الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سورية و معركة الامعاء الخاوية......لماذا؟

احمد عسيلي

2012 / 9 / 17
المجتمع المدني


لماذا اقدم بعض الناشطون و المثقفون السوريون كلويز عبد الكريم و ريما فليحان و منهل باريش و غيرهم الكثير على الاضراب عن الطعام والاعتصام امام المنظمات الدولية و ما جدوى واهمية هذا الفعل في ظل ارتفاع صوت طائرات الميغ الذي يصم الاذان كلها و يجعل العين محدقة فقط على صورة المعارك الدائرة في حلب و حمص و ادلب و الدير بين الجيش الحر و جيش النظام
و هل من جدوى لهذا الاضراب في ظل تلك الظروف؟
لمحاولة الاجابة عن هذا السؤال و قراءة طرق التفكير التي اوصلت هؤلاء الناشطين الى الاقدام على هذا الفعل يجب ان نلقي نظرة سريعة و خاطفة على سير الاحداث في سوريا و التي اوصلتهم –اوصلتنا(باعتباري احد المشاركين في هذا الاضراب) الى الاقدام على هذا الاضراب
..........................................................
مرت سوريا بالفترة الواقعة بين عام 2005 و 2011 بحالة ركود سياسي رهيب اثر ازدياد حالة القمع التي فرضها النظام السوري على شعبه....ووصلنا الى لحظة اعتياد الشعب السوري على هذا القمع بل و الرضى به بشكل ما و كأنه حالة قدرية لا امل في الخروج منها ...و اصبح الامل كل الامل على بعض الحريات السياسية او بعض الانفراج الاقتصادي الذي يمكن ان يجود به النظام منة و فضلا منه....وانقلبت العلاقة بين السوريين و النظام من علاقة شعب-سلطة الى علاقة عبد-سيد و تغلغل مفهوم هذه العلاقة حتى على بعض الكلمات التي اصبح يستخدمها السوريون ....ككلمة (منحة كريمة) التي تطلق على الاضافة على الراتب الذي تمنحه الحكومة للموظف السوري اثناء بعض المناسبات الدينية او الوطنية....
و اصبح الانقسام بين الشعب و السلطة واضحا جدا بحيث ان كل مجموعة تعيش بمعزل عن الاخر....و رغم بعض المحاولات التي قام بها بعض الناشطين لحلحلة هذا الواقع المؤلم لكن الظروف الداخلية و الخارجية حالت دون احراز اي تقدم ملحوظ في حلحلة هذه العلاقة....و اعلان دمشق خير مثال على ذلك...فرغم القسوة و العنف الذي قابلت به السلطة نداء بعض المثقفين لإلغاء حالة الطوارئ و اصدار قانون للأحزاب....فان الشعب لم يتحرك ابدا و كأن ما تعرض له هؤلاء المثقفين في بلد او كوكب اخر
طبعا لا احد يعتب على الشعب السوري في تلك الفترة لان الة القمع كانت رهيبة و المخابرات السورية كانت ممسكة برقاب الجميع
........................................................................
مع اندلاع الثورة التونسية و من ثم المصرية و سقوط هذه الانظمة بسرعة خيالية بفعل المظاهرات و الاعتصامات بهر السوريون و واعتقدوا ان بإمكانهم تكرار التجربة التونسية او المصرية فخرجوا بمظاهرات حاشدة الى الشوارع,
واجه النظام بالبداية هذه المظاهرات بعنف شديد لكن متوقع في ظل تجربة الثورة التونسية و المصرية.......و بالتالي كان سقوط الشهداء الثلاثة الاوائل في درعا و من ثم دوما متوقعا كثمن لهذه الحرية
و مع امتداد هذه المظاهرات الى حمص و قيام السوريون في حمص بأول اعتصام في الساحات بما سمي (اعتصام الساعة)..حيث تجمع حوالي العشرين الى الثلاثين الف في اكبر ساحات حمص و معهم المأكولات و المشروبات بما يكفي عدة ايام......لكن النظام ارتكب وقتها اول و اقسى رد فعل و قام بإطلاق النار العشوائي على هذا الاعتصام و قتل العشرات وتم تفريق هذ الاعتصام بهمجية مفرطة ادت لاحقا الى ردة فعل عنيفة من الحماصنة
و معروف عن اهل حمص طيبتهم و حبهم للحياة و المرح.......حتى ان حمص هي رمز النكتة و الضحك في سوريا.......و هذا يعرفه الجميع لكن العنف المفرط و الشحن الطائفي المفرط من قبل النظام دفع الحماصنة الى افعال كانوا ابعد ما يكونوا عنها
...............................................................
وصلنا الان الى ما وصلنا اليه و حدثت الانشقاقات داخل صفوف الجيش و حمل بعض المدنيين السلاح و تشكل الجيش الحر و دارت المعارك بينه و بين الجيش النظامي واصبحت سوريا كما هي معروفة الان من ارتفاع صوت السلاح و استمرار المظاهرات و التي اصبحت اكثر خطورة لان النظام انتقل من حالة اطلاق النار على المتظاهرين الى اطلاق مدفعية الدبابات ووصلت اخيرا الى قصف المظاهرات و الجنازات بالطيران الحربي كما حدث في زملكا مثلا
و هكذا اصبح السوريون بين ثلاث خيارات
اما حمل السلاح و المشاركة في المعارك او الخروج في المظاهرات اليومية و اما الجلوس في البيت او ربما مغادرة البلد و الاكتفاء في الامل و الدعوة بالنصر
طبعا حمل السلاح او حتى الخروج بمظاهرات هو فعل جريء جدا و بطولي جدا و ليس باستطاعة الجميع الاقدام على حراك كهذا الحراك.....فالمسلح او المتظاهر يخرج من البيت و احتمالية عدم الرجوع اليه قوية جدا و من هنا رجعنا الى الوضع السياسي و المدني الشبيه بحالة 2005-2011
و ذلك من حيث مغادرة الكثير من السوريين لحالة الحراك المدني لكن مع فارق انه في الحالة الاولى نتيجة السكونية الشديدة و الحالة الثانية نتيجة العنف الشديد و كلاهما طارد للحراك المدني
و هذا عائد طبعا الى طبيعة النظام السوري.....فهو غير قابل للتعامل مع الشعب الا في تلك الحالتين المتطرفتين و التي تتناسب مع اسلوب تفكيره و نظرته للعلاقة مع الشعب
...................................................................
في ظل تلك الحالة التي وصلنا اليها اقدم هؤلاء الناشطين و المثقفين على الاضراب عن الطعام كشكل من اشكال الحراك المدني و السلمي من اجل التأكيد على اهداف الثورة السورية من جهة في اعادة الحراك المدني الى سورية و من اجل التضامن مع مئات الالوف من النازحين السوريين في الداخل و الخارج و الذين يعيشون ظروف مأساوية من حيث مستلزمات الحياة الطبيعية و هي رسالة ايضا الى هؤلاء النازحين بوحدة الشعور فينا كسوريين....و بوحدة المصير و هذا هدف اساسي من اهداف الثورة السورية و التي انطلقت تحت شعار
واحد واحد واحد..............الشعب السوري واحد
و ربما اصبح الكثير من السوريين يقرؤون هذا الشعار بشيء من الحسرة نتيجة الانقسامات العنيفة في سورية و استمرارية بعض السوريين في الحض على القتل و الارهاب.....لكن يبقى دور المثقف و الناشط السياسي هي اعادة التقويم لمسار التاريخ و عدم فقدان الامل بالروح الطيبة لدى شعبه
.....................................................
لا نستطيع ان ندعي ان هذه الخطوة ستسكت صوت السلاح او تلغي دوره او حتى انها ستؤثر تأثيرا دراماتيكيا في الرأي العام المحلي او الدولي بل هي فقط من اجل ايجاد مكان للحراك المدني و السلمي و بحالة لا تشكل خطر على المشاركين بها في ظل خطورة الاشكال الاخرى......و لأنها واحدة من الحالات القليلة المتبقية لنا من اشكال هذا الحراك, فلا ننسى ان كل الاشكال السابقة من اضراب الاسواق الى السير في شوارع معينة بلباس معين جميعها قوبلت بهمجية مفرطة و أدت الى خسائر بشرية و اقتصادية فادحة,
هذا ما نأمله من اضرابنا عن الطعام..........و هذه هي رسالتنا من خلال هذه المساهمة
و ارجوا من جميع من يقتنع بأهمية هذا الحراك سواء كان من السوريين او من غير السوريين ان يشارك في هذا الاضراب كرسالة تضامن مع شعب يواجه اقسى الة عسكرية عرفها العصر الحديث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمل كلوني: شاركت بجهود قانونية في قرار اعتقال كبار قادة إسرا


.. ما هي عواقب مذكرات اعتقال الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالا




.. عقبة أمام -الجنائية الدولية- حال صدور قرار اعتقال لقادة إسرا


.. ضابط شرطة أميركي يشعل سيجاراً أثناء اعتقال مشتبه




.. بايدن: ليس هناك تكافؤ بين إسرائيل وحماس ونرفض تطبيق المحكمة