الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الکورد..إنفصاليون أم يطلبون حقوق مشروعة؟

نزار جاف

2005 / 3 / 3
القضية الكردية


لم تکن نغمة " الانفصالية" مترابطة مع تداعيات حربي تحرير الکويت و العراق، بقدر مايرى البعض إنها کانت ملازمة للکورد منذ شرعوا بقتالهم من أجل نيل حقوقهم المشروعة. ورغم إننا نشارک هؤلاء البعض رؤياهم الانفة، لکننا نرى أن کلمة الانفصالية لم تقتصر على الکورد وحدهم وإنما شملت کل الاقليات القومية المتواجدة في دول المنطقة، والذي جعلها ملازمة للکورد أکثر من غيرهم، هو أن الکورد من أکبر القوميات عددا و أکثرها تواجدا في العديد من دول المنطقة. وقد جاءت الثقافة الشمولية الموجهة لدول المنطقة، لتعطي تبريرات و تفسيرات لاتمت للواقع بصلة لکل حرکة سياسية تتسم بطابع تحرري و ديموقراطي. وإذا کانت تهمة " الشيوعية" و "التآمر" هما الکلمتين الجاهزتين ضد کل حرکة وطنية تطالب بالحرية و الديموقراطية، فإن کلمة" الانفصالية" کانت هي الاخرى جاهزة لإطلاقها بوجه کل أقلية قومية أو دينية أو مذهبية عندما تثور مطالبة بحقها. ولاغرو أن شکل النظام الدولي الذي کان سائدا منذ أواسط القرن الماضي، والذي شطر القوى الدولية الرئيسية الى قطبين، کان من أقوى العوامل المساعدة على بقاء و إستمرار تلک السياسة القمعية ضد شعوب دول المنطقة برمتها. ومن نافلة القول أن أقوى حرکتين تحرريتين للاقليات القومية و الدينية في العالم العربي، هما الحرکة التحررية الکوردية في کوردستان العراق و الجبهة الشعبية لتحرير السودان واللتان عاصرتا أکثر من نظام سياسي قمعي في بلديهما وإستطاعتا بعد مسيرة طويلة إثبات وجودهما وفرضه على النظام السياسي في بلديهما. وقد حظيتا هاتان الحرکتان السياسيتان بمساحة طويلة و عريضة من إهتمام الاعلام العربي الرسمي، وکان من البديهي أن تعطي أسوأ إنطباع عنهما، بحيث يقترن ذکرهما لدى القارئ العربي بمفردات من قبيل الاستعمار و الرجعية و الامبريالية و الصهيونية و التآمر. ومن المفيد أن نشير هنا الى بعض التيارات القومية العربية التي إتسمت بشوفينية مفرطة بحيث ساعدت هي الاخرى في إذکاء وتأليب الرأي العام العربي ضد مختلف الاقليات المتواجدة في الوطن العربي و النظر إليها و کأنها قنابل موقوتة أو " ألغام" مزروعة في أحشاء و مفاصل الامة" کما تشير الکثير من أدبيات حزب البعث على وجه الخصوص". وهذه النظرة على الرغم من سطحيتها و سذاجتها و بعدها عن الواقع، إلا أنها وللأسف کانت معيارا للتعامل مع مختلف الاقليات العرقية و الدينية و المذهبية، ذلک إنها تتجاهل الحقائق والاعتبارات التأريخية و الجغرافية المتعلقة بالموضوع و کأن هذه الاقليات قد فرضت نفسها على الواقع العربي بعد أن سبق ذلک تفاهم و تنسيق بينها و بين قوى الشر و العدوان المضادة لأماني و طموحات الامة العربية! ومن المؤسف جدا أن تتحاشى کافة أجهزة الاعلام العربي الخوض في غمار هذه المسائل من الزوايا العلمية و الموضوعية، فهي تتحاشى" إن لم نقل تتجاهل عن قصد و سابق نية" عن طرح حقيقة أن الکورد هم أمة متکاملة من کل الجوانب وإن وطنها " کوردستان" قد تمت تجزأته بين عدة دول ومورست بحقها أفظع الجرائم و أبشعها إبتداءا من ترکيا الاتاتورکية التي لازالت تنکر وجودهم القومي رغم إنها تنوي الانضمام الى الاتحاد الاوربي! ومرورا بسوريا التي إستخدمت سياسة الحزام العربي ضد الکورد المتواجدين عندها و إيران التي إظطهدتهم" الى جانب العرب و البلو? و الترکمان والاقليات الاخرى" رغم إنها إستغلت الکورد تحت ذريعة" العرق الاري" من دون أن تمنحهم أي إمتياز يشعرهم بذلک وهاهي في زمن ولاية الفقيه تظطهد الکورد و کل الاقليات العرقية و الدينية و المذهبية بإسم الدين، و إنتهاءا بالعراق الذي شهد قمة الاظطهاد و القمع القومي الذي مورس بحق الکورد والذي کانت ذروته في زمن البعث البائد. ولازلت أذکر کيف أن وحدات من الجيش السوري و المصري قد أرسلت للعراق في الستينات من القرن المنصرم لمناصرة الجيش العراقي ضد الانفصاليين الکورد المتآمرين على وحدة التراب العراقي. واليوم وبعد أن تبين الخيط الابيض من الاسود، فإنه لايزال هناک الکثير من الاقلام العربية التي ترفض التعامل مع الحقائق الثابتة على الارض و تحبذ بدلا من ذلک التعامل الفوقي المشبع حماسية و ضبابية تحجب أبسط الحقائق عن العين المجردة. بل وأن کاتبا مثل " سمير عبيد" لايکتفي بعدم الاقرار بالحقائق و إنما ينزل بقلمه الى مستوى قد يکون وضيعا لمن يسمي نفسه مثقفا ويتعرض لأمة برمتها، حين يقدح بالکورد ويتصور ذلک إنتصارا قوميا يحرزه في سوح الوغى! والسؤال هو ماذا سيکون رد الفعل المنتظر من الاقلية القومية التي تتعرض الى کل ذلک الضغط و التشويه و التحريف ؟ هل تنتظرون أن تنتشي طربا على وقع کلمات کتاب مثل سمير عبيد و عبدالباري عطوان و آخرون عديدون، أم تنتظرون أن تضرب أعلى درجات نکران الذات و تتغاضى عن کل ماوقع لها وتبسط يديها للسماء داعية من الله تعالى أن يصلح من بال القيادة السياسية و ترشدهم الى مافيه خير و صلاح الامة ؟ ألا تتفقون معي أن زمن المعجزات قد إنتهى! وإن تربط الناقة ثم تتوکل على الله أفضل من أن تتوکل و تدعها مفلوتة اللجام؟وبعد مافات أليس من حق کورد العراق أن يطمئنوا على مستقبل علاقتهم بالعراق من خلال عهود و مواثيق أقوى من تلک التي تم إبرامها في عام 1921 حين ألحق الجنوب الکوردستاني بالدولة العراقية التي أشترطت عليها " عصبة الامم" آنذاک أن تحترم و تراعي حقوق الکورد في مختلف الجوانب ثم حدثت کل تلک الفظائع والاحداث الدامية من دون أن يحسب أدنى حساب لتلک العهود و المواثيق، بل وحتى وصل الامر الى تجاهلها تماما. ودعونا نسأل هل الاطمئنان على مستقبل العلاقة من خلال بنود ثابتة في دستور دائم هو السعي نحو الانفصال؟ أم البقاء بين مطرقة المجهول و سندان المتغيرات السياسية هو المطلوب من الکورد على طول الخط ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من


.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز




.. مأساة إنسانية في غزة.. أكثر من 37 ألف قتيل ونصف مليون تُحاصر


.. مسؤول إسرائيلي لـ-أكسيوس-: حماس رفضت مقترح بايدن لتبادل الأس




.. سرايا القدس: لا نعلم إن كانت المعاملة الطيبة مع الأسرى ستستم