الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجلة -مز- في الفصل الدراسي

عائشة خليل

2012 / 9 / 30
التربية والتعليم والبحث العلمي


تكرس المجلات النسائية الأنماط البطريركية للمعايير الجمالية المستحيلة التي تحدثنا عنها في مقال سابق، فتمتلئ بنصائح للنساء عن الموضة والرشاقة والتجميل والحمية الغذائية؛ وعلى العكس من ذلك تعمل المجلات النسوية على انتزاع معايير مغايرة تؤكد على الهوية الإنسانية للنساء وتكريس الاختلاف والتنوع. ومن أشهر المجلات الأمريكية في هذا المجال "مجلة مز" التي أسستها الرائدة النسوية من جيل الموجة الثانية جلوريا ستاينم. ولم يأت اختيار اسم المجلة اعتباطًا، فلفظة "مز" هي لفظة نسوية بامتياز، فلقد رفضت النسويات كلمة "مسز" والتي تشير إلى السيدة المتزوجة - أو التي سبق لها الزواج - كما رفضن لفظة "مس" والتي تشير إلى الفتاة غير المتزوجة - أو التي لم يسبق لها الزواج - وبما أن لهاتين الكلمتين دلالات تمييزية فلقد رفضتها نسويات الموجة الثانية وفضلن عليها لفظة "مز" والتي باتت تستخدمها النساء اللواتي يرفضن تصنيفهن على أساس الحالة الاجتماعية. أما مُؤسسة المجلة "جلوريا ستاينم" والتي جاوزت الثمانين من العمر فهي من أيقونات الموجة النسوية الثانية. ولقد كسرت الأنماط التقليدية عن النسويات (قبيحة، مشعرة، كارهة الرجال) والتي يهوى الإعلام ترديدها لتشويه النسويات. وكانت الحسناء صحفية بارعة وخطيبة مفوهة، مما استدعى عليها غضب اليمين بحيث أطلق عليها أحدهم تحقيرًا: ستاليم نسبة إلى ستالين الدكتاتور السوفياتي.
عملت المجلة بدأب على مدار أربعين عام لتكريس المساواة للنساء، وأثارت العديد من القضايا الهامة في هذا الشأن، وأنجزت العديد من التحقيقات الهامة، حتى صارت رمزًا على النضال النسوي الحقيقي والهام. ومنذ ما يقرب من عشر سنوات بيعت المجلة (غير الربحية في الأساس) إلى مؤسسة غير ربحية تعمل على ذات الأهداف وإن في المجال الدولي وهي "مؤسسة الأغلبية النسوية" ومنذ ذلك الحين بدأت "مز" في تعميق البعد الدولي لرسالتها. وفي حين أن هذا أمر رائع في حد ذاته يستحق الاحتفاء والتقدير، إلا أنني أرغب في الحديث عن تجربة "مجلة مز" في الفصل الدراسي. فمنذ خمسة أعوام بدأت المجلة في تجربة رائدة، وهي التواجد في الفصل الدراسي، واتسعت التجربة على مدار الأعوام بحيث باتت تشمل مئات الآلاف من الطالبات والطلبة في أكثر من سبعمائة جامعة في طول المعمورة وعرضها. تسجل المعلمة الجامعية على موقع "مز في الفصل الدراسي" وتنتقي ما يلائم المنهج الدراسي المطروح في الفصل. ثم تخبر طلاب الفصل بما قرر عليهم من مقالات. ويشترك الطلاب بالموقع لمدة ستة أشهر بمبلغ رمزي هو ١٥ دولارا، حيث يمكنهم خلال تلك المدة الاطلاع على كامل المقالات بالموقع وليس فقط بما قرر عليهم.
وتجربة "مز في الفصل الدراسي" مثيرة، لأنها تمنح الطلبة فرصة للاطلاع على مقالات متنوعة تتطرق إلى قضايا العدل والمساواة من منظور نسوي في مجتمع يطمح أن يكون أقل تفرقة وأكثر انفتاحًا. ومناقشة تلك القضايا تتيح للطلبة الاطلاع على وجهة نظر مغايرة لما تربوا عليه في المجتمع البطريركي. كما أن انفتاح "مز" بشكل أوسع مما كانت عليه من قبل على المجتمع الإنساني - بعد اندماجها في مؤسسة الأغلبية النسوية - يضفي على التجربة بُعدًا أوسع، ويمكنهم من التلامس مع العالم الأرحب، ويفتح مدارك الطلاب على إمكانيات لم يطئوها من قبل. الفكرة جديرة بالإعجاب في الأساس لتنوع المطروح من الأفكار في ثنايا أعداد المجلة واختلافها عن الكتاب المقرر حيث تنحصر الأفكار - وإن تنوعت - في صوت واحد؛ وهو ما لا نسمع عنه في جامعاتنا. في واقع الأمر إمكانات الأساتذة في الجامعات المصرية والعربية هائلة، ولكنني لا أفهم لماذا يحصرون أنفسهم في أطر ضيقة مثلا: يقرر الأستاذ الجامعي على طلبته كتابا كتبه هو - وهو التقليد المعمول به على نطاق واسع في الجامعات المصرية - فذلك يُعَود الطلبة على سماع صوت واحد هو صوت الأستاذ في المدرج ثم من خلال الكتاب، فينشأ على الإظهار بدلا من الفهم والترديد بدلا من المناقشة، وهي الآفات التي تعيد إنتاج الأمر الواقع عوضًا عن زحزحته لتغييره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف