الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يقود الأنتحار الى الجنة ؟

زاهر الزبيدي

2012 / 9 / 19
المجتمع المدني


يحكى أن رئيس إحدى البلديات لأحد المدن اليابانية كان قد أنتحر! .. وليس بغريب على اليابانيين ثقافة الأنتحار تلك ، فهم أول من أوجدوا تلك الثقافة التي تمثلت بدافع الشرف وكوسيلة اعتذار وتكفير واستعادة الاحترام فرغم ان هزيمة اليابان باتت مؤكدة فى نهاية الحرب العالمية الثانية إلا إن هجمات الطيارين الانتحاريين " الكاميكازى " لم تتوقف على السفن الامريكية ..ليس على أمل تغيير مجرى الحرب بل تكفيراً عن فشلهم فى صد الهجوم و تقديم واجب الاعتذار لشعبهم .. فمن أغرب قصص تلك المرحلة والمؤثره جداً أن أحد الطيارين كان متزوج وكان التطوع يشترط ان يكون الطيار أعزب وصغير السن فذهب يبكى حزناً فقامت زوجته بإغراق نفسها مع بناته الثلاثه حتى لا تعوق رغبته فى الفداء !!
ونعود على ما بدأنا به من قصة ذاك الرجل ، فبعد كارثة زلزال مدينة كوبي اليابانية ( فناء المدينة ، عام 1995 ، خلال 20 ثانية ، 7.3 درجة / ريختير، 6400 قتيل ، بخسائر قُدرة بـ 100 مليار دولار ) ، وُجد رئيس بلدية المدينة منتحراً وهو معلق في إحدى الأشجار وقد ترك رسالة يقول فيها ( المسؤول الذي يعجز عن إيصال خدمة مياه الشرب لأبناء مدينته إثناء كارثة وطنية كهذه لا يستحق الحياة ) !!
لقد لاحظ زملائه أن الرجل وخلال تقديمه للخدمات للعوائل الناجية والمنكوبة انه كان شديد البكاء وكان يعمل بجد ليل ونهار طيل فترة الكارثة ولم يعرف احد سبب البكاء لكنة شوهد بعد ان قام بواجبة الوظيفي في ذلك اليوم بإجراء مراسم تقليدية بسيطة لدفن زوجته التي تأخر البحث عنها بسبب الأوليات لأنه قدم المساعدة للآخرين وبعدها اهتم بعائلته .. ولكنه فشل في أيصال المعونات المادية لأسر من المدينة .
لقد كان الأنتحار لغرض تقديم الأعتذار لتلك الأسر التي فشل في إيصال المعونات لهم .. قبل أكثر من ربع قرن على تلك القصة ولكنها كباقي الدروس اليابانية الذي قدمت للأنسانية معان جمة عن مدى تعلق المسؤولين بمسؤلياتهم وكم هم أمناء عليها .. وليس بآخره إنتحار وزير المالية الياباني .. ليس لكونه سرق .. ولكن لوجود مشكلة عائلية قرر على أثرها أن ينهي حياته منتحراً مع إعتذاره لعائلته ولحكومته .
أكثر من ربع قرن وما قبل ذلك .. نقف مذهولين ، احياناً ، مما يحدث في اليابان وكأن هناك نوع آخر من البشر .. مختلفين كنا كثيراً ، وفي كل شيء ، في المعاملات اليومية بينهم في أخلاقهم العامة في احترامهم للأخرين في ايثارهم وطنهم على انفسهم ، في قصص جمة ، نرى مدرسة للأخلاق .. لسنا بغريبين عنها إذا ما أحسنا إسلامنا ولكننا ما إن غفلنا عنه حتى تردى حالنا .. وساءت مقادير الحياة لدينا .
ففي العراق اليوم .. كم مدينة أو قرية ، ونحن لسنا في كارثة والحمد لله ، لا تصلها الخدمات .. وكم منطقة قاطعتها الكهرباء ومن زمن طويل .. وكم عدد العاطلين وكم عدد الأرامل .. وكم وكم وكم ... ولا أحد ينتحر ولا أحد يستقيل حتى .. نموت يومياً .. أو حتى يقترب الموت منا أقرب من أوردتنا .. ولا أحد يُسقط دمعة .. نساء واطفال تأكلهم عفاريت الأرهاب .. ولا أحد يستقيل .. ولا أحد ينتحر .. تصيبنا الفاقة ويغرق سبعة ملايين منا في الفقر ولا أحد يقدم إعتذاره .
فماذا لو أصابتنا كارثة ، لا سامح الله ، أعتقد أن من سيموتون من نقص الخدمات وعدم وصول المعونات أكثر ممن سيموتون بسبب الكارثة .. لكون الفساد سيكون شاخصاً في التوزيع .. وستفضل طائفة عن طائفة .. وقد يقتل بعضنا البعض من أجل لتر من الماء .. وسوف لن يكون رجل كرئيس بلدية كوبي يوزع المعونات .. فكلهم ، رؤساء البلديات والمسؤولين ، سيكونون هناك في أعالي البحار وفي دول الجوار يتمتعون بالغنيمة التي غنموها من جلودنا .. ولكنهم قد يشاهدون شاشات الفضائيات ، ليعرفوا كيف تركونا في خضم كوارثنا .. نعاني معهم .. وبدونهم.
انا لا أعرف رئيس بلدية كوبي ، ولا أسمه حتى ، ولكن هل سيذهب الى الجنة؟ .. أعتقد ان الله سيخلق لهم جنة خاصة بهم ، إولئك الذين لم يسلموا .. لأنهم يعرفون الله ..أكثر حتى مما نعرفه نحن ، فهم يعبدون الله بأفعالهم ونحن عبدناه بأقوالنا .. فالويل لنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خطيتهم ب ر قبتك
ali ahmed ( 2012 / 9 / 19 - 14:05 )
سيدي الكاتب هذه المقالة خطرة جدا وليس وقتها لانها سوف تحرك مشاعر المسؤوليين والبرلمان وبما انه احاسيسهم رقيقة تجاه شعبهم وضميرهم دائما حي يرزق فهذه المقالة سوف تحثهم على الانتحار السريع لخدمة بلدهم لانهم ولسنوات عديدة لم يقدموا شي يستحقوا البقاء لاجله وبما انهم كول وفعل فالانتحار اكيد
رحم الله امروءا عرف قدر نفسه
انى لله وانى له راجعون

اخر الافلام

.. غانتس: لا تفويض لاستمرار عمل الحكومة إذا منع وزراء فيها صفقة


.. شبكات | الأمم المتحدة تغلق قضية وتعلق 3 في الاتهامات الإسرائ




.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل


.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800




.. مصادر إسرائيلية: نتنياهو خائف جدا من احتمال صدور مذكرة اعتقا