الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القوائم النسوية في انتخابات المجالس المحلية

ريما كتانة نزال

2012 / 9 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


بعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة للترشيح، أعلنت لجنة الانتخابات المركزية عن اعتماد مائة وواحد وثمانين مجلسا بالتزكية، كونه لم يقدم في كل منها الا قائمة واحدة مكتملة العدد. لقد بلغ مجموع القوائم المقدمة خمسمائة وتسع وأربعين قائمة في مائتين وتسعين دائرة انتخابية اي بمعدل قائمتين للدائرة الواحدة، بينما امتنع واحد وخمسون مجلسا عن تقديم أي قائمة.
قبل الوصول إلى العشرين من أكتوبر القادم، كنا أمام نجاح حوالي ألفين من الأعضاء بالتزكية. ومن الواضح أن مجمل القوائم المقدمة لا يجمعها ناظم واحد وابتعدت في تشكيلها عن نسق واحد، بل أخذت طابعا متعددا وصيغا متنوعة انطلاقا من الطابع المحلي. فبعض المجالس أخذ الطابع العائلي البحت. وفي نسق آخر، أخذت طابعا متداخلا جَمَعَ الأبعاد العائلية والسياسية. وفي أشكال أخرى من القوائم، تم التعبير عن ائتلافات سياسية جزئية أو شاملة أحيانا ومتلونة في كثير من الأحيان، انطلاقا من خصائص المجتمع المحلي ووزن مختلف القوى السياسية والاجتماعية في المواقع. حيث لوحظ الطابع التوافقي الواسع للقوائم، مقابل التباين الحاد الى حد التعارض والتناقض في مجالس مجاورة التي تجمع قوائم لعائلات متعددة، مع عديد القوائم الخاصة بالقوى السياسية التي لا يقل عددها عن مائتي قائمة حزبية. وفي سابقة نوعية، تقدمت قائمتين نسويتين في مدينة "الخليل" وبلدة "صفا" اتخذتا اسمين يحملان مدلول ورسالة: "بالمشاركة نستطيع" و"بنات البلد".
نلاحظ أن نسبة نجاح القوائم بالتزكية قد بلغت حوالي 51% من إجمالي عدد المجالس التي ستجري فيها الانتخابات. وشاب القراءة المجتمعية والسياسية لقوائم التزكية مظاهر من المبالغة في الحكم عليها من اتجاهين متقابلين، ما بين اتجاه يعتبرها كأحد نتائج التوافق الاجتماعي والسياسي بين القوى الاجتماعية والسياسية معتبرا اياها الصيغة الأفضل والأمثل وكأحد نتائج عملية الحوار فيما بينها، في مقابل القراءة التي تعتبرها كأحد أشكال الاحباط والاستنكاف عن المشاركة، أو تشويها وتقويضا للعملية الديمقراطية بما فيها الضغط على حرية الترشح في إطار التنظيمات. ولا شك في أن كثير من مظاهر التردد والاستنكاف عن الترشيح يمكن أن يُعزى إلى الانطباع الذي خلقته أزمات البلديات في المرحلة السابقة أو مديونيتها كإرث وعبء لا يشجع أحد على متابعته. ومن جهة أخرى لا زال يُنظر الى البلديات وتحديدا في مراكز المدن وكأنها من ضمن واجهات السلطة التي تتعرض قبل غيرها للانتقادات و"فشات الخلق"، وبل وإلى بعض التخريب أو الاعتداء كما حصل مؤخرا في سياق التحركات الجماهيرية للاحتجاج على الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
وبين هذا وذاك، أظن أن الموقف الأكثر سلامة هو الانطلاق من أن قوائم التوافق هي واحدة من صيغ وآليات الانتخاب المتعارف عليها شريطة أن لا تمس حرية المواطنين في تشكيل قوائم أخرى، وبما يضمن السمات والخصائص الملموسة في كل مجلس على حدة، وبما يحقق التمثيل الأكثر توازنا وشمولا لكل منها. كما ويدفع باتجاه اختيار الحالات الاكثر كفاءة وعطاء في هكذا مؤسسات تتحدد مهماتها الرئيسية في الجوانب الخدماتية بالدرجة الأولى.
إن ما يستوقفنا أكثر في هذه المحطة الانتخابية بلورة قائمتين نسائيتين تشاركان في الانتخابات. وكنا سنكون أمام عدد آخر من القوائم النسائية في مواقع متفرقة أخرى، لولا الخطوات الايجابية التي تمت قبل اليوم الأخير لموعد تقديم قوائم الترشيح، حيث جرى استيعاب احتياج ومطالب ومواقع النساء في في إطار القوائم الائتلافية والمشتركة.
أرى في هاتين القائمتين تعبيرا واضحا للاحتجاج على التراجع في "كوتا" المرأة كما وردت في القانون رقم 12 لعام 2005 بشأن المجالس التي تبلغ هيئاتها ما بين (11-13)عضوا. كما وأرى فيها تظهيرا لعناوين ومطالب الحركة النسائية التي لا تبرز على نحو جلي في إطار البرامج الانتخابية العامة للقوائم. وتعبر من جهة ثالثة، عن الاحتجاج الضمني على استمرار واحتراف ترتيب موقع المرأة في المربع الخامس، فعلى سبيل المثال وضعت المرأة المقعد الخامس في ثلاث وثلاثين قائمة في منطقة "رام الله". وكذلك تقدم القوائم النسوية احتجاجها على الطريقة التي يجري فيها القفز عن حوار المرأة والتشاور معها مباشرة، أو ارجاء الحوار للمرحلة التي ينتهي فيها اعداد القوائم في أحسن الأحوال، ومن ثم تعرض عليهن على شاكلة عقود الاذعان. والقوائم النسوية أيضا شكل من أشكال الاحتجاج على الخلافات والتعقيدات التي شهدتها ترتيبات واعداد القوائم، وبما يجعل المواطن امام الخلافات الشخصانية والمزاجية التي يراها بلا لون او طعم أو رائحة.
ما بين انتخابات 2005 والانتخابات الراهنة في طبعتها لعام 2012، نشهد بعض المظاهر للتقدم الكمي والنوعي في طريقة فرز النساء، حيث وجدنا بعض النسوة يتراسن القوائم، وقوائم تتناصفها المراة مع الرجل. لكن المؤشرات تفيد أن التعامل مع المرأة لا زال يحمل ذات السمات التي شوهدت في المرحلة السابقة التي طغى عليها التعامل الاداري والشكلاني في تمثيلها وفي تناول قضاياها البرنامجية، ولا زال يسيطر عليه منطق استكمال القائمة بمن تتوفر للترشيح واستبعادها وتطفيشها بعد النجاح، تعبيرا عن حالة الصراع الصامت في المجتمع بين من يشدّه نحو الماضي وبين من يحاول التقدم به نحو المستقبل والديمقراطية.
قبل شهر من الانتخابات، حيث أفرزت التزكية حوالي أربعمائة عضوة للمجالس، نتطلع إلى رؤية عناوين مطالب المرأة العادلة مثارة ليس في إطار القوائم النسوية، بل في سائر برامج القوائم الانتخابية للمجالس المختلفة، كونها تشكل جزءا عضويا من تلك القوائم عوضا عن ما تمثله نسبتها في مجتمعنا ككل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول مسابقة ملكة جمال في العالم لنساء الذكاء الاصطناعي


.. بالقمع والضرب.. إيران تفرض -الحجاب- على النساء وتعتقل المخال




.. ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت


.. انهيار امرأة إيرانية خارج محطة مترو -تجريش- في طهران بعد اعت




.. صاروخ إسرائيلي يقتل عائلة فلسطينية من ثمانية أفراد وهم نيام