الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


13 دقيقة هزت العالم الإسلامي .. هل يستحق الفلم كل هذه الضجة ؟!

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2012 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في العام 1989 ألّف الأديب الهندي البريطاني "سلمان رشدي" روايته الشهيرة "آيات شيطانية"، وفي العام 2005 رسمت مجموعة من الفنانين الدنمركيين رسوما كاريكاتورية لنبي الإسلام محمد، وفي هذا العام 2012 قامت مجموعة من الهواة في أمريكا بإنتاج فيلم قصير يسيء للرسول محمد، وفي الحالات السابقة كانت تعم المدن الإسلامية احتجاجات شعبية عارمة ومسيرات سخط وغضب، غالبا ما تتضمن أعمال عنف وحرق وتخريب، وهجوم على السفارات الأجنبية، وينجم عنها قتلى وجرحى وخسائر عديدة، فضلا عن التداعيات الأخرى الإعلامية والدبلوماسية.

بداية، لا جدال على أن حرية الرأي لا تبرر التطاول على الرموز الدينية للشعوب، وأنه لا يقبل أي مسلم بتوجيه أي إهانة لرسوله، ولكن هل مجرد رواية، أو بضعة رسوم، أو فيلم سينمائي يعد سببا كافيا لتلك الموجات العاتية من السخط والغضب ؟ وكيف تمتلك تلك الأعمال الصغيرة القدرة على تهييج المسلمين ؟ أم أن بعض الإسلاميين يخشون أن تهتز صورة الإسلام في أذهان أبنائه ؟ أم أن هناك أطرافا خارجية تدير اللعبة، فتثير الإعلام وتحرض الناس على الخروج ؟ مع العلم أن رفوف المكتبات تمتلئ بمئات الكتب والروايات والرسومات والأفلام التي يمكن اعتبارها مسيئة للإسلام، أو فيها تطاولا على النبي، أو حتى تجرؤ على االله. فلماذا لم يسمع بها أحد ؟! ولم تخرج مظاهرة واحدة تستنكرها ؟!

وإذا ما اعتبرنا أن ما يستفز المسلمين هو التعدي على الرموز الدينية فقط، فهنا ستثور حزمة أخرى من الأسئلة المحيرة: كم مرة داس الجنود الصهاينة المصحف الشريف تحت بصاطيرهم في السجون الإسرائيلية ؟ كم مرة أحرق الجنود الأمريكان صفحات من القرآن الكريم في معتقل جوانتنامو ؟ كم مسجدا أحرقه المستوطنون في الضفة الغربية هذا العام لوحده ؟ وقبل هذا ألم يحرق الإسرائيليون المسجد الأقصى، بعد أن احتلوه ودنّسوه ؟؟ وبعد ذلك استمروا في تهويد القدس ؟ فلماذا قوبل كل هذا بالصمت المريب ؟!

وإذا انتقلنا لمستوى استفزازي من المفترض أنه أعلى من مسألة احترام الرموز الدينية، فلنا أن نتساءل: ألم يقتل متطرف إسرائيلي عشرات المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي وهم سجود ؟؟ ألم يُنتَهك الشرف العربي بالمعنى الحقيقي والمباشر في معتقل أبو غريب على يد مجندة أمريكية معتوهة ؟؟ ألا يرى العالم الإسلامي الذل والهوان الذي يكابده الفلسطينيون يوميا على الحواجز!؟ ألم تجتاح الدبابات الإسرائيلية المدن الفلسطينية ؟ ألم تسقط بغداد أمام أعيننا وعلى الهواء مباشرة دون أن نحرك ساكناً ؟ ومن قبلها سقطت بيروت ؟ ألم تصبح أفغانستان والعراق في القبضة الأمريكية تسرح وتمرح فيها جيبات الهمر كيفما تشاء ؟ ألا يعتبر احتلال فلسطين وتدنيس المقدسات إساءة لمشاعر المسلمين ؟؟!! ألم يكن موت مئات آلاف العراقيين وأكثرهم من الأطفال بسبب الحصار كافيا لاستفزاز المشاعر الإسلامية ؟ ألم نخسر نصف السودان ؟ ألم يحزن أحد على ضحايا المجاعات في الصومال التي مزقتها حروب الطوائف ؟ ألا يكفي مسلسل القتل اليومي في سوريا لاستفزاز مشاعر المسلمين ؟ هل من الضروري أن يتم تصوير تلك المآسي والمخازي والهزائم في فيلم لكي يثور المسلمون ؟!

غريب جدا كيف نجح بضعة ممثلين مغمورين بتصوير مقاطع فيديو مدتها 13 دقيقة وبأسلوب بدائي سطحي، وبتكلفة لا تتجاوز مئات الدولارات، وتسميته فيلما، ورفعه إلى "اليوتيوب"، وهو عمل قمة في الابتذال والسخافة، ويصعب وصفه بالفني بأي مقياس، كيف نجح هؤلاء الحاقدون بتحريك العالم الإسلامي ودفعه إلى حافة الجنون ؟؟! فيما لم تحركهم أحداثا جسيمة، ولم تهزهم هزائم منكرة ؟؟

أجزم بأن أحد من جموع الغاضبين من جاكرتا إلى الرباط لم يشاهد الفيلم، ولم يشاهد أحد من قبل تلك الرسوم الكاريكاتورية، ولم يقرأ أحد رواية رشدي ؟! وكان سهلا على الإعلام في تلك الحالات فقط تثوير الناس واستفزاز مشاعرهم. ولولا ما أحدثوه من ضجة لبقيت كل تلك الأعمال الصغيرة في عالم النسيان،
ولما انتبه لها أحد، ولكنها - بفضل ذكائنا - صارت فيما بعد الأكثر مبيعا والأكثر مشاهدة.

وما يثير الريبة في الاحتجاجات الحالية أنها خلت تماما من دعوات مقاطعة المنتجات الأمريكية ! علما بأن الاحتجاجات السابقة على رسوم الكاريكاتير كانت تتركز على الدعوة لمقاطعة المنتجات الدنمركية، التي وصلت عند البعض حد التحريم ! ألا يعني ذلك أن تلك الموجة الغاضبة ضد الدنمارك كانت مجرد هبة عاطفية صُبت في مصلحة حرب تجارية كانت تقودها وتؤججها الولايات المتحدة لخدمة أهدافها ومصالحها ؟

والغريب أيضا هذه المرة، أن من هجموا على السفارات الأميركية، هم من يقفون طوابير أمامها طلبا للهجرة إليها، ومن أحرقوا مطاعم الوجبات الأمريكية هم من يتلذذون بها في الأيام الأخرى، ومن يسبونها نهارا هم من يفضلون صناعاتها على غيرها ليلا، الا يُعد هذا تناقضا وانفصاما في الشخصية ؟!
وبدلا من أن يوظف المسلمون ما حدث بإظهار الفلم كجزء من ممارسات عنصرية دأبت عليها دوائر الغرب، حصل العكس؛ حيث استفادت أمريكا مما حدث على المستوى الإعلامي، وعززت قناعات العالم بأن حربها المزعومة على الإرهاب مبررة، وأظهرت الجانب الغوغائي والهمجي في تصرفات المتظاهرين، سيما وأنها جاءت في ذكرى 11 أيلول، وكانت ذروتها مقتل السفير الأمريكي في ليبيا.

أما على المستوى الاستراتيجي، فصار واضحا لدى المخططين وصناع القرار ما يستفز المسلمين، وما لا يستفزهم، وأن بإمكان أمريكا المضي قدما في مشروعها الإمبريالي شريطة أن لا تتبنى أي فيلم، أو تدافع عن صورة فيها إساءة للرسول.

هل راكم العالم الإسلامي تلك الإهانات في ذاكرته ؟ وهل تنبه هذه المرة، وبدأ يصحو ويعبر عن غضب حقيقي ؟ وهل يرى بوضوح المصائب والمخاطر التي تحيط به من كل الاتجاهات ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الواثق فى نفسه لاتهزه 10000 دقيقه
حكيم العارف ( 2012 / 9 / 16 - 11:44 )
الكذب ينتشر فى بلاد الفقر والجهل والاجواء المريضه او التى لاتبحث او تحاول المعرفه..

وهذا الجهل لن يدوم طويلا فى عصر التكنولوجيا

عصر التكنولوجيا يكشف كذب و زيف وضعف الاديان التى تعتبر نفسها الافضل..

و مهما حاولوا تغطية الدين وتحجيب الراى عن الظهور ... فلن يمكنهم ذلك طويلا ..

عدم وجود ردود يسبب لهم حاله من الهياج و فقد التوازن والضعف وعدم القدره على التصرف .

الاسلام يحاول الدفاع عن نفسه بشئ اسمه الاعجاز العلمى ... و هذا لم يفلح ... لان معظمه كذب مفضوح

الاسلام يحاول الدفاع عن نفسه ايضا بشئ اسمه ترجمات معانى القران ... و هذا ايضا لم يفلح .. لان الترجمات المقدمه للغرب لاتعكس معانى القران الحقيقيه ... و هى كذب يفضحه الشيوخ الذين تركوا الاسلام .. لان الدين الحقيقى لاينصر بالغش و التدليس

الاسلام يحاول تجميل صورته فى اعين الغرب بتقديم هبات للحكومات على ان يدرس ان الاسلام دين سلام و محبه ... و هذا ايضا لم يفلح لان طابع المسلمين غلاب على تطبعهم .. و يظهر هذا فى ثوراتهم وهمجيتهم.

اعتقد ان العالم الان ابتداء فى معرفة الاسلام جيدا ... وذلك لن يكون فى صالح الاسلام


2 - تعاليم الأسلام هي السبب.
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 9 / 16 - 13:18 )
إنّ تعاليم الأسلام هي السبب في هذه الهمجية.

فالمسلم يتربى منذ طفولته بأن غير المسلمين يكرهونه، لا لشيء سوى لأن دينه هو الصحيح ونبيه أشرف الأنبياء،

فقد ورد في القرآن،( ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)، ويعتبر المسلم ذلك حقيقة مطلقة،

في حين إنها كذب، لأن الديانة اليهودية لاتقبل غير اليهودي أصلاً، والمسيحية لاتقبل غير الذي يقبل هو بنفسه أولاً السيد المسيح مخلصاً في حياته.

وجاء في القرآن أيضاً ( ولن تجدن من المؤمنين يوادون من حابا الله ورسوله، من آبائكم وإمهاتكم وإخوانكم ..إلخ)

أي على المسلم أن يكره حتى أمه وأبيه وأخيه وأقاربه لو كانوا غير مسلمين!!!!

ما هذا البغض وما هذا العداء، في تعاليم الأسلام، التي يسمونها السمحاء؟؟؟

عدا آيات; إقتلوا المشركين حيثما وجدتموهم...التوبة٥.
وحديث; أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لاإله إلا الله وإن محمد رسول الله;

وهناك الآلاف من الآيات وألأحاديث العدوانية.

إذن ماقام به المسلمون يعكس حقيقة عقيدتهم الأسلامية.

لأن حياة الشعوب إنعكاس لعقائدها الدينية.

تحياتي.



3 - الحكيم العارف
عبد الغني سلامه ( 2012 / 9 / 17 - 07:11 )
أخي الحكيم العارف
أجمل تحية
بالفعل من كان واثقا بنفسه لا تهزه أحداثا صغيرة ولا كبيرة
ولكن الفلم أظهر مدى هشاشة الإيمان لدى الكثيرين
وبين أن المشايخ ورجال الدين ينتظرون مثل هذه الفرص لتهييج العامة والدهماء وكسب مزيد من التأييد الشعبوي بأسلوب طائفي تحريضي مبتذل
تقبل مودتي أيها الحكيم


4 - تعاليم الوهابية
عبد الغني سلامه ( 2012 / 9 / 17 - 07:15 )
أخي محمد البغدادي المحترم
أجمل تحية
أشاركك الرأي أن فهم الإسلام على هذا النحو العنيف والبدائي بعد أن جردوه من مضامينه الحضارية وجمالياته الروحية وجعلوا منه مجرد أداة للعدوان ... من الطبيعي بعد ذلك أن يأتي المتأسلمون بأعمالهم الهمجية وأفكارهم المغلقة
شكرا على مرورك


5 - الاسلام دين تسامح رغم كره البغدادي وغاياته
لطيف حبيب ( 2012 / 9 / 17 - 20:17 )
الاسلام هو دين العدل والسلام وهو دين اعترف بالديانات السابقة له لأن مصدرها رب واحد هو الله ففي الحديث ولما سئل النبي عن معنى الإيمان قال: {أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر, وتؤمن بالقدر خيره وشره}(رواه مسلم والبخاري). فنحن نؤمن بالله وبموسي وعيسي وكل انبياء الله والاسلام دين كفل الحريات (لا إكراه في الدين) وقول الله تعالي في الاية : ( ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم ) هي آيه تبين للمسلمين نهج التعامل مع اصحاب العقائد الاخري علي المستوي التشريعي لا علي مستوي التعامل المدني فبالرغم من ان الاسلام اقر التشابه بينه وبين الديانات السابقه من حيث الايمان بالله الا انه وضح خصوصيه التشريع فيه ومهد لها حتي يتبين لإتباع دعوته الفرق التشريعي كما تبينه ايه أخري (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) والايه توضح بروتوكولات التعامل وإن من يتعدي علي الدين والارض فلا بر له فاختر أين تضع قدمك ولتتحمل نتائج خياراتك

اخر الافلام

.. جون مسيحة: مفيش حاجة اسمها إسلاموفوبيا.. هي كلمة من اختراع ا


.. كل يوم - اللواء قشقوش :- الفكر المذهبي الحوثي إختلف 180 درج




.. الاحتلال يمنع مئات الفلسطينيين من إقامة صلاة الجمعة في المسج


.. جون مسيحة: -جماعات الإسلام السياسي شغالة حرائق في الأحياء ال




.. إبراهيم عبد المجيد: يهود الإسكندرية خرجوا مجبرين في الخمسيني