الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد حسين يونس ... نقاش العقل و نقاش الروح

أسعد أسعد

2012 / 10 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نعم يا أستاذنا العزيز ... إرحل إلي غابات المجهول و إستمع إلي زئير رياح الشك تعصف في أشجارها تساؤلات تبحث عن الحق و عن طريق إلي نمط الحياة ... و إنطلق إلي صحاري السطحية الفكرية و إنظر كيف كشفت الرياح طبقات الصخر الفكري الجلمود الذي تحجر في مكانه عبر آلاف من العقود و كيف قبع تحت رمال الجهل و قاوم سيول المعرفة و تجمد في مكانه يريد أن يحصر أزمنة الخلق إلي زمانه.... تسلق جبال المعرفة و تطلع إلي مجرات الحياة اللا نهائية تحيط بكوكبنا الفيمتوسكوبي في هذا الوجود اللامحدود ... تأمل صحاري الجليد الأبيض و نقائها الناصع الذي يخطف الأبصار ثيابا بيضاء لعفة و نقاء النفس البشرية في براءتها قبل ان تذوق مرارة الذل و تتغطي بصبغة حمراء من سفك الدماء ...تجول في السهول الخضراء التي تحمل للملايين الغذاء و إنظر كيف تُزهر و كيف تذبل و كيف تأتي من العدم و تذهب إلي الفناء ... تمَشّي جنب مجاري المياه اتي يستروي منها البشر لظمئهم ... العذب و المالح و المر ... و البعض فيه سميات ... و إسكن أمام دياجير الليل الأسود و تسربل بإنتظار طلوع شمس النهار التي لا تستطيع أن تمنعها كثافة الأشجار في الغابات و أمامها تتحول قتامة الصخر إلي لمعان ... فتكمل المعرفة من علي جبال البحث و التأمل بماهو أكبر من أن يسعه الكون أو أن تحويه المجرات ... و ارفل في ثياب النمو و الإرتقاء حُلة بيضاء شديدة النقاء ... و اضحك علي دياجير الليل الأسود الذي هزمته شمس مبهرة ... أصبحت تعيش فينا بنهارها و نورها و بياضها و نقاءها ...
أهنئك أستاذنا العزيز في رحلتك هذه ... و أرجو ألا تظن أنني أتكلم عن الصوفية أو عن أيا من المذاهب الفكرية او الفلسفات العقلية ... أنا أتكلم عن المعرفة الإختبارية ... تسربل بالبالطو الأبيض و أدخل إلي معمل الحياة و مختبرها ... إنظر إلي المكونات و خليطها ... و سجل التفاعلات و نتائجها ... و سجل فشل جميع المعادلات التي توصل إليها البشر ... و ستكتشف إن أصح المعادلات هي التي وضعتها أنت بنفسك لنفسك ... بعد الفشل و العناء و التأمل و التساؤل و التعجب و الإنبهار و حتي الخيبة و الإنهيار ... تسربل بالبالطو الأبيض و إدخل إلي معامل الطبيعة ... و حلل أطياف الضوء ... النور ... و إبحث كيف نراه ... و إكتشف بنفسك إن هناك من الضوء ما هو أبهر من أن نستطيع أن نراه ... ضوءا نري به الأشياء ... و ضوءا نكتشفه بمراقبة الأشياء ... إنصت إلي شُوَك الصوت الرنانة في ألسنة البشر الطنانة ... نغمات تطغي علي نغمات ... و ترددات ... كلها إهتزازات تضارب الهواء ... أهرب منها إلي الأثير ... إلي صوت بلا موجات و لا ترددات ... إنظر كيف تشق الموجات الرنانة طبقات هواء البشر و أهوائهم و تتسرب إلي عقولهم ... و ستتعجب إن الصوت الذي بلا ترددات و لا موجات لا يسمعه إلا القليل جدا من الذين لم تبهرهم التذبذبات و رفضوا الترددات ... فوصلوا إلي صوت مستقيم لا يعتمد علي الهواء و لا الأهواء ... تسربل بالبالطو الأبيض و إدخل معامل البيولوجيا و تأمل الحياة ... كائنات تتوالد و تتحرك و تتصارع و تأكل و تتكاثر و تموت ... طبقات من الخلية الأحادية إلي الثدييات و هومس إيركتس ... كلها تموت ... كلها وجدت و كلها تموت ... كلها أتت من العدم و كلها تمضي إلي العدم ... لكن مهلا أيها العالم الباحث ... ليس كل ما تراه هو الحياة ... أنت الذي أسميت و دعوت الحياة حياة ... و ظننت إن كل من أو كل ما يتحرك يعيش ... و لكنك لن تدرك ما هي الحياة ... و ستأتي عليك أوقات تتمني أن تموت لتعرف ما هي الحياة ... و ستعرف يا عزيزي إن الموت عن الحياة هو لإرتقاء إلي ما هو فوق الحياة ... و إن الحياة تبدا عندما تتجرد مما تظنه إنه هو الحياة ... و ستعرف إن الحياة التي لاتدركها المعامل و تفشل في صياغة معانيها المعادلات هي في أن تستعمل الحياة و ستدرك أيضا أن الموت هو في أن تستعملك الحياة ....
و لنخلع الآن البالطو الأبيض و نخرج إلي التطبيق العملي ... الطرقات و الشوارع ... المنازل و المكاتب ... الجامعات و المدارس ... المصانع و المزارع ... يلزمك خوذة التحرر لحماية الفكر المستنير من تساقط طوب و زلط الخزعبلات (هارد هات) .... و جاكت عاكس(سيفتي جاكيت) من نسيج الثقة و النور و الصوت الذي حصلت عليهم في المختبر ليحمي الصدر المنفتح الواثق و المطمئن من تطاير دعاوي الإنغلاق و خنق المعرفة ... و إحتذي في قدميك بحذاء التشييد و البناء (كونستركشن بووت) المصنوع من إرادة الخير و السلام ... حتي لا تنزلق قدماك إذا ما جزت في طين الفكر البشري الجاهلي و لا تدمي إذا إصطدمت بصلابة العنف الرجعي ... فسيساعدك هذا في تسلق مرتفعات البناء العقلي الإنساني الرائع ... و خذ معك مطرقة الحديد المصنوعة من إرادة الخلاص من رق الجهل لتفتح بها طاقات في جدران الخوف و الرعب من المجهول ...
إذهب في رحلتك هذه و إركب بحر الحب الذي علمتك إياه ميس ماري الذي لم تدركه و أنت صغير فكان فهمك يترجم الحب إلي الإمتلاك و الإستئثار أما الأن فستدرك أن الحب هو أن تعطي و تبذل و لا تنتظر مقابل ... أن تمنح و لا تشتري ... أن تُغدق نفسك دون أن تُرضي ذاتك ... أن تسير في طريق حقيقي ... صنعه قرارك الإختباري ... سيؤدي بك حتما إلي الحياة ... و سيتبعك فيه العشرات و ربما المئآت من الذين طلبت منهم ألا يتبعوك ... لكنك ستكتشف إنك لا تملك قرارك ... و إن الذين إنجذبوا إليك ... جذبتهم الحياة و ليس التقليد ... و إن الحياة إستخدمت شخص بسيط إسمه فلان الفلاني كانت له ذات ذابت في الحياة ... ليندمج معه كل من يسمع و يأتي من الموت إلي الحياة ...
أستاذي العزيز ... أتمني لك التوفيق في رحلتك هذه ...و سأبقي أتابعك عن كثب ... لا لكي أعلمك أو أنبهك ... بل سأتعم و أري كيف ستعلمك الحياة و كيف ستأخذك في أحضانها لأنك طلبت أن تتعلمها ... و ستدرك إن الحياة هي التي تحبك ... و تهبك ذاتها و لا تريد أن تأخذ منك شئ ... لأن الحياة هي كل شئ .... تصحبك السلامة ... تصحبك الحياة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الموقع الفرعي
أسعد أسعد ( 2012 / 10 / 18 - 08:08 )

أستاذي الفاضل
أعتز جدا بصداقتك
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/m.asp?i=921
أشكرك لأجل إهتمامك
محبتي لك دائما
أسعد


2 - الموقع الفرعي
أسعد أسعد ( 2012 / 10 / 18 - 08:08 )

أستاذي الفاضل
أعتز جدا بصداقتك
الموقع الفرعي في الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/m.asp?i=921
أشكرك لأجل إهتمامك
محبتي لك دائما
أسعد

اخر الافلام

.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في


.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج




.. 101-Al-Baqarah


.. 93- Al-Baqarah




.. 94- Al-Baqarah