الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العرب والاكراد ليس بالانكار والامحاء والعصيان تجاه البعض بل بالعيش الحر المشترك في النظام الديمقراطي

زوهات كوباني

2005 / 3 / 3
القضية الكردية


مستقبل العرب والأكراد
ليس بالإنكار والإمحاء والعصيان تجاه البعض بل بالعيش الحر المشترك في النظام الديمقراطي

هناك سياسات مخططة من قبل الدول الإمبريالية والأنظمة المرتبطة بها لأجل بث النزاع والصراع بين الشعوب وذلك بإتباع سياسات التمييز والعنصرية من اجل أن تغلب مصلحة قومية على مصلحة أخرى ، متحولا إلى عقلية ومنهجية ولذلك ترى أن جميع السياسات المتبعة في جميع النواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتعليمية تطبق من خلال هذه العقلية الرجعية المترسخة ، ظناً منهم بان ضعف أو فناء قومية عبر سياسات الصهر والانحلال والقتل والإمحاء هو قوة وتفوق لقومية أخرى ، ومن هذا المنظور فعند النظر إلى السياسات التي اتبعت في العراق وسورية من المجازر والتنكيل والتعريب والتجريد والأنفال هو خلق انصهار مرغم وبالعنف وكأن الشعب العربي الذي يزيد تعداده على مئة وأربعون مليون نسمة بحاجة إلى صهر عشرة ملايين الأكراد الموجودة في العراق وسورية ، ولكن النتيجة التي ظهرت نتيجة هذه السياسات والتي ما زالت تصر فيها الأنظمة أو العقلية الموجودة فيها هو انه ورغم كل ذلك واستخدامهم لجميع القدرات والإمكانيات المتوفرة لديهم في سبيل تحقيق ذلك لم تتمكن من صهر وفناء الأكراد وبالتالي إمحاءه بل انه تم ضيق الخناق على هذه الأنظمة أنفسهم نتيجة تلك السياسات وأسفر عن استغلال الدول الأخرى لهذه الحلقة الضعيفة واستخدامها ضد تلك الأنظمة وتحويل ذلك إلى أداة تخدم مصالحهم أدى إلى سقوطها وخير مثال هو سقوط نظام صدام الديكتاتوري الفاشي الذي أراد التربع والعيش على المجازر وحمامات الدماء والأنفال والتهجير والتعريب .

لو نظرنا إلى تاريخ الشعبين العربي والكردي فنرى أن كلاهما قد عايشا منذ عصور تاريخية إلى جانب البعض حتى انه تدخل الكثير من أمور الحياة والمعيشة لديهما ضمن بعضهما البعض ، لدرجة أحياناً يصعب عليك الفصل والتمييز في بعض المناطق نتيجة تداخل الكثير من الأمور ضمن بعضها البعض . وفي الأساس فان هذه هي حقيقة شرق أوسطية تعود إلى تاريخها القديم الذي هو عبارة عن موزاييك بشري تتداخل فيها كل الألوان والأشكال . ولكن ونتيجة السياسات الاستعمارية "فرق تسد " ومن اجل إضعاف هذه الشعوب وسهولة السيطرة عليها بث فيهم النعرات الشوفينية والقوموية الضيقة بحيث بدلا من أن تنظر الشعوب إلى بعضها البعض بعين التسامح والتعايش والمحبة ، بدأت تنظر إلى البعض بعين الكراهية والحقد إلى درجة أن وجود احدهما يكون بفناء الآخر ولذلك فعندما يتم ذكر حقيقة شعب وحقوقه الأساسية في الحرية والمساواة والعدالة أسوة بغيرها من الشعوب وبالأخص حرية ومساواة الشعب الكردي بالشعب العربي والتركي والفارسي ، تبدأ المقاربات النابعة من هذه السياسات المتبعة بالتغيير وكأنك تحاول خلق وافتعال شيء لم يكن له أساس في الوجود . رغم أن الشعب الكردي يعتبر من أقدم شعوب المنطقة القاطن على هذا التراب حيث تؤكد جميع الدراسات التاريخية والاركولوجية والتيولوجية صحة هذه الحقيقة ، ولكن هذه الأنظمة البعيدة عن المنهجية التاريخية تراهم عند ذكر هذه الحقيقة يبدؤون بقراءة الأحداث بشكلٍ مغاير ومختلف حتى إلى درجة تفسيرها بالتآمر والخطر على الدولة واتهامهم بمختلف الأشكال بأنهم مدفوعين من قبل الدول الخارجية ويريدون اقتطاع جزء من تراب وطنهم ، دون أن يقارنوا أنفسهم بنفس الحقيقة ، ماذا لو انقلبت المعادلة وتم وصفهم من قبل الآخرين بنفس الاتهام . لذلك تراهم يتنازلون للاستعمار القادم بآلاف الكيلومترات بان يسيطر على المنطقة وينهب كامل الخيرات ولكن لا يقبلون حقيقة الشعب القاطن معهم عبر التاريخ وربما أقدم منهم في هذه الناحية . وفق الإثباتات والأدلة التي يتم كشفها يوماً اثر يوم من قبل علماء الآثار والتاريخ .

فالكثير من المنظرين أو المثقفين سواء من بين العرب أو من بين الأكراد لا يرون هذه الحقيقة ويتم القفز عليها نتيجة هذه العقلية الشوفينية المترسخة والمتحجرة ، ويطورون الكثير من النظريات والحجج بتمجيد الأجانب والغرباء القادمين ، وتهميش الشعوب الموجودة عندهم ، وفي هذا وكأنهم يقومون بصنع المعجزات والتطورات . ولكن إذا عدنا إلى الحقيقة والواقع فان الشعوب التي تعيش معا وبجوار البعض هي الشعوب التي لها مصلحة مع بعضها البعض ، أما القادمين من آلاف الكيلومترات فغداً سيتركون المنطقة وسيذهبون إلى ديارهم ولذلك فان هذه الشعوب التي ستبقى معا ، هي التي ستتقاسم الأفراح والاتراح معا .وهنا عند النظر إلى هذه العقلية المتكونة نتيجة التدخلات الاستعمارية لا تنظر إلى الأمور بعين الموضوعية فما يريده للغير لا يريده لنفسه وكذلك القوى الحاكمة إذا ما كانوا يرون المداخلات من مقومات المنطقة ، فيتطلب حل جميع القضايا الموجودة ضمن مخطط عام ولمصلحة الشعوب عامة وليس حل بعض القضايا على حساب قضايا أخرى وتركها عالقة بدون حل . فمثلا هناك من الكثيرين يتبجحون إلى درجة تقديس الدور الأمريكي في العراق ، وخاصة من حيث تخلص المنطقة والعراق من الظلم ولكن لا يقتربون بنظرة شمولية وكأن أمريكا هي وليدة اليوم في سنة 2003 وليس لها تاريخ ماضي من حيث المواقف من مصالح الشعوب عامة والشعب الكردي خاصة والتاريخ الكردي بشكل عام وفي كردستان الجنوبية بشكل خاص لخير دليل على تلك المواقف في القرن العشرين من الممارسات والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الكردي على يد الانظمة الديكتاتورية المهيمنة على كردستان ، وحتى اذا قمنا بغض النظر عن هذا الماضي وقبلنا باننا ابناء اليوم ، فكيف يمكن القبول بهذا الواقع فهي تقترب من حل القضية الكردية في العراق ولا تقترب من حلها في تركيا وإيران وسوريا رغم أن عدد الأكراد في تركيا وإيران يفوق الأكراد الموجودين في العراق بكثير . وهذا لا يعني أن لا تحل القضية في العراق ولكن إذا كان الحل لمنطقة ما والتصفية والإمحاء لمنطقة أخرى عندها لا بد من الشك والتفكير بشكل جلي على هذه السياسة . وإذا قبلنا بان المصلحة تتطلب ذلك ويجب أن نقتنع بان هذه المداخلة عبارة عن مصلحة وليس حبا بالأكراد وما شابه ذلك .

أي أن المداخلات الجارية من قبل الدول العظمى يتطلب تقييمها بشكل واقعي ومنطقي وليس كل مداخلة يتطلب النظر إليها بعين السوء ، بل يتطلب تحليلها من حيث الايجابيات والسلبيات ، فالفتوحات الجارية من قبل الدول العظمى وأمريكا هي نتيجة تفوقها من على جميع الصعد الاقتصادية والتقنية والسياسية وهذا ما سيؤدي بشكل طبيعي إلى الانتشار والتوسع لان قديما حصل انتشار مماثل عكسي من دول المنطقة إلى أوربا والعالم منذ المرحلة النيولوتيكية إلى القرن العاشر بعد الميلاد ، فهذا التفوق يجلب معه الاختلال في المقاييس والمعايير القديمة ويعمل على وضع وفرض مقاييسه والتي تصبح حقيقية وواقعية بالمقارنة مع المقاييس التي أصبحت رجعية ومتخلفة في المنطقة أو أي دولة أخرى . فالجانب الايجابي هو انه سيؤدي إلى تصفية البنى الموجودة في هذه الأنظمة والقائمة على الإنكار والإمحاء ولكن سيقيم بنى وفق مصالحها الجديدة وليس وفق مصالح الشعوب قاطبة .فهذا يظهر من خلال توجهاتها بأنها تهتم بمنطقة وتهمل الأخرى وتقوم بحل قضية على حساب قضية أخرى دون أن تتخذ مصالح الجميع في الحسبان . فالدول والقوى التي تستفيد من هذه المداخلة تقيمها بشكل ايجابي اما الدول والقوى التي لا تستفيد منها تقيم بشكل سلبي وفق منطق برغماتي ضيق دون النظر اليها بشكل موضوعي وواقعي .

ولكن الأنظمة والقوى الموجودة في المنطقة والتي تنظر بشكلٍ سلبي الى مثل هذه المداخلات ، بعيدة عن رؤية الحقائق التاريخية وضرورات التغير والتحول الديمقراطي ، لذلك تصر في التحفظ والعناد أمام التغير حتى أنها تفكر إن كل تغير بسيط سيؤدي بنهايتهم ولذلك يحاولون أن لا تتغير الموازين القديمة التي تغيرت منذ زمن . وينسون بأنه كما قيل "إن شعباً يضطهد شعباً أخر لا يمكن أن يعيش حراً" ، وأن هذه السياسات هي التي ستفتح الطريق أمام مداخلة القوى العالمية العظمى بالاستفادة من التناقضات الموجودة والمعاشة مع العصر في مثل هذه البلدان في المنطقة . وستقوم بزرع الفتن بين الشعوب والتي ستسفر عن الصرع العراك والقتال والتقتيل حتى نفاذ القوى والطاقات الموجودة فيهما وذلك للاستسلام وقبول العدو بشكلٍ رخيص ودون مقابل شيء . حتى انه سيهرب كل طرف من اجل أن يقبل نفسه بالأعداء ويبدي الكثير من الإمكانيات واليقظة على التعاون والعمالة مع العدو .إذاً فالدروس التي تتطلب من شعوب المنطقة كافة استنتاجها من هذه المداخلات هو إبداء الحذر والحيطة تجاه هذه المخططات والتألف والتعاون تجاه بعضها البعض وإلا فأنها ستتحول إلى أدوات بيد القوى الخارجية والأنظمة المتحكمة بالمنطقة ،التي دخلت بين فكي كماشة المداخلة ومعارضة الشعوب فان لم تقم بإجراء تحولات وتغيرات جدية وترسيخ الديمقراطية بشكل ٍحقيقي ستكون عاقبتها مثل عاقبة النظام الديكتاتوري في العراق . فإذا كانت تفكر بمصلحة شعوبها ولا تريد أن تكون مثل الأخريات فيجب أن تنظر إلى سياساتها تجاه شعوبها ومدى تطبيقها للعدالة والمساواة وإعطاء الحقوق وتطبيق الديمقراطية فيها .فبقدر ما تتحقق العدالة والمساواة والعيش الحر بقدر ما تتمكن هذه الشعوب من رسم مستقبلها بشكل صحيح وراسخ .إن هذه الشعوب يتطلب منها الانطلاق من إن مصير المنطقة بكافة موزاييكها قد تداخلت عبر التاريخ ولهذا يتطلب النظر إلى الواقع بموضوعية ، وإلا فأنها ستتكرر الماسي التي ظهرت في التاريخ منذ القديم إلى يومنا هذا . وإذا كنا نريد أن نضمد الجراح ولا نريد أن تهدر الدماء كثيرة ، يتطلب حماية مصلحة الوطن بجعله حيزاً يتمكن الجميع من العيش عليه بوئام وضمن مقاييس معاصرة يسودها العدالة والديمقراطية . ويتطلب التخلي عن العقلية التي تعمل على صهر الشعوب في بوتقتها بسياسات الانكار والامحاء ، لان كل فعل يقابلها رد فعل وكل انكار يقابلها العصيان ،هذه العقلية المحافظة الرجعية والتي عفى عليها الدهر ، لا تفيد بشيء لا لشعبه ولا لغيره . ولذلك يتطلب التغير والتحول الديمقراطي في هذه الانظمة والعقليات المتعفنة كشرط اساسي لا نقاش عليه من حيث مصلحة الوطن والشعوب القاطنة فيها ، والانطلاق من مبدأ أن مستقبل هذه الشعوب هو العيش الحر المشترك في النظام الديمقراطي وليس الانكار والامحاء والعصيان ، وهو سيكون الحل الصحيح والأنجع لجميع المشاكل العالقة الموجودة في المنطقة قاطبة .

2522005
زوهات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العربية ويكند | الأمم المتحدة تنشر نصائح للحماية من المتحرشي


.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو




.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون