحقيقية لاتفرق بين ربطة العنق واوحال قمصلة العمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري


.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو




.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين


.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما




.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب