الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كانت الإساءة للأديان شيء مرفوض , فهل نقدها مسموح ؟

طلال سعيد يادكار

2012 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لاشك ان النقد شيء محمود والاساءة شيء مذموم في كل شيء وفي كل نواحي الحياة اليومية . والنقد في اللغة وكما جاء في لسان العرب ( تمييز الدراهم واخراج الزيف منها ) فمعنى النقد واضح ويمكن تطبيقه على كل شيء. ولكن يبقى موضوع المسألة الدينية والايمانية والمقدسات التي يؤمن بها البشر بعيدة عن النقد ! لأن النقد للدين ولرمزه في الغالب يعتبر اساءة في نظر المتدينين , حتى لو كان النقد على أسس علمية ومنهجية بحثية دقيقة ! والسبب يكمن في ان البشر نمطيي التفكير فيما يتعلق بالدين , أي أن تفكيرهم هو تفكير الجماعة ! والنطاق الفكري لديهم نطاق محدد سلفا ولايتجاوز التفكير العام لتلك الجماعة أو يشذ عنها !

من الملاحظ ان 99 % من البشر وخاصة في مجتمعاتنا يتوارثون معتقداتهم الدينية من العائلة والمجتمع ويتم تلقينهم منذ الصغر بمبادئ وطقوس وشعائر الدين المتبع من قبل الأبوين ! وكنتيجة للتقليد والتكرار الببغائي والاكراه في بعض الاحيان يشب الطفل على ذلك الدين بدون أختيار وبدون ارادة حرة واعية لأن عقله لم يكتمل بعد لكي يصبح جاهزا للاستخدام ! وحتى بعد اكتمال العقل ونضوجه وتمييزه يكون الاوان قد فات لأن التقليد الاعمى والتكرار الاجتراري للطقوس الدينية لسنوات يغلب العقل ويغلف البصيرة بهاله من تلك القداسة التي يصور للعقل بأنها الحقيقة المطلقة !

والعقل البشري كسائر أعضاء الانسان الاخرى كالعضلات مثلا يحتاج الى تمرين لتقويته وتعويده على التفكير المستقل وخاصة بما يتعلق بالدين بطريقة جديدة غير تقليدية ! والتفكير لايبدأ الا عندما يكون هناك حافز ودافع للمعرفة ! ربما يكون الحافز ذاتيا نابعا من داخل الانسان نفسه , وفي أحيان كثيرة يكون الدافع خارجيا من خلال التساؤلات التي تطرح حول مسألة ما ! فيبدأ العقل بالتحليل والتعليل والتفكير المستقل الذي يحتاج الى جهد كبير , يصل في بعض الاحيان الى صراع داخلي لدى الانسان وخاصة عندما يكون هناك تناقضات لايمكن تبريرها او اجتنابها ! ثم يبدا بعد ذلك مرحلة الحوار الداخلي للانسان ( المونولوج ) وخاصة عندما يكون منفردا ومنعزلا بعيدا عن الجماعة ! ولهذا نرى الاديان بصورة عامة تحث معتنقيها على الالتزام بالجماعة وممارسة الشعائر والطقوس بشكل جماعي والتي هي عادة تشبه عملية تنويم مغناطيسي لإبقاء الأفراد مرتبطين ومنقادين فكريا لتلك الجماعة ! ومرحلة الحوار الذاتي او الداخلي للانسان هي مرحلة الشك والتي هي أساس المرحلة التالية والتي هي مرحلة ( الدايلوك ) الحوار مع الاخر واعلان الرأي والفكر بشكل علني وصريح !

وتبقى مسألة الايمان لدى غالبية البشرمسألة تسليمية وعاطفية ولا تخضع أوبمعنى أصح لايخضعها البشر , بارادتهم الحرة الواعية, للعقل والمنطق وللبحث والتمحيص ! مع ان تلك الارادة الواعية للبشر تخضع للعقل نفسه ! أي بمعنى أن العقل يتم تغييبه وتعطيله اراديا ! ولكن تلك الارادة في تغييب العقل وتعطيله تنعكس تماما عندما تتعلق بنقد الاديان الاخرى ! فنرى العقل ينشط ويعمل بكل قواه وبدون حدود عندما يتعلق الامر بطقوس وشعائر وتعاليم دين أخر! وهذا بحد ذاته دليل على ان العقل البشري ليس له حدود وليس له خطوط حمراء , بل ان تلك الخطوط الحمراء توضع من قبل رجال الدين للحفاظ على قدسية الدين وقدسيتهم ومصالحهم الشخصية التي سيفقدوها اذا تم معرفة الحقيقة !

فكل صاحب دين ومعتقد عندما ينتقد الديانات الاخرى نراه يتفنن في استعمال العقل واساليب المنطق والمحاججة العقلية والفكرية ويغييب مسألة ( التسليم والانقياد ) للأوامر الدينية المقدسة لدى الطرف الاخر! ولكنه في الوقت نفسه لايستعمل ويتجنب أصلا ولايقبل ولايرضى استخدام نفس العقل ونفس اساليب المنطق والتفكير في نقد دينه هو , ويعتبر الدين ( دينه فقط) أمر مسلم به ولا يجوز استعمال مقاييس العقل البشري في أمر ذلك الدين ! لأن العقل البشري وكما أسلفنا (وحسب اعتقاد صاحب الدين ) محدود ولايمكنه الاحاطة بماهو غير محدود كالامور الروحية والغيبية المتعلقة بدينه هو !

فهناك تناقض واضح من قبل أصحاب الديانات من حيث مواقفهم العقلية والمنطقية فيما يتعلق بدينهم وفيما يتعلق بالديانات الاخرى ! فالكل يتبعون نصوصهم المقدسة المنقولة ويعتبرونها الحقيقة المطلقة ولا يسمحون بنقدها , حتى وان كانت تلك النصوص لاتتناسب مع البعد الزماني للبشر وغير معقولة وتتعارض وتتناقض جذريا مع العقل والمنطق السليم ! فعلى المتدينين اذا أرادوا ان يكونوا منصفين مع أنفسهم ومع الأخرين أما أن يقبلوا نقد دينهم أو أن يتوقفوا عن نقد الأديان الاخرى !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسان بن بيئته
بلبل عبد النهد ( 2012 / 9 / 20 - 08:18 )
نعم الانسان بن بيئته فاذا سالت اليهودي يقول لك ان اليهودية هي الدين الصحيح وكذالك المسيحي او البودي او المجوسي او الاسلامي او الوثني وما الى ذالك لكن الدين يشكل خطورة عندما يفرض على الانسان فرضا فلو ان مسلما اراد ان يكفر بالاسلام ويغيره لدين اخر او الى الالحاد يعتبر مرتدا يجب قتله رغم انهم يقولون لا اكراه في الدين اليس هذا تناقضا يجب انتقاده


2 - تحليل متحضر ومستنير وعاقل ومنطقى
مـينا الطـيبى ( 2012 / 9 / 20 - 14:00 )
سيدى الفاضل اقدم لك شكرى وامتنانى بشخصك وبكتابتك لأننى من خلالها عرفتك واعتقد ياعزيز ايضآ عندما يفقد الأنسان ايمانه بما يعتقد او هناك شىء غامض لايفهمه فى معتقدة او ربما هناك ايضآ شىء لا يتوافق مع عقله او مع انسانيته فيكره هذا الدين وعليه ان يلحد او يتخذ مسار الى دين آخر واذا جروء على ذلك عليه ان يكون حذرآ (اذا كان مسلمآ بالذات لأنه يقتل بشرع العقيدة نفسها ) والجزء الذى تتحدث عنه الذى لا يرغب فى نقد دينه هو ايضآ الذى تملأه الهواجس والشكوك بمعتقدة وربما يصل الى كراهيته لدينه وبما انه لا يستطيع الخروج منه لظروفه وظروف الجماعه التى حوله كما ذكرت سيادتكم ماعليه الا ان يدافع عن هذا الدين ويكرة من ينقده او يسىء اليه لأنه لايمتلك القناعه الحقيقيه بما يؤمن ونرى ذلك فى الهمجيه التى قام بها كثير من هؤلاء وقاموا بقتل الأبرياء واخذوا يحاربون اهلهم فى الوطن . وعلى العكس عندما نجد البوذين عندما هدمت تماثيل بوذا فى افغانستان لم يفعلوا اى شىء تجاه ذلك . والأقباط يوجد 5 افلام مسيئه للمسيح ولم يعترضوا وهناك 100 قناة اسلاميه فضائيه فى مصرتسىء وتسفه بهم وبمعتقدهم ولم يتكلم احد فهل نسأل انفسنا لماذ؟

اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah