الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجلا بح والقرضاوي: وجهان لعملة واحدة

خلف علي الخلف

2005 / 3 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مع انتشار القنوات الفضائية الغنائية والتي تتشكل مواردها بشكل اساسي من الرسائل التي تبث على شريطها ( اوشرائطها المتعددة ) كان لا بد لصناعة الفيديو كليب ان تشهد انفجارا جديدا اخذ منحى متصاعدا لتغطية حجم ساعات البث المطروح.

وقد كانت أحد وسائل المنافسة بين هذه القنوات ، استخدام الجسد الانثوي (وحتى الذكوري احيانا ) لجذب المشاهد. وبدأت صناعة الفيديو كليب العربية تدخل منطقة كانت حتى وقت قريب احد الخطوط الحمراء ، وإذ نقول صناعة فإن هذا يحيل الى سلعة ولا يمكن لسلعة ان يستمر طرحها في الاسواق دون أن تكون مطلوبة .

إن أهم صفات السلعة لكي تكون سلعة هو ان تلبي حاجة ، وفي طرح غير متعالي على مجتمعاتنا نقول ان ما فعلته الفضائيات هوتسليع الكبت الذي تعاني منه هذه المجتمعات ليصبح امرا مربحا... والمتابع لتطور هذه الصناعة من زاوية استخدامها للجسد يرى انها بدأت بتخلي المطربات العربيات عن (لوك) الرصانة السابق الذي كان مفروضا على المطربة من قِبَل الصناع احتراما لتقاليد الحشمة العربية المرئية ، ولم تتوقف عند حد ، فقبل هذا كانت المطربة ترقص و(تهيص) في حفلات خاصة تحضرها ولم يكن لها ان تفعل هذا امام الجمهور وكانت تقدم له في (بروفايل) رزين الى حد ما . و بداية موجة تكسير هذه الرصانة كانت مع الين خلف، اليسا ، نوال الزغبي ، وتوج بنانسي ... إلا ان قدوم هيفا قدم مفهوما جديدا لهذا الفيديو كليب كسر الخوف من عدم تقبل المتلقي لهذا الــ ( شو ) الذي اصبحت تقدمه الفنانات ، ووجِد ان هذا الــ ( شو) مطلوب وله جمهور متحمس ، لا يفرّق في نظرته بين هذا الـشو وما قبله وما يليه ... كلهن فنانات.. وكعادتنا في الحديث عن أي ظاهرة بدأت تعلو الاصوات محذرة مستنكرة خائفة على مستقبل ابنائنا وخائفة من ان يحرفهم هذا الفيديو كليب الجديد الذي بلغ ذروته مع نجلا بــح ومنتجات ومدارس ماريا وبوسي سمير وبينهما روبي.

إن الاحتجاج هنا ياخد شكل الوصاية على ذوق واخلاق وأبصار الجمهور المتابع ويتناسى اولئك المستنكرون مطالب جمهور نجلا بـــح (اختصارا لزميلاتها) و يتناسون ايضا الريموت كنترول في ايديهم ويتركون القناة التي تعرض نجلا بــح لكي يشاهدوها كاملة ثم ليبدأو استمنائهم الفكري في شتم هذا الزمان واخلاقه وعجائبه وفساده ... وربما نفاجأ اذا قلنا ان الامر ليس جديدا (اي استخدام الجسد تسويقيا لتسويق الكليب ) فمن يرى اغاني فريد الاطرش يرى كم الراقصات والعري المرافق له في اغانيه وشواهد اخرى كثيرة من عصر يعتبره هؤلاء المستنكرون ذهبيا ومحتشما ويشكل مرجعية كذلك ونحن هنا لا نتحدث عن المستنكرون (الطالبانيون ) لأن اولئك يستنكرون الحياة قاطبة وليس فقط موجة فيديو كليب ، ولا بد من الا عتراف هنا أن جمهور نجلا بــح هو ليس جمهور غناء فهو جمهور لايدري ما تقول ولا يسمع حتى ما او عما تتكلم (ربما باستثناء هذه البــح ) انه جمهور (شو )... ولا ادري لما ادانة هذا النوع من الفيديو كليب ؟ ومن اي زاوية يتم ادانته ...؟ ففي الحفلات يرقص الناس وفي الاعراس و... وتلبس النساء ثيابا يتفنن في اظهار مفاتنهن... الفرق هو العلنية اذاً. إذ يكون الجمهور خاص ومشارك في الحفلات وهنا الجمهور طويل وعريض ولا يشارك سوى بجفاف ريقه عندما تتأوه نجلا وهي تقول بـــــــح بـــــــح. وإذ اعتاد المستنكرون " الدينيون " على استنكار أي شيء ( يلهي عن ذكر الله ) فإن الاستنكاريين الاخرين الذي يكون منطلقهم" تخريب " ذائقة وثقافة اجيال الامة الموسيقية والصوتية ، نراهم يصمتون عن ظواهر تخريبة أخرى لهذه الاجيال .

وإذا كانت ظاهرة الفيديو كليب والغناء والفن عموما مستباحة لكل من أراد ان يشكل وصاية ما، فإن ظواهر اخرى لايتم الالتفات لها إما لانها تأتي في سياق ينسجم مع هذه الوصايات او لانها هي التي تنتجها او لان لا أحد يجرؤ على مناقشتها حتى !! إلا على استحياء وهي تشكل الوجه الأخر لنجلا بــح لكنه غير مضاد له وهو ما يمكن اختصاره بــ قرضاوي الجزيرة (اختصارا لجماعته ايضا ) من ابن لادن والملا عمر مرورا بقناة اقرأ وقنوات المجد وعمرو خالد الذي" تسلل" الى كل القنوات بما فيها تلك التي تبث هذه الفيديو كليبات ، فهؤلاء ايضا يمارسون نوع مشابه من الـ شو ويشكل احد ادوات هذا الــ شو ايضا اجساد الفنانات والنساء جميعا لكنه هنا لحجب هذه الاجساد لأنها عورة ومفسدة والعياذ بالله ، اي ان دورهم ليس حجب جسد نجلا بــح عن الانظار وزميلاتها بل حجب كل انثى مستخدمين ايضا " كلمات " تخاطب منطقة الغرائز نفسها التي تخاطبها تلك الفنانات ، وربما نتفاجئ اذا علمنا ان جمهور نجلا بــح هو نفسه جمهورالقرضاوي والبوطي وعمرو خالد و بن لادن ...والريموت كنترول يتحرك بين نجلا والقرضاوي في لقطات متتالية.
اذن فالظاهرتان يستخدمان نفس الادوات والتوجه لنفس الجمهور لطرح مفهومين متناقضين( ظاهريا على الاقل ) ورغم ان اضرار نجلا بح يمكن تداركها ( في الحمام مثلا!! ) إلا ان اضرارالقرضاوي لم تستطع ان تتداركها دول مجندة كلها لدرء ما تنتجه بالمحصلة من اعمال. ربما تبدو هذه المقارنة غير مستساغة للوهلة الاولى ، لكنها (على ما اعتقد) حقيقية او مبررة على الاقل ، ان ما تقوم به نجلا بــح والموجة السابقة لها ( التي هي مختلفة خصوصا مع نانسي التي قدمت صوتا وصورة وكلمة ايضا بشكل ليس مقبولا فحسب بل انه يستوفي كل الشروط الفنية التي تجعله لطيفا على الاقل) هن وصناعة الفيديو كليب المتشظية الان هو احداث نوع من التوازن النفسي و الحقيقي في مواجهة المد الطالباني للمجتمعات العربية التي تسير اليه او غرقت فيه وتحصد نتائجه الان.... وان هذه الـ نجلا بــح والقنوات المنتجة والراعية والتي تبثها (في اطار سعيها للربح وهو حق مشروع ومبرر) تقاوم وتقصي مشروع الطالبانية كي لا يسود الساحة وهنا يمكن القول أن التطرف الطالباني بحاجة لتطرف نجلا بــح لمعادلته واحداث نوع من التوازن
واذا كانت النقطة الاساسية في الاحتجاج هي تعليب الجسد وتسليعه ، ودون الالتفات الى القول ان الجسد الانثوي وعبر تاريخ البشرية منذ عصورها الحضارية الاولى كان مستخدما بصفته جسدا وليس هذا جديدا من راقصات المعابد، الى راقصات السلاطين ، الى الانثى التي ترقص في حفلة عامة او خاصة وكذلك دون الالتفات إلى ان الامر طالما اصبح صناعة فأن من يتحكم ببقاء السلعة او اضمحلالها وتورايها من الاسواق هو الجمهور الذي يبدو لأنه (عاوز كده ) فقد أَثْرَت هذه الفضائيات من صناعة الفيديو الكليب وبالتالي فأنها تسد احتياج حقيقي لدى جمهورها . من هذه الزاوية يمكن القول إن ظاهرة القرضاوي ايضا علبت الدين (كي لانقول الله ) وسلعته وكذلك اصبح يشكل اقتصادا مزدهرا تفتح له فضائيات خاصة ايضا تقصد الربح بل ان شـــو نجلا بــــــــح وزميلاتها يتجاوران مع شــــو القرضاوي وجماعته في نفس القناة الواحدة مما يعني ان هذه القنوات تدرك تماما ان كلا الاثنين مطلوبان من جمهورها الذي لا يتغير إذا اختلفت البرامج.

واعتقد انه في مجتمع سوي غير مكبوت لن تجد نجلا بـــــح جمهوراً متابعا مشدوها الى هذه الدرجة وكذلك لن يكون احد متفرغ لشريط الرسائل الذي يستخدمه جيل من الشباب لتفريغ شحنة من الاحتقان والكبت عبر رسائل هدفها "الغزل " والاستعاضة عن علاقات حقيقية قائمة على الارض لانه سيكون حينها غارقا في مغازلة حبيبته ومعها .. الخ ، كما انه بعد تفريغ هذا الكبت لن يقضي وقت فراغه وهو يستمع لأااااهات نجلا بـــح لان المسألة اخذت وقتها الحقيقي فقط ، وسيلتفت حينها لممارسة هوايات أخرى وأشغال وقته بأشياء مفيدة وحقيقية له ، وكذلك في مجتمع سوي ايضا غير مكبوت فكريا وسياسيا ومتاح فيه لجيل الشباب ان لا يكون عاطلا عن العمل ولا ممنوعا من الممارسة السياسية والانخراط في الشأن العام فأنه سينصرف عن شـــو القرضاوي وزملائه الى ممارسة الحياة لانهم اساسا عبر معلباتهم من الفتاوى والنصح فأنهم يقدمون لهذا الجيل حياة بديلة تجعلها ليس تعويضا عن حياتهم المعطلة فحسب بل انها تعدهم بجنات عدن تجري من تحتها الانهار وكذلك حور العين اللواتي هن البديل الاخروي ليس لنجلا بـــح وزميلاتها فقط بل لكل نساء الارض وهكذا فأن "شــو" القرضاوي يعد "بـــشو" نجلا بــــح في الاخرة بينما تقدمه هي وزميلاتها في الدنيا.

إنها عطالة المجتمع نفسه التي تنتج بنيتها هي التي تجعل ممكنا لـــ شو القرضاوي وشــو نجلا بـــــح ان ينتجا( ستارز) متشابهين .. لكنهما يختلفان فقط في الكلمات... واللحن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 145-An-Nisa


.. د. حسن حماد: التدين إذا ارتبط بالتعصب يصبح كارثيا | #حديث_ال




.. فوق السلطة 395 - دولة إسلامية تمنع الحجاب؟


.. صلاة الغائب على أرواح الشهداء بغزة في المسجد الأقصى




.. -فرنسا، نحبها ولكننا نغادرها- - لماذا يترك فرنسيون مسلمون مت