الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برنامج جالز: تجربة من أفريقيا

عائشة خليل

2012 / 10 / 6
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حازت الروائية الزيمبابوية تيستيس دانجاريمبجا على الشهرة العالمية عن روايتها "ظروف عصيبة" والتي تؤرخ فيها لنشأتها في زيمبابوي تحت الاستعمار. ولقد احتفت النسويات خاصة بالكاتبة وروايتها لأنها ترسم معالم العلاقة بين الجنسين في بلد نعلم عنه القليل. والرواية الواقعية ترسم - في إحدى مستوياتها - معاناة الأم في العمل الجاد بين الحقل والمنزل لإطعام عائلة كبيرة، بينما الأب - والذي يمتلك الأرض - يبدد ما يقع تحت يد العائلة من أموال وينفقها على الشراب والنساء. تذكرت هذه الرواية الرائعة وأنا أقرأ تقريرًا عن برنامج "جالز" للأمم المتحدة لمكافحة تلك الأمراض المجتمعية المنتشرة في أفريقيا.
صمم برنامج "جالز" لمساعدة فقراء المزارعين على زيادة محاصيلهم الزراعية. ويأمل البرنامج الذي تطبقه مؤسسة أوكسفام - هولندا برعاية الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، في إفادة 80 مليون شخص في أفريقيا (روندا، ملاوي، أوغندا، نيجيريا، زامبيا) بحلول عام 2015. وفكرة البرنامج بسيطة: دعوة المزارعين لرسم آمالهم وطموحاتهم. والرسم هنا ليس تعبيرًا مجازيًا، وإنما هو ما يقوم به الفلاحون بالفعل، فبما أن الريف يعاني من نسبة أمية أعلى من المتوسط في البلدان الفقيرة، فالرسم هو الوسيلة الأنسب ليعبر بها الفلاحون عن رغباتهم وأحلامهم. ويحتفظ الفلاحون بما رسموه للتذكرة؛ كما يقوم المشرفون على البرامج بزيارات دورية لمن انخرط من فلاحين فيها لمتابعة أدائهم، وتذكيرهم بما سهوا عنه، وتشجيعهم على مواصلة الأداء من أجل الخروج من دائرة الفقر، وهو الهدف الأولي للبرنامج.
ولقد حقق البرنامج الكثير من النجاح، فيفخر "إيريا" - من رواندا - بأن محصول الذرة وصل هذا الموسم إلى 250 كيلوجرام، بالإضافة إلى 150 كيلوجرام من فول الصويا … مقارنة بـ 10 كيلوجرام فقط من محصول الذرة خلال الموسم الماضي. ويروي "إيريا" انخراطه في البرنامج الذي ساعده على رسم آماله وأحلامه، وكيف أنه شعر وكأنه يوثق عقد طموحاته. ويضيف "لقد كانت زوجتي تعمل بجد في الحقل، بينما كنت أبدد مدخراتنا، وبدأت الهوة بيننا في الاتساع. وبعدما التحقت ببرنامج جالز، أخذت في الحديث الجدِّي مع زوجتي عما أتعلمه في البرنامج، وبدأنا نتحدث عن مشاكلنا، وببعض التنازلات من جانبنا تمكنا من العمل سويا وتحقيق محصول جيد هذه السنة."
ولقد طور برنامج "جالز" (نظام تعليم الفعل للنوع الاجتماعي) ليتماشى مع واقع الحال، فسياسات الأمم المتحدة لتمكين المرأة لم تأت بالنتائج المنشودة حيث إن النساء يملكن القليل من السيطرة على الأرض التي يزرعن أو الدخل الذي يكسبن. ولذا وجب التدخل لتعديل البرامج المتاحة بحيث تمكن العائلات المزارعة البسيطة (وأغلبها تعمل على زراعات الإعاشة) على التخطيط المشترك لمستقبل أفضل. يعمل برنامج "جالز" من خلال المجتمعات حيث يرسم الرجال والنساء رؤاهم من أجل توزيع أفضل للعمل بينهم، ويناقشون بشكل بناء ملكية الأرض والمسائل الأخرى الحاسمة بالنسبة لحياتهم المشتركة.
ولقد ساعد البرنامج النساء على اكتساب ثقة أكبر بالنفس، وتأمين مشاركتهن في السيطرة على الأرض، ونصيب أكبر في اتخاذ القرار عن الأرض، والزراعة، والمال، وغيرها من الأمور المشتركة. وعلى المستوى المجتمعي ساعد البرنامج على تحسين المستوى المعيشي للأسر المنخرطة فيه، فقد انخفض معدل استخدام الكحول، والذي كان يستنزف الكثير من الموارد العائلية، وانخفض العنف المنزلي حيث كانت الخلافات تكثر حول الدخل وإنفاقه، كما انخفض الحصاد المبكر لبعض المحاصيل حيث كان أحد الزوجين يحصد المحصول وهو بعد لم يطِب ويبيعه بثمن بخس، كي لا يصل إليه الطرف الآخر.
وهكذا يأتي هذا البرنامج الرائد ليستفيد مما سبقه من برامج، ويضيف الكثير إليها. حيث يستطيع أفراد الأسرة الواحدة التخطيط المثمر لمستقبلهم، وزيادة الأمن الغذائي للعائلة، وزيادة الدخل العائلي، والمشاركة في عوائد العمل المشترك بغض النظر عن النوع الاجتماعي. وهذا إنجاز كبير إذا أخذنا في الاعتبار ما رسمته دانجاريمبجا من صور مؤلمة عن ذكورة متأصلة في المجتمعات الأفريقية تفرض على النساء العمل وتحرمهن من ثمار أعمالهن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذة عائشة خليل المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 10 / 7 - 14:25 )
تجارب رائعة تقدمينها لنا عزيزتي الكاتبة ، الصورة التي قدمتها الروائية الزيمبابوية تشابه الحياة في مجتمعاتنا إلى حد كبير . ليت يد الإصلاح تصل إلى قرانا نحن أيضاً
ليس الاستغلال سبب الفقر كما يقنعونا بل الجهل هو العدو الأول
كلما ارتفع وعي المرأة كلما زادت الثقة بالنفس ، ومجتمعنا العربي أيضاً ذكوري الطابع ، يخشى نهوض المرأة فيدجنها في البيت منذ وقت مبكر من حياتها ، إنهم يعلمون أن ارتفاع وعيها سيقلب مفاهيم المجتمع لغير صالح الذكور، من هنا نرى نسبة الأمية عالية في قرانا بين النساء بشكل خاص وواضح
أنتظر تجارب قادمة تنتقينها لنا بعينك البصيرة الواعية
مع تحياتي وتقديري


2 - تجارب إنسانية متماثلة
عائشة خليل ( 2012 / 10 / 7 - 16:06 )
أتفق معك عزيزتي ليندا في أن التجارب متماثلة. نعم الجهل هو الآفة الكبرى في مجتمعاتنا، ولذا يتم العمل على تغييرها بالتعليم النقدي (وهو موضوع المقالة القادمة) . أتمنى أن نستفيد من تجارب الأمم لنحقق ما نصبو إليه من نهضة شاملة.

اخر الافلام

.. الهرب من الزواج.. ينتشر بقوة.. وقد يستدعي تدخل طبيب!


.. 16 امرأة يتهمن الساحر الشهير ديفيد كوبرفيلد باعتداءات جنسية




.. لا تشكو المهر وغلاء الأسعار قد تكون مصابا بفوبيا الزواج | #ا


.. مصر.. سائق يحاول اغتصاب فتاة في القاهرة • فرانس 24 / FRANCE




.. يارا لابيدوس: قصّة امرأة عبّرت الموسيقى عن حنينها وعن جذورها