الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار الرئيس البالية

فريدة النقاش

2012 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم يخف الرئيس «محمد مرسي» موقفه ضد النساء حين سأله محرر «النيويورك تايمز» عن ما كان الإخوان المسلمون قد سجلوه في برامجهم ومبادراتهم قائلين إنه لا يجوز للمرأة ولا للمسيحي تولي الولاية الكبري- لم يخف الرئيس موافقته الضمنية علي هذا الموقف والتزامه به حين رد قائلا : إن هذا الأمر يحسمه الفقهاء مع أنه من المعروف أن فقهاء الإخوان المسلمين قد حسموه عبر تاريخهم مما تجسد في العداء للمسيحيين وللنساء. والعودة للفقهاء تعني أننا بصدد إقامة دولة دينية لا دولة القانون.

وكما نعرف فإن هناك خلافا داخل جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة حول تعريفهم للولاية الكبري فمنهم من قال إنها رئاسة الجمهورية فقط ومنهم من قال إنها تشمل أيضا رئاسة الوزراء، وآخرون قالوا إنه من الأساس لا يجوز أن ترأس امرأة رجلا، ولا يجوز أن يرأس مسيحي مسلما وذلك في تفسير بالغ التطرف لما أسموه بالولاية.

وامتناع الرئيس عن إعلان تأييده الشخصي لحق كل من المرأة والمسيحي في شغل الولاية الكبري هو تأكيد لحقيقة أنه لم يبتعد ولو سنتيمترا واحدا عن جماعة الإخوان المسلمين، ولن يصدقه أحد بعد الآن لا من النساء والمسيحيين فقط وإنما من كل القوي الديمقراطية حين يقول إنه رئيس لكل المصريين علي قدم المساواة لأنه بهذه القناعة التمييزية يهدر مبدأ المساواة الذي تأسست عليه المواثيق الدولية ونقلت عنها الدساتير الوطنية، ووجدت الأمم المتحدة لزاما عليها أن تصدر اتفاقية خاصة لمنع كل أشكال التمييز ضد النساء، ولإصدار إعلان عالمي لمناهضة العنف ضدهن، ولتضمين إعلان فيينا لحقوق الإنسان مبدأ إضافيا هو أن حقوق النساء كافة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان.

وبموقفه هذا يهدر الرئيس مبدأ المواطنة ذاته، وهو المبدأ الذي تأسست عليه الدول القومية الحديثة ويتساوي فيه المواطنون كافة في القانون، وأمام القانون، ولا يجوز التمييز بينهم علي أساس الجنس أو اللون أو الدين أو الطبقة الاجتماعية. ويميز موقفه هذا تمييزا صريحا ضد المسيحيين والنساء ويستبعد من الجماعة الوطنية ملايين المصريين الذين يعود بهم إلي وضع الرعايا إذ يجري تقييد حرياتهم وحقوقهم طبقا لرؤية الراعي والخليفة في زمن العثمانيين، وهو وضع شبيه بأوضاع العبيد في زمن غابر يحدث هذا في مصر الآن بينما تراكم الإنسانية ممثلة في الأمم المتحدة أجيالا جديدة من الحقوق والحريات العامة فتزداد الفجوة بيننا وبين العالم المتقدم اتساعا وعمقا.

ولا يخفي علينا أن هذه المفاهيم الضيقة عن النساء بسبب جنسهن وعن المسيحيين بسبب ديانتهم تعكس نفسها بقوة في المنافسات الدائرة الآن داخل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، والتي أصر مجلس الشعب المنحل والذي شكل الإسلام السياسي أغلبية فيه- أصر علي أن تكون الأغلبية في اللجنة أيضا لهذا التيار نفسه بما يحمله من قيم وأفكار تخاصم العصر، وتتبني فهما للشريعة الإسلامية يجعلها قاصرة عن التواؤم مع ما وصلت إليه الإنسانية من تقدم في كل المجالات وبشكل خاص في مجال القيم والأفكار والمبادئ التي تتأسس علي فكرة ازدادت عالميتها رسوخا وهي إن الله واحد والإنسان واحد.

وقطعت الإنسانية هذا المسار الطويل والشاق عبر تطوير العلم بما في ذلك علم البيولوجي وعلم الأديان المقارن، ومن البيولوجي تبين أن الفروق بين الرجال والنساء في تركيب الجسد ووظائفه لا ترتب فروقا عقلية تجعل من الرجل أفضل أو أعلي والمرأة أسوأ أو أدني، وأن كل ما جري مراكمته من أشكال التمييز ضد النساء هو صناعة اجتماعية طبقية ثقافية انتجت ما اسماه علماء الاجتماع بظاهرة السيطرة الذكورية التي ترسخت في الثقافة والممارسة حتي أصبحت عملية الإطاحة بها بدورها عملية تاريخية معقدة وطويلة المدي لكن الإنسانية تسير بثبات إليها. وأثبتت النساء علي امتداد العالم جدارتهن وقدراتهن رغم كل العقبات والتصورات الظالمة.

أما علم الأديان المقارن فقد أثبت بدوره الجذور الواحدة المشتركة لكل الديانات، ويكفي أن نقرأ بتأن وموضوعية كتاب الدكتور «سيد القمني» أوزوريس وعقيدة التوحيد في مصر القديمة، لنعرف أن المشتركات بيننا نحن المسلمين وبين المسيحيين هي أكثر وأعمق كثيرا جدا مما يفرقنا سواء علي الصعيد الديني أو الصعيد الوطني ولكن مثل هذه الحقائق يجري طمسها وتشويهها بسبب هيستيريا التطرف الديني المشبوهة، ولا أبالغ إن قلت المأجورة أيضا التي تستهدف إضعاف بلادنا من الحد الأدني وتفتيتها وتقسيمها علي أساس ديني في الحد الأقصي.


ومن كل أسف أن القوي الحاكمة في مصر وفي مقدمتها الرئيس بدلا من أن تتعامل مع هذه الحقائق الكبري حول كل من النساء والمسيحيين فإنها تواصل تأكيد المفاهيم والقيم المغلوطة والضيقة وغير التاريخية باسم رؤية عفا عليها الزمن للنصوص الدينية وباسم مصالح لفئة محدودة تتعارض مع مصالح الغالبية العظمي من المواطنين، لكن مصالح الأقلية تعلو باسم الدين علي المصالح الوطنية، وتتحول المواطنة والمساواة والقيم العليا كلها إلي حبر علي ورق، وعلي ما يبدو فإن الذين يكتبون الدستور الآن يريدون أيضا محو هذا الحبر نفسه والتعتيم علي الذاكرة الوطنية وتقليصها في دين الأغلبية وبالطريقة التي يراها الحكام ويقودهم الرئيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - افكارك غير الواقعية
عبد الله اغونان ( 2012 / 10 / 3 - 01:26 )
هل تتصورين ان قبطيا اوامرأة يمكن ان يصبح احدهما ذات يومرئيسا لمصر؟
قانون الميول السياسية والاغلبية يجعل ذلك مستبعدا وفي غير مصلحة الوطن


2 - الكاتبة المحترمة فريدة النقاش
سلامة شومان ( 2012 / 10 / 3 - 02:05 )
اى عداء للمسيحيين وللنساء هذا الذى تقولين هل قالها الرئيس هكذا كما تقولين انه عداء ام انه فى الاصل تشريع اسلامى
هل وجدتى يوما اى دولة غربية الغالبية فيها نصارى تحكم بشريعة الاقلية ؟
فنحن نريد التحاكم الى شريعتنا دون الضرر للاقلية وهذا هو المعمول به فى كل دول العالم الغربى
وليس فى الاسلام ما يسمى دولة دينية بل دوله اسلامية مدنية مرجعها القانون الالهى وليس القانون البشرى وخاصة فى المحكم من التشريعات واما غير المحكم والمستجد ففيه اجتهاد العلماء بالقياس
وهل يرأس المسيحى المسلم فى قيادة دولة اسلامية 95% منهم مسلمين والقلة القليله مسيحيين بل ان الملاحدة والعلمانيين اكثر من المسيحيين
اين وجدتى هذا حتى فى دول الغرب هل هناك من يحكم من الاقلية فى الديانة الاغلبية
هل وجدتى يوما مسلما يحكم الغالبية العظمى من النصارى ؟
ومن قال ان الرئيس يتخلى عن الاخوان ولماذا يتخلى عن الاخوان الذى تربى بينهم طول عمره وهل يتخلى الرئيس الجمهورى عن حزبه او الديمقراطى عن حزبه ؟
اوليس الاخوان من الشعب المصرى وهو واحد من الشعب المصرى كل اللى حصل انه اصبح رئيسا لكل الشعب دون التخلى عن حزبه -ناقص يتخلى عن عائلته


3 - الكاتبة المحترمة فريدة النقاش
سلامة شومان ( 2012 / 10 / 3 - 02:08 )
اى عداء للمسيحيين وللنساء هذا الذى تقولين هل قالها الرئيس هكذا كما تقولين انه عداء ام انه فى الاصل تشريع اسلامى
هل وجدتى يوما اى دولة غربية الغالبية فيها نصارى تحكم بشريعة الاقلية ؟
فنحن نريد التحاكم الى شريعتنا دون الضرر للاقلية وهذا هو المعمول به فى كل دول العالم الغربى
وليس فى الاسلام ما يسمى دولة دينية بل دوله اسلامية مدنية مرجعها القانون الالهى وليس القانون البشرى وخاصة فى المحكم من التشريعات واما غير المحكم والمستجد ففيه اجتهاد العلماء بالقياس
وهل يرأس المسيحى المسلم فى قيادة دولة اسلامية 95% منهم مسلمين والقلة القليله مسيحيين بل ان الملاحدة والعلمانيين اكثر من المسيحيين
اين وجدتى هذا حتى فى دول الغرب هل هناك من يحكم من الاقلية فى الديانة الاغلبية
هل وجدتى يوما مسلما يحكم الغالبية العظمى من النصارى ؟
ومن قال ان الرئيس يتخلى عن الاخوان ولماذا يتخلى عن الاخوان الذى تربى بينهم طول عمره وهل يتخلى الرئيس الجمهورى عن حزبه او الديمقراطى عن حزبه ؟
اوليس الاخوان من الشعب المصرى وهو واحد من الشعب المصرى كل اللى حصل انه اصبح رئيسا لكل الشعب دون التخلى عن حزبه -ناقص يتخلى عن عائلته


4 - مصر فى نفق مظلم
احمد سعيد ( 2012 / 10 / 3 - 02:46 )
لاجدال ان مصر تحت حكم الذى يدعى مرسى العياط قد دخلت فى نفق مظلم رهيب ومستقبل كالح واضح للعيان ,الرجل ليس مؤهل عقليا وتعليميا ونفسيا وتربويا لكى يقود بلد كبير فى حجم مصر وبها مشاكل مروعه ومعقده ,الاخوان جماعه ارهابيه متخلفه ومتحجرى العقل ويعيشوا فى القرن الاول الهجرى ,هدفهم هو السلطه او الولايه فى معتقدهم وايضا التحكم فى موارد البلد ونهبها وسرقتها كما كان يفعل الصحابه فى بدا الدعوه والواجب القبض عليهم جميعا وايداعهم السجون مدى الحياه ,لاجدال ان الذى يلام على كل هذه الكوارث هم المجرمين والخونه افراد المجلس العسكرى الفاسد


5 - تتعصبون وتكذبون أكثر من الاسلام السيلسي
سامي بن بلعيد ( 2012 / 10 / 3 - 09:50 )
فريده النقاش لا تختلف نوال
مهما يكن ذكاء المرء وقدرته على حفظ المعلومات أو نقلها ومهما تكن قدرته على الحوار لكنه سيظل عاجزاً عن الاقناع والسبب هو التعصّب وبتر الحقائق فلا فرق بين اليسار واليمين ولم نرى أحد أستطاع أن يصنع الفرق في اي بلد عربي , ألمثقفين بحاجة الى ثورة تغيير تعلمهم التكامل والقبول والتخطيط لمجتمع مدني متكامل خالي من الصراع والنقائض التي أرّقة المجتمعات


6 - ! بفته مع البدلة
سامح عبدالله ( 2012 / 10 / 3 - 10:02 )
حضرتك منتظرة ان مرسي يغير جلده ! طيب اذاي وهو مش متقبل ان اللباس البفته مينفعش مع البدلة


7 - لم يعد في القوس منزع
محمد البدري ( 2012 / 10 / 3 - 12:56 )
لا بد من وقفة صريحة وواضحة مع الاسلام السياسي ومع الاسلام كدين ومع الدين عامة كافكار ومفاهيم تنتمي الي عصور مظلمة في تاريخ البشرية. مرسي لن يقدر علي اتخاذ موقف متحضر ازاء المسيحيين والنساء بل ومع المسلمين ايضا. فهناك فقهاء كبلوه بما يقال انه شريعة. ان اكبر مشكلة تواجهنا هي اعتبار ان المقدس غير قابل للنقد فلنتعلم من الغرب الذي تقدم وانطلق دون عوائق بل واصبحنا نحن ذيولا له باسلامنا واوطاننا وبنفطنا وعروبتنا وكعبتنا وقرآننا واحاديثنا وخادم حرمينا وجميع الحكام والفقهاء لسبب بسيط ان المفاهيم العربية الاسلامية تنتمي الي عصور انقرضت. وضعنا الحالي يشبه نهاية فيلم آلة الزمن. هل شاهدت الفيلم يا استاذة فريده؟


8 - بعد إذن الإستاذة
عدلي جندي ( 2012 / 10 / 3 - 17:00 )
أستاذ محمد البدري نحن نقوم بدور الكومبارس في الفيلم
والبطل لسه يا دوب راكب....!!!!!..الكرسي


9 - ما أكثر تعليقات الرعاع أعلاه
ضرغام ( 2012 / 10 / 3 - 18:14 )
ألي الكاتبه المحترمه فريدة النقاش: تستحقين باقه ورد جميله علي هذا المقال الذي يعبر عن حقيقه واقعه، أرجو ألا تلتفتي ألي تعليقات الرعاع أعلاه. مع تحياتي


10 - ضرغام
سلامة شومان ( 2012 / 10 / 3 - 22:47 )
شكرا لك ضرغام على اسلوبك الرقيق المؤدب
هو ده التحضر وهى دى الحضارة والرقى والتحرر والادب والاخلاق
بس كنت عايز اعرف يعن ايه رعاع
وشكرا


11 - المقال يبني نتائج على مقدمات باطلة
حسني إبراهيم عبد العظيم ( 2012 / 10 / 4 - 19:56 )
الكاتبة الكبيرة تحدثت طويلا عن اقصاء الرئيس للمرأة والأقباط ، مع أنها ذكرت أن الرئيس قال حينما سئل عن تولي المرأة والمسيحي الولاية الكبرى هذا أمر يحسمه الفقهاء، أي أن الرئيس لم يرفض ولم يوافق، فلماذا افترضنا سريعا أنه ضد المرأة والأقباط مع أن كثيرا من الفقهاء قالوا بأحقية المرأة في الولاية الكبرى، وأجاز آخرون كثيرون ترشح غير المسلم للولاية العامة. وبالتالي فإن السيد الرئيس لم يقل بالنص أنه لا يحق للمرأة أو المسيحي تولي الولاية الكبرى.
لماذا نضع كلاما على لسان الناس لم يقولوه ثم نحاسبهم عليه؟


12 - أفكار الرئيس البالية
ناس حدهوم أحمد ( 2012 / 10 / 17 - 18:37 )
أضم صوتي إلى صوت الكاتبة الكريمة فأفكارها المطروحة عبر مقالها
هي أفكار متنورة وتصلح وتصب في مصلحة الجميع داخل القطر المصري
العزيز وخارجه كما أن أفكار الرئيس الحالي لمصر السيد مرسي هي
أفكار ضارة بالإنسانية جمعاء وليس فقط بالمصريين سواء كانوا من
الأقباط أو من المسلمين كما أن بلوغ الإخوان إلى الحكم هي كارثة
عظمى نتمنى أن تنجلي قريبا ويبتعد هؤلاء الشياطين عن حكم البلد
وليذهبوا إلى مساجدهم إن كانوا فعلا أتقياء ومؤمنين لأن العقيدة
والدين مسألة شخصية وليست مسألة سياسية وفصل الدين عن الدولة
هو الأمر الصحيح والمهم فالناس سواء في مصر أو في أي بلد من العالم هم أحرار في اختيار عقيدتهم ولا إكراه في الدين أما تسيير
البلد فيجب أن يكون بيد ناس شرفاء وليسوا عنصريين أو ما شابه
إن الربيع العربي الذي خرج بشعار الحرية والكرامة لم يأت إلا
بأناس سوف يدمرون الوطن العربي وسوف يتسببون في الفتنة والحرب
والكراهية إن لم يقم الشعب بتصحيح هذا المسار المقيت

اخر الافلام

.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية


.. الخلود بين الدين والعلم




.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل


.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي




.. - الطلاب يحاصرونني ويهددونني-..أميركية من أصول يهودية تتصل ب