الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تديين الدولة

احمد داؤود

2012 / 9 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يؤيد كثير من المتدينين فكرة ـ تديين الدولةـ ويسعون الي اعادة تشكيل المجتمع حسب دياناتهم او معتقداتهم .ويناهضون بشدة فكرة ـ ان الوطن للجميع ـ وبحجة الاغلبية الساحقة يرفضون الاعتراف بالاخر المختلف ،ولايمنحونه في ذات الوقت الفرصة الكافية ليعبر عن ذاته او يمارس طقوسه وشعائره الدينية .
والدين عند هؤلاء هو ذاك الذي يعتنقوه ،اما معتقدات الاخرين فهي ليست سوي رجس وكفر .ويصبغ ذات الاشخاص كافة صفات الخير والمشروعية علي انفسهم ،بينما يصفون كل من يختلف معهم بابشع الصفات.
والمتابع للاوضاع يري بان مثل تلك الاصوات في ارتفاع مستمر ،ففكرة تديين الدولة هي جل مايشغل بالهم ،ومالم تقام دولتهم الدينية فانهم يستهدفون المنشاَت العامة،ويقتلون الابرياء من الاطفال والعجزة والنساء،وينتهكون كرامة الانسان ويستأصلون ذاته .والغاية عندهم تبرر الوسيلة ،وطالما ان الدولة ليست دينية او هي كافرة حسب تعبيرهم فان القتل والارهاب سيستمر حتي تتحقق الغاية العظمي حتي لو بالجلوس علي جماجم الاطفال .وقتل مئات الاطفال لايسوي شيئا مقارنة بتطبيق شرع الله .ولكن يبرز السؤال مامدي مشروعية فكرة تديين الدولة؟.
كثيرا ما اعلنت في بعض مقالاتي بان الوطن للجميع بيد ان الدين خاص بمن يعتنقه او يؤمن به.كما انه لايوجد دين عالمي او جامع لكل الاقوام ،اضف الي ذلك فانه لاتوجد دولة ما او وطن خاص بقوم بعينه ،فاغلبية دول العالم ان لم يكن جلها تذخر بعدة اقوام وثقافات ومعتقدات؛ ومثل هذا التعدد والتنوع يمنع قيام دولة حسب اسس ومعايير دينيةـ لماذا؟
_اولا: حينما تقام الدولة حسب معايير دينية او تختزل ذاتها في دين محدد فانها قد تتسبب في اقصاء اصحاب المعتقدات والاديان الاخري ،وهنالك نماذج كثيرة تثبت ذلك . ويتبع هذا الاقصاء حرمان من الكثير من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية .وتكون المواطنة في ظل تلك الدولة حسب معاييردينية وعرقية ومثل هذا لا يتقبله العقل والمنطق.
_ ثانيا: اذا ما تم تديين الدولة او الحكومة فانه سيتحتم علي الطبقة الحاكمة ان تختار ما بين احتواء و استيعاب الاديان والمعتقدات الاخري ،او الاعتراف بهم .والتاريخ يخبرنا استحالة القبول بالخيار الثاني وخاصة ان كانت تلك الطبقة تتسم بالتطرف والتشدد. وعدم القبول و الاعتراف قد يودي الي التناحر مما يؤدي الي فشل الدولة وتمزقها.
_ ثالثا: ان الدولة غير ملزمة بادخال مواطنيها الي الجنة حسب تعبير الكاتب سيد القمني ،كما ان الذي يدخل الجنة هو الانسان وليس الدولة حسب مايذهب الدكتور جون قرنق ،وطالما انها غير ملزمة بادخال الناس الي الجنة ،فانه لايحق لها ان تقسر الاخرين لاتباع تعاليم دين بعينه او يديرون حياتهم وفق شريعة او ايدلوجية دينية تتعارض مع رغباتهم.
ورغم ان الداعين الي تديين الدولة قد يحشدون عدة مبررات لاثبات وجهة نظرهم ،الا انها لاتستطيع ان تدحض فكرة عدم مشروعية تديين الدولة الا اذا كانوا يهدفون الي فعل ذلك بالقسر والاكراه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل الأديان والأساطير موجودة في داخلنا قبل ظهورها في الواقع ؟


.. الأب الروحي لـAI جيفري هنتون يحذر: الذكاء الاصطناعي سيتغلب ع




.. استهداف المقاومة الإسلامية بمسيّرة موقع بياض بليدا التابع لل


.. 52-An-Nisa




.. 53-An-Nisa