الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية بديل عن صراع الحضارات

موريس رمسيس

2012 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعلم جيدا إن الحديث عن اليهودية أو المسيحية و الاستدلال ببعض أحكامها و تعاليمها يسبب استفزاز نفسي كبير عند بعض المتلقين من المسلمين و يستمر هذا الاستفزاز النفسي عند البعض الأخر من ذي الخلفية الإسلامية بالرغم من كفرهم (بمحمد) و إلحادهم بـ (الله اكبر) و يقل هذا الاستفزاز النفسي عند الحديث عن الهندوسية و يتلاشى تقريبا عند البوذية!!

هذا الاستفزاز النفسي "اللا إرادي" هو اقرب إلي مشاعر "الحسد و الغيرة" ، عندما يتحرر الإنسان منهما و بأسلوب تدريبي تدريجي ، يستطيع أن يخرج من هذه الدائرة الضيقة "التعصب" لإنسان الماضي إلي الدائرة الأوسع و الأرحب التي تحتمل جميع الأفكار و نقيدها بلا استثناء في ذات الوقت و هي "الدائرة العلمانية" لإنسان الحاضر و المستقبل التي نتج عنها الحضارة الإنسانية الحالية و المسماة الحضارة الغربية

بسبب هذه الثقافة العلمانية الجديدة أستعمل أتباع الفكر الرأسمالي في الغرب بعض المبادئ الاشتراكية "الماركسية" بلا حرج ، كما يقومون أيضا بتطويرها باستمرار لصالح البشرية مثل أنظمة (التأمين الصحي و التأمين الاجتماعي و التأمين على البطالة و التأمين على الإصابات و رعاية المعوقين ... الخ)
نفس الشيء يحدث عكسيا مع الشرق متمثلا في روسيا و الصين و تطويرهما لنظريات الخاصة بالعمل و الملكية الفردية لديهم من خلال إدخالهما الرأسمالية المادية على أرض الواقع التطبيقي في بلادهم

إذا كانت الاشتراكية قد تراجعت إعلاميا إلا أن "العلمانية الجديدة" تأخذ منها الأفكار و تطورها بلا حرج و الصراع الدائر بين الجمهوريين و الديمقراطيين في أمريكا بخصوص نظام التأمين الصحي الجديد يصب في هذا الاتجاه و شاهد على ذلك ، الخلاف بينهما (الحزبين) ناشئ عن تحديد نسبة استخدام الفكر الاشتراكي إلى الفكر الرأسمالي في هذا النظام المقترح الجديد ، لكن في كلتا الحلتين سوف يتم الاستفادة من النظريات الاشتراكية في عقر دار النظريات الرأسمالية بلا حرج!

ثقافة الصبر و الاحتمال في العمل و عدم الانفعال و التأمل عند الغرب العلماني مصدره الأساسي مشاركة الثقافات البوذية و الهندوسية في هذه الدائرة الأوسع و الأكبر و هي "الدائرة العلمانية الجديدة" و التي أطلق عليها ( Crucible of secularism ) البوتقة العلمانية

تحدث من قبل الكاتب الأمريكي الشهير الراحل و الأستاذ ( صامويل هنتنجتون ) في (عام 1993) عن صراع الحضارات و قد حدث و قد كان!!

أنا أرى أن هذا الصراع قائم الآن و سوف يستمر "لكن فقط بين الحضارات و الإسلام" على أساس أن .. الحضارات و الثقافات الأسيوية الكبرى (الهندوسية و البوذية ... الخ) قد دخلت بالفعل دائرة العلمانية الجديدة ، لكن تفاعلها بداخل هذه الدائرة يتم ببطئي و حذر شديدان بحثا أي دور إيجابي و مميز .. كما أرى أن باقية الثقافات في تلك المنطقة من العالم سوف تدخل إلى الدائرة تباعا!!

العلمانية كما أرها عبارة عن سوق ملئ بالمنتجات المختلفة لكثير من الثقافات و الأفكار البشرية المختلفة و لا يوجد به "بائعين أو منتجين" حتى لا يقوموا بالتسويق و التجميل لمنتجاتهم أو لغشها ! .. الناس تقوم بالاختيار بكل حرية و بلا ضغوط!

بالتأكيد يستطيع المسلمون أيضا دخول هذه الدائرة الأوسع بثقافتهم الإسلامية ، ليس بغرض فرضها على الأخريين لكون الإسلام هو "الخاتم و الأشمل".! ، لكن و التكامل بثقافتهم الإسلامية مع باقية الثقافات و أن الفرصة مازالت سانحة لهم!

أري أن ميزة الارتباط النظري لثقافة الإسلامية بـ "الثقافة اليهودية و المسيحية" و الذي يتواجد في "القرآن و التراث الإسلامي" ، يجب أن يستغل جيدا من قبل المفكرين المسلمين لصالح الإسلام و المسلمين ، كما يجب إخراج هذا الارتباط من مرحلة الصراع الفلسفي و العقائدي إلا مرحلة التكامل و احترام الاختلاف العقائدي و الفكري المتبادل

التمسك بالوصايا العشرة لـ (نبي موسى) و التعاليم الإنسانية الشهيرة لـ (السيد المسيح) التي يطلق عليها "الموعظة على الجبل" ، يجب اعتبارهما مكملين ... ليس هناك مصلحة بشرية لقيام البعض بالتحريف لهذين الجزئيين بالذات من الكتاب المقدس ... يجب اعتبار هؤلاء الوصايا و التعاليم على جبل الزيتون مرجعية أساسية و منطقية لمسلمين و بمعنى واضح و صريح بلا لبس أن تعاليم الإسلام امتداد لهما

اعتبار أي (تعارض في التراث الإسلامي) لتلك التعاليم الكتابية السابقة التي "تعتبر الأقدم" .. من قبل "الأحداث التاريخية المؤقتة"و قد انتهت بانتهاء الحدث ... بالتالي يصبح هناك المخرج الفلسفي و العقائدي المقبول لدى العامة ، حتى يمكن المرور من عنق الزجاجة إلى الدائرة الأرحب و الأوسع ، "الدائرة العلمانية" ، و المشاركة الفعالة في التطور الحضاري و التقدم الإنساني

لكن إذا أراد العالم الإسلامي تفضيل الانعزال و مجابهة باقية العالم و فضل عدم الاندماج في المنظومة الدولية عن الانخراط في الدائرة العلمانية سابقة الذكر ، سوف يقوم المجتمع الدولي ببساطة بتغير هياكل و أهداف المنظمات الدولية لديه ( الأمم المتحدة و حقوق الإنسان و...و ..... الخ ) ثم يقوم بإعادة تجزئ المجزئ ثم احتلال جميع الجزئيات (بأسلوب عصري مختلف) ليسهل التحكم و لحماية باقية البشرية من الفكر الجهادي الإخوانى الوهابي و لفرض التغير من الداخل !

أرى على كلا من (العلمانيين من جميع الخلفيات العقائدية و اليساريين و الاشتراكيين و الرأسماليين و الأحرار و الكتاب و المفكرين .......الخ) زيادة العمل و مضاعفة "كفاحهم" و نشاطهم و مجهودهم لقيادة قاطرة العالم الإسلامي و لإخراجه من سكونه و ثباته و تقهقره الحضاري و إدخاله "أيضا طواعية" إلى دائرة العلمانية الجديدة

مقولة العالم اصبح قرية صغيرة سوف تكون من الماضي و سوف تستبدل بمقولة " العالم أصبح عمارة سكنية صغيرة" أو *( The world has become a small building)


مع شكري و محبتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل هناك فرق ؟؟
فكري وديع ( 2012 / 9 / 26 - 19:24 )
بعد التحية
أليس هناك فرق بين الثقافة والحضارة ؟؟
يمكن أن تختلف الثقافات وتتصارع
ولكن الحضارات هي تراكم لخبرات وثقافات إنسانية لشعوب مختلفة ومتنوعة
مجرد رآي ، تقبل كل الود


2 - رد و أضافة
موريس رمسيس ( 2012 / 9 / 27 - 07:49 )
الأستاذ/ فكرى وديع
شكرا على المرور و قراءة المقالة و على التعليق

ظهر مصطلح – الحضارة - بداية - خلال الثورة الفرنسية و هو مشتق من كلمة – تحضر و تمدن - لاختلاف مطالب سكان المدن – باريس - عن سكان الريف و دخول البشرية في حقبة إنسانية جديدة و أقصد أسلوب حياة جديد قد اتبعته البشرية .. الحضارة الغربية .. يستعمل حاليا في الغرب عند الحديث عن القوميات و الشعوب المختلفة .. الكلمات الآتية .. ثقافات .. أسلوب معيشة .. أسلوب حياة .. أسلوب تفكير .. عقلية تفكير .... الخ

عندما يطلق كلمة - حضارة - في الغرب .. فيقصد بها كل ما يحدث على كوكبنا حاليا من أساليب معيشة و خلافة و الذي يتسمى بالحضارة الغربية طبقا لأسلوب الغالب على الجميع !

يقال مثلا .. الثقافة الإسلامية و الثقافة العربية .. الحقبة المصرية القديمة .. الحقبة الفارسية القديمة و لا يقال حضارة و هكذا .. في اللغة العربية كل شئ ملخبط على بعضه .. رجاء اعتبار كلمة .. ثقافات = حضارات .. في المقالة ... محبتي


3 - الحجر والكبش
بلبل عبد النهد ( 2012 / 9 / 27 - 08:17 )

حدثنا ابن حميد قال : ثنا يعقوب ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير ( وفديناه بذبح عظيم ) قال : كان الكبش الذي ذبحه إبراهيم رعى في الجنة أربعين سنة ، وكان كبشا أملح ، صوفه مثل العهن الأحمر .
الحجر الذي يعبده المسلمون اتى من الجنة مثله مثل كبش ابراهيم وكان ابيض ومن كثرة دنوب امة الخرف اصبح اسود ولا احد يدري ماذا سيكون لونه وقد كثرت دنوب امة الصلعم

اخر الافلام

.. -روح الروح- يهتم بإطعام القطط رغم النزوح والجوع


.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح




.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت


.. 81-Ali-Imran




.. 82-Ali-Imran