الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الی رفيقي العزيز

نزار عقراوي
(Nazar Akrawi)

2012 / 10 / 6
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


الی رفيقي العزيز
سألني أحد الرفاق : ماخطبك يا رفيق أراك اليوم حزينآ منهارآ ؟
أجبته : يوم أمس فقدت واحدآ من أعز الناس الی قلبي .
فسأل : من هو ؟ وماذا يقرب أليك؟
أجبته‌ : أخي وصديقي ورفيق دربي جمال الشيخ ، رفيق من فلسطين المحتلة.
قال: حبذا لو کنت عرفتني عليه‌ قبلآ ، هلا حدثتني عنه‌ رجاءآ ؟
فقلت له‌ : مهما حدثتك عنه فسوف لا أفي بتعريفه ، فقد کان متميزآ عن کل الذين عرفتهم من قبل ...
کرر هذا الرفيق طلبه‌ بألحاح أکثر .
أجبته‌ : عدرآ يا رفيقي ألا تراني کم أنا منهار من شدة وقع الصدمة ، أرجو أن يکون ما أنا عليه‌ مجرد کابوس مرعب عابر ولاغير.
فرد علي صاحبي قائلآ : مع شديد الأسف يبدو أنه‌ غير ذلك، أشارکك الأحزان، ولکنك شوقتني أکثر لأعرف و لو قليلآ عن هذا الأنسان.
قلت له أنك علی حق، ومن حق جمال أن يعرفه‌ کل الناس، نعم کل الناس يجب أن يعرفوا هذا الأنسان العظيم حتی لو کان ذلك بعد رحيله، ولکن من أراد أن يعرف جمال، أي نوع من الناس کان، کيف عاش، وماذا کان يميزه عن غيره، عليه أن يذهب الی فلسطين ويسأل أرضها وسمائها ، شوارعها و أزقتها، معاملها وعمالها، شجرة الزيتون والبرتقال، السراديب والمخابيء السرية، السجون والسجانين، وحتی جنود وضباط الجيش الاسرائيلي المحتل (( علی الرغم من أنهم فرحون بموته ، ولکنهم لايزالون مذهولين، مرعوبين من سر العزيمة والصمود والأصرار الذي لامسوه في شخصية جمال في سجونهم ، وفي سوح الکفاح ، رحل جمال، ولکن خشيتهم ورعبهم تکبر وتبقی، فهم يعرفون أن رفيقي ترك من ورائه‌ المئات من تلامذته الذين دومآ لايعرفون الأستسلام والأنسحاب )). فأذهب يا رفيقي الی فلسطين، علی الرغم من علاقتي القوية معه‌ لأکثر من 17 عامآ، فأنا أيضآ لاأعرف سوی القليل، القليل عنه ، كان کبريائه‌ يمنعه‌ من أن يسرد الکثير عن حياته‌، خوفآ من أن يفسره‌ من لاێعرفه علی نحو اخر، فأنا أيضآ عرفت أشياء كثيرة عنه‌ من رفاقه‌.
إذهب يارفيقي الی فلسطين وأسأل عمال بيت لحم ونابلس، فسوف يقولون لك، بأن جمال کان قائدهم ومعلمهم ، و کيف کان جمال يوحد صفوفهم وينظم نضالهم خلف رايتهم الحمراء، وکم کان مبدئيآ في الدفاع عن حقوقهم في مواجهة جشع الرأسماليين ، وکيف كان يشرح لهم بأسلوبه‌ البسيط والشيق وبعمق تفکيره المارکسي بأن الوحدة والتنظيم والنضال الطبقي وحده کفيل بالظفر بالحرية والمساواة وأعادة بيتهم المسلوب من المحتل الاسرائيلي.
أو أسأل شوارعها وأزقتها سوف يعدون لك عدد التظاهرات والأحتجاجات العمالية والجماهيرية التي نظمها جمال وقادها مع رفاق دربه‌ وکيف کان الحديد يهتز من تحت أقدامهم ، ومن رنات حناجرهم في القاء الشعارات الثورية والنشيد الأممي (هـبوا ضحايا الاضطهاد، ضحايـا جوع الاضطـرار، بـركــان الـفكـر في اتـّـقاد، هــذا آخر انفــجــار، هـيا نحــو كـل ما مـر، ثــوروا حـطـموا الـقـيــود، شـيـدوا الكون الجديد الحر، كــونوا أنــتـم الـوجود، |: بـجـموع قـوية، هبوا لاح الظفر،غد الأمـمــية توحد الجنس الــبشــري...).
وسيشهد لك جدران أزقتها ، کيف کان جمال يزينها بالمشورات الحزبية واللافتات الحمراء وبوسترات الأول من أيار واليوم العالمي للمرأة ويوم الطفل، ويوم ضحايا الأحتلال الاسرائيلي..
أسأل ساحاتها وميادينها عن جمال، سوف يسردون لك کيف کان جمال، الشاب الذي يسلح المقاومة وينازل الدبابات الاسرائيلية في وضح النهار وعتمة الليل.
وإذا ذهبت للسؤال عن رفيقي في السجون الأسرائيلية ومن سجانيها ستراهم لايزال مذهولين ، محتارين الی اليوم، من سر عزيمته و صموده في وجههم، وستسمع من السجناء من رفاقه، کيف کان جمال يذل سجانيه ومعذبيه بعزمه وإرادته وصموده، في السنوات السبع من أسره.
وفي طريقك إسأل شجرة الزيتون کم هي عدد الأجتماعات والندوات السرية التي عقدها جمال مع أعضاء الخلايا الحزبية، تحت ظلال أوراقها، وکم هو عدد الأعضاء الجدد الذين نظمهم جمال، وکيف کان يشرح لهم الرؤية العمالية والشيوعية للحياة وللإنسان ومستقبله .
وأذا شربت الشاي في مقهی المدينة لاتحتاج أن تسأل أحدآ عن جمال فرحيله أذهل جميع روادها، وبدل لعب الدومينو، باتوا يتحدثون عن العمق الأنساني وروح التضحية في شخصية هذا الأنسان.
نعم يارفيقي لست أنا وحدي حزين علی فراقه ، کل من عرف جمال وعاشره، أوناضل الی جانبه‌ حزينون بقدري . ولکن هل تعرف أن موت جمال يختلف عن موت الکثيرين، فالموتی يختفون ولن يراهم أحد بعد رحيلهم ولکن جمال لم يرحل ولن يرحل أبدآ، إنني أراه في کل مکان لايزال يساعد اللاجئين في ( South work Refugee Project ) والمعوقين في الـ ( Galassbury ) ، و سوف يشارك في مسيرة تظاهرات الأول من أيار کعادته في ( Central London ) ، ويستمر في الأعتصام مع رفاقه أمام السفارة الأسرائيلية في (Kensington ) ..
المجد والخلود للرفيق العزيز جمال الشيخ
نزار عقراوي 10/08/2012

( في اليوم السبت المصادف للـ 4 من شهر أغسطس الجاري 2012 رحل عن الحياة القائد العمالي والمناضل الشيوعي الرفيق جمال موسی المعروف بـ جمال الشيخ في مستشفی St Thomas بلندن العاصمة البريطانية، بعد صراع مرير مع المرض ،الرفيق جمال الشيخ قاد النضالات العمالية لـ 17 عامآ في مخيم الدهيشة ، في بيت لحم ونابلس في فلسطين المحتلة ، وبسبب دوره النضالي قبع في سجون الحكومة العنصرية في اسرائيل لسنوات عديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اندلاع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين في تل


.. مراسلة الجزيرة: مواجهات وقعت بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهري




.. الاتحاد السوفييتي وتأسيس الدولة السعودية


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): 80% من مشافي غزة خارج الخدمة وتأج




.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام