الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوس الدينى يواكب الهوس الرأسمالى

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2012 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يتصور الكثيرون أن الشعب المصرى أكثر شعوب العالم تدينا، وأن الإسلام أكثر الأديان عنفا وتعصبا، إلا أن رحلاتى المتعددة فى الشرق والغرب كشفت لى أن أكثر الشعوب تدينا هو الشعب الأمريكى، ليس بسبب التكوين البيولوجى أو الجينات الموروثة، لكن لأن الحكومات الأمريكية المتعاقبة خلال ٣ قرون غرست الإيمان بالمسيح فى نفوس التلاميذ منذ الطفولة.

أغلب رؤساء أمريكا (ومنهم باراك أوباما) غير متدينين أو غير مؤمنين بأى عقيدة، ما عدا عقيدتهم الرأسمالية الأبوية، وجدوا أن الإيمان بالمسيح وطاعة تعاليمه يؤدى إلى الإيمان بولى الأمر أو الحاكم وطاعته.

لا يمكن لدولة طبقية أبوية أن تستمر دون ترسيخ قيمة السمع والطاعة فى النفوس والعقول المحكومة بهذه الدولة، وكلما زادت الطبقية الأبوية شراسة وطغيانا، زادت جرعات التدين المفروضة على الشعب تعليميا وتربويا وإعلاميا.

لهذا اشتد التصاعد الدينى فى كل أنحاء العالم، خاصة فى أمريكا، مع تصاعد الجشع الرأسمالى الشرس، القائم على العنف والقتل والخداع الإعلامى، من أجل إشباع الشهوة التى لا تشبع إلى المال والسلطة والجنس.

كتب هذا المقال اليوم (١٤ سبتمبر ٢٠١٢)، وأنا فى جامعة ميشيجان بالولايات المتحدة الأمريكية، أشهد الهوس الدينى المتزايد، الذى يشتد مع التنافس الشرس على كرسى الحكم فيما يسمى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شاءت الظروف أن أشهد معارك انتخابية سابقة، ومنها معركة أوباما عام ٢٠٠٨ ضد جون ماكين، التى دخل فيها المسيح طرفا فى السباق لنيل أصوات الناخبين والناخبات، تبارى أوباما وماكين لإثبات أنه مسيحى أكثر من الآخر.

اليوم أشهد المعركة بين أوباما الديمقراطى ومنافسه رومنى الجمهورى، كلاهما رأسمالى أبوى شرس، لكن الصراع الدينى مختلف، رومنى من المورمون، يؤمن بها سبعة ملايين من الأمريكيين فقط، أغلب الأمريكيين لا يعرفون شيئا عن المورمون، وأنها الديانة الأصلية لأمريكا، تعتبرها مملكة الله على الأرض، تعاليم المسيح هى القيم الأمريكية الروحانية، وتشمل تعدد الزوجات، لأن الرجل رأس المرأة والله رأس الرجل، والزنوج السود من جنس أدنى من البيض، ودستور أمريكا كتبه الله، مثل الكتاب المقدس، وأن السوق الحرة من عند الله، لهذا يطلق على المورمون لقب قساوسة السوق الحرة.

كل شىء عند المورمون جاء من عند الله والمسيح، حتى أرباح التجارة والسوق، كل شىء مباح فى السوق لأنها إلهية.

حتى النقاد، ومنهم «مارك توينى»، اعتبروا المورمون ديانة علمانية تفصل الدين عن الدنيا، وأنها تجليات روحية منحها الله لـ«جوزيف سميث» منذ ١٨٢٠.

كتاب المورمون المقدس يحكى عن النازحين بالسفن من الشرق إلى الغرب، هرباً من نظام شيطانى يضطهد المؤمنين مثلهم، استوطنوا، بفضل الله، العالم الجديد (أمريكا) يناضلون من أجل البقاء ضد عدو أسود البشرة، منحوا أمريكا لقب أرض الحرية. يقول النقاد إن كتاب المورمون ليس مقدسا أو كتاباً إلهياً، بل كتاب بشرى يحكى تاريخ أمريكا كما تخيله عقل زعيمهم المبدع جوزيف سميث. يستفيد اليوم المرشح الرئاسى «رومنى» من ديانته المورمون، ليكسب عرش أمريكا ضد أوباما، يعيد رومنى من خلال المورمون فكرة التفوق العنصرى للأمريكيين، وحقهم الإلهى فى زعامة العالم.

كما حاول هتلر أن يجعل من ألمانيا، مستخدما الله والنازية والعنصرية، وكما يحاول الكثيرون (من كل الأديان والدول) المتنازعون على السلطة والمال والجنس، مستخدمين الدين والمذاهب والروحانيات لتضليل الملايين من الشعوب المخدوعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلاسفه العظام
د.قاسم الجلبي ( 2012 / 9 / 16 - 10:13 )
الدين افيون الشعوب ,قالها الفلاسفه العظام كل الاديان المتعصبه هي امراض نفسيه التعصب الاعمى ولكل منه حججه ليقول ان الاقرب الى الله ودمتم بخير .


2 - الهوس السياسي يسخّر الهوس الديني
سامي بن بلعيد ( 2012 / 9 / 16 - 11:16 )
أصبح الدين وسيلة ومطيّة أساسية ومهمة للوصول أو للحفاظ على السلطة
أستخدم تلك الوسيلة الاقطاع وأرباب العمل واليوم تقوم الرأسمالية الاحتكارية بإستخدامها بكل قوة , والمؤسف إن الاغلبية يضنون إن الاديان هي الخطر بل على العكس من ذلك فالخطر يكمن في القوى المهيمنة على ثروات العالم والتي تحاول تفتيت الشعوب بكل الوسائل وتصنع لها خلافات مع أديانها وأحزابها العلمانية اليسارية الثورية ومع كل شيئ من شأنه يدعي الى التحرر والمدنية العادلة كما إنها تحاول إستغلال قضايا المرأة ليس للإنتصار لها بل لخلق إشكاليات وعوائق بينها وبين الرجل


3 - متى يكون الدين عائقا للشعوب
حكيم العارف ( 2012 / 9 / 16 - 13:48 )
الشعب متدين ام غير متدين .... هذا لايهم فى اداره البلاد

الاهم هو عدم استخدام هذا التدين فى التمييز بين الناس ... واستخدام السياسه فى سيطرة الدين و هذا هو الخلط فى التدين

هل
الدين يستخدم السياسه ...
ام
السياسه تستخدم الدين...

فى العصور المظلمه الدين استخدم السياسه (لحماية الدين) ... و بالتالى عندما سقطت السياسه الفاشيه لانها لم تتوافق مع الدين ( لانه ثابت) ..... فاخذ الدين جانبا ليترك السياسه تغير وتتغير تبعا للمواقف

ولكن اينما تلوث الدين بالسياسه و اصبحا كتله واحده ... فهذا يسقطهما معا عند الاصطدام بأول صخره للحقيقه

العالم الاسلامى اليوم يستخدم الدين لخدمه السياسه (الاغلبيه) ... و السياسه ايضات لخدمة الدين (حماية الدين) و هذا هو الخطاء


4 - الحق الإلهي في زعامة العالم
زاغروس آمدي ( 2012 / 9 / 16 - 14:22 )
لم اسمع بالحق الإلهي لحكم العالم إلا من المسلمين،وكان من الأفضل ان توضحي لنا أكتر على ماذا يعتمدون ليتزعموا العالم؟ وكان يمكن أن يكون تحليلك أكثر مصداقية لو أنك لم تذكري انك في أمريكا.


5 - خلط اوراق
Some 1 ( 2012 / 9 / 16 - 15:01 )
مقارنة مصر بأمريكا !!!!!!! غريييب
تخيلي معي .. ماذا لو امتلك المسلمون ما للغرب من أسلحة ؟

اما بالنسبة لأمريكا ، فمنذ خمسة عقود كاملة وهم يحاولون ان يقضوا على الدين لصالح الإلحاد من خلال التعليم والإعلام وغيرها من وسائل


6 - المال يتأتى من السلطة وهذه بدورها تجلب لهم الجنس
فؤاده العراقيه ( 2012 / 9 / 16 - 19:08 )

الف تحية وتقدير لعطائك لنا بين فترة واخرى
ترسيخ فكرة السمع والطاعة في العقول للأستحواذ على الشعوب وتضليلهم
واقصر الطرق هي هذه الجرعات التخديرية لهم
الأنسان طبعه طماع وهذه هي علته ما لم يعي الحقيقة حقيقة موته في يوم من الأيام
وستكون حينها حياته ومماته بلا معنى
لكني استغربت فكرة ان الشعب الأمريكي اكثر الشعوب ديانة
تعيشي لنا ويسلم قلمك الرائع دوما وابدا


7 - دمتي لنا صوابكي يفرحني
حميد کرکوي ( 2012 / 9 / 17 - 11:02 )
يا أخت نوال حقا كل ماقلتها ،الرأسمالية الشرسة هي لعنة الكون ألحقت بهذا الحيوان المفكر ،ياليت كانت هنالك فلسفة أخرى يقاوم هذه الجشعة الأنتحارية ، بعد ما أصاب حلمنا الأشتراكي الشيوعي بالتخاذل والأندحار ! وياليت هنالك عدالة وأخلاق أنساني يواسينا من مكر الأسلام والأديان المحمقة للعقل البشري!هذا وشكرا


8 - فعلا مصر ليست اكثر دول العالم تدينا
بشارة خليل قـ ( 2012 / 9 / 17 - 11:53 )
لكن المصري المسلم هو اكثر شعوب الارض تزمتا وتمسكا بمظاهر الدين ليس الا لذلك فالتمييز والعنصرية نحو الاقباط والبهائيين واليهود والشيعة وحتى الصوفية فاقت كل تصور والظلم من قبل السلطة والاضطهاد من قبل العامة من الزاوية الحمرا الى كنيسة القديسين في الاسكندرية
لماذا لا تقارني وضع الاقليات في امريكا ووضعها في بلدك؟
هل تهدم اوكار التآمر المسماة جوامع, في امريكا؟
هل المسلمين يقتلوا او يهانوا ويُفترى على عقيدتهم ويتم التحريض على الكراهية والعنف ضدهم جهارا نهارا وعبر الصحافة والتلفزة الحكومية؟ هل تحرق بيوت المسلمين وتنهب محالهم وتخطف بناتهم ويرغمون على المسيحية في امريكا فقط لانهم اسلام واقلية؟
هل يتم الاعتداء عليهم وبدل حبس المعتدين يتم توقيفهم هم بحجة حمايتهم من القتل؟
وما تفسيرك للتراجع في القيم وازدياد العنف والعنصرية والتمييز الديني منذ ما اتفقوا على تسميته بالصحوة الاسلامية؟
هل كل ما سبق غير واضح بالنسبة لك يا دكتورة؟


9 - الوسيلة الاكثر فعالية
عصام المالح ( 2012 / 9 / 17 - 12:53 )
الدين هو الوسيلة الاكثر فعالية ان لم تكن الوحيدة في جعل الشعوب تحت السيطرة لتقاد الى حيث ما تشاء قادتها.

اخر الافلام

.. 163-An-Nisa


.. السياسي اليميني جوردان بارديلا: سأحظر الإخوان في فرنسا إذا و




.. إبراهيم عبد المجيد: لهذا السبب شكر بن غوريون تنظيم الإخوان ف


.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله




.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446