الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ من الرفض والبناء لن يتوقف

حسام شادى

2012 / 10 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فى عام (2007) تم اعتقال شاب إسكندرانى هو كريم عامر و وجهت له تهم تشمل العيب فى الذات الإلهية والعيب فى الذات الرئاسية . وتم التحقيق معه من قبل النيابة العامة حينها والتى وجهت له تهم وأسئلة تقول بصراحة عن وجهة النيابة الدينية ، والتى بالطبع لها اصل ( دستورى ) واضح يؤسس لقوانين أعطت الحق لمحكمة ( مدنية ) للحكم بالتفريق بين (د . نصر حامد أبو زيد) والسيدة ( د . إبتهال يونس) زوجته لأن أحدهم إدعى أمامها بناء على ( قانون الحسبة ) أنه خارج عن ( الملة ) .
قبلها تم التحقيق معه من قبل المؤسسة التعليمية والتى كان ينتمى لها وهى جامعة الأزهر ، وتم فصله .
حكم عليه ب (3 سنوات ) ، وإنطلقت حملة للدفاع عنه والمطالبة بالإفراج عنه ولكنه أتم فترة الحكم فى السجن كاملة بل تم احتجازه لفتره بعدها .
هذا كان فى فترة حكم مبارك ، وفى أوج صعود حركات الرفض (كفايه) (المدونون) .
كريم حينها اعتقل بعد توجيه السلطة متمثلة فى مؤسسستها القضائية الإتهام له ، وكأن الأمر قد بدا حينها كمعازلة من السلطة للتيارات الدينية ، ولكن فى واقع الأمر هى سلطة يقوم دستورها على قاعدة دينية واضحة ونظام حكم يعطى للرئيس صلاحيات ( خليفة ) (صلاحيات مطلقة)
أثناء فترة سجنه تعرض لإعتداءات من قبل مساجين جنائين وقيل أن هذا حدث بتحريض من عناصر الشرطة أو عناصر أمن الدولة .
فى العام (2012) تم اعتقال ( ألبير صابر ) شاب يقيم بالمرج مدينة (القاهرة) وسط حصار لمنزله من قبل مواطنين مصرين ، تم طرد والدته من مسكنها ، تعرض ألبير للإعتداء من قبل الجنائين أيضاً ، وواضح انه سيتم الحكم عليه فى وقت قياسى .
المشهد يعاد لكن بشكل مبالغ فيه ، بعنف أكثر وأكثر ، بأياد شعبية تم حشدها وشحنها .
فى المشهد الأول شاب من أسرة مسلمة تنتمى للطبقة المتوسطة يسكن مدينة كبيرة .
فى المشهد الحالى شاب من أسرة مسيحية تنتمى للطبقة المتوسطة وربما وسط التغيرات الإجتماعية لشريحة تحت المتوسطة من تلك الطبقة ، يسكن بحى يمكن أن نقول انه ينتمى لما يسمى بالضواحى ، وبعد أن شارك مثله مثل غيره فى حركة شعبية فشلت فى ان تحقق أهدافها ، أى أنه حلقة ضعيفة إجتماعياً ، .
يحدث هذا معه ، وهناك سلطة جديدة تعمل على تثبيت دعائمها من خلال الإرهاب الإجتماعى والفكرى والقانونى ، وتسعى بكل قوة لتنفرد هى وتابعيها بوضع دستور يعبر عن أفكارها ، ويؤسس لدولتهم الخاصة ، والتى لا وجود فيها لما يدعى بالوطن والمواطن ، ولا أظن أنهم سيفعلون شئ سوى اعادة انتاج دستور (71) بتعديلاته ، فهو كان محملاً بتاريخ النظام الإجتماعى و نظام الحكم فى المنطقة عموماً .
سيستدعى هذا الموقف لدينا مواقف سابقة أيضاً يعلمها الجميع . (د . طه حسين ) و التحشيد ضده ومثوله أمام النيابة للتحقيق معه بخصوص عمل فكرى ، والمطالبة بإقصائه عن الجامعة المصرية . (مصطفى عبد الرازق) بعد مناقشته فى عمل فكرى للإسلام ونظام الحكم . (د . فرج فوده ) وإغتياله بسبب من أطروحاته الفكرية . (د . سيد القمنى ) والتهديدات التى كانت توجه له ولأسرته . (د. أحمد صبحى منصور ) وما وجه له من تهديدات أيضاً . وبالطبع تكفير ومحاولة إغتيال ( نجيب محفوظ ) ، سيدات مثل أروى صالح ونوال السعداوى و كثيرات غيرهن وما واجهنه ، مظاهرات حاشدة تخرج للتنديد برواية أو قصيدة شعر وتوجيه تهم لمنتجيها . هذه هى الأمثلة الشهيرة المعروفة ، لكن هناك أمثلة أكثر وأكثر بالطبع ، مثل هذه الوقائع تقول بأن هناك مشلكة ليست لدى السلطة الحاكمة فقط ، بل تقول بأن هذه السلطة تعبر بشكل كبير عن إتجاه معين فى المجتمع .
يقول (د . غالى شكرى ) فى مقدمة كتابه (أقواس الهزيمة) أن – الخصوصية الوطنية المصرية تتجلى فى الثورة ، والنتيجة أنه ما أن تسقط الثورة حتى تسقط معها النهضه – والنهضه التى قصدها ليست هذه الكلمة المستخدمة من قبل جماعة الإخوان وأتباعها فى هذه المرحلة ، وهم بتعبيره ( الجنين ) الذى قال فى وقت مبكر أن ما دعوناه نهضة لم يكن إلا إرتداداً عن العصر الذهبى للخلافة العثمانية.
ثم يقول فى رسالة الى عابد الجابرى بعد ان علم أنه حينها ينجز مشروع بإسم ” نقد العقل العربى ” ، بأن هناك تسميات عديدة للعنصرية على مر التاريخ والبيئات . و هناك مقومات عديدة للتعصب العنصرى كالعرق أو الدين أو الطائفة . وهناك تنويعات مختلفة إختلاف الزمان والمكان .
فهناك صهيونية عربية ونازية عربية وفاشية عربية ، تختلف فى هذه الدرجة أو تلك عن الأصول ، ولكنها تشترك مع هذه الأصول فى كثير من السمات . وأنه لذلك ليست صدفة أن يلتقى أكثر الناس صراخاً بالإنتساب للعروبة والإسلام بالصهيونية والإمبرالية .
وبأنه ليست المشكلة - فقط – فى بعض الحكام ، وإنما المشكلة هى فى البنية الإجتماعية والفكر ، فالبنية الإجتماعية الطائفية أو العرقية والفكر الطائفى أو العرقى هما العمود الفقرى فى النظام الصهيونى العربى الذى التقى عملياً بالنظام الصهيونى اليهودى . ومن قبل بالنظام الإمبريالى العالمى ..
وخلاصة مناقشته أننا لا ننظر الى واقعنا الا بعيون خارجيه ، فلا نرى أسباب هزيمة داخله ، بل خارجه بعيداً .
لا أريد أن أن أفعل كما فعل الإسلامين فى مرحلة صعود ما يمكن أن نسميه ب رأسمالية الدولة وبداية تحولات إجتماعية وثقافية وإقتصاديه ضد مصالحهم وافكارهم حينما كفروا المجتمع . فأنا أشعر أحياناً كثيرة أننا نغرق فى دوامة رفض المجتمع أو إحتقاره ، ولكن للصورة تاريخ واضح يقول بأن هذه بنية المجتمعات ، بنية تضخمت بفعل مشترك بين السلطة والأفراد ، بالطبع عمقتها السلطة لتدعيم قواعدها على فترات طويلة ، حتى أصحاب النوايا الحسنه - لو أنهم وجدوا - لم يستطيعوا إلا أن يفعلوا ما فعله غيرهم .
يحضرنى من يوم 11 فبراير ما خطه الجبرتى – من وجهة نظره بالطبع – فى الأيام الأخيرة للحملة الفرنسية فى مصر ” وفى يوم الأربعاء تاسع عشره خرج المسافرون مع الفرنساويه إلى الروضة والجيزة بمتاعهم وحريمهم ، وهم جماعة كثيرة من القبط وتجار الإفرنج والتراجمين ، وبعض مسلمين ممن تداخل معهم فى المظالم ، وخشى على نفسه ، ومن ترأس فى ايامهم من نصارى الشوام والأروام ” ، فهناك تشابه كبير بين موقف أفكار جديدة تطالب بان يكون للجميع كل الحقوق أو أن تأخذ الأقليات حقها و يطرحها أفراد أو مجموعات مختلفة ، وكان لها وجودها وحضورها ولكن بطبيعة الحال إرتفعت أصواتها أو برزت خلال الثمانية عشر يوماً وما بعدها ، وبين ما حدث مع وجود جيش فرنسا فى مصر ، وردود الأفعال بعد أن حضرت جيوش الدولة العلية حينها ، وظهور القوات المسلحة والإسلامين .
فالحديث عن الأجندات الأجنبية أو الأفكار الغريبة عن المجتمع المصرى أو العمالة للخارج يكاد يكون هو هو نفس الحديث ، وحتى ما قيل على لسان شيخ لهم أو أحد أكبر دجاليهم وتسميته للإستفتاء المنقوص والمبكر ب (غزوة الصناديق ) وكلامه المتبجح الموجه لأعدائه حينها بأنه عندكم تأشيرات أمريكا وكندا ، أى إرحلوا – قاعدين فى بلدنا المسلم ليه – هى هى نفس الرسالة التى وجهت لقبط مصر أو القبط المحلية ، وكل الأقليات حينها .
فى النهاية هناك تشابه كبير بين تأثيرات الحملة الفرنسية على مصر والصدمة التى صاحبتها وتبعتها ، وبين فعل شعبى قامت به مجموعات مصرية تنادى بالحرية والمساواة والعدالة ، وكان فيما بينهم تاريخ طويل شارك فيه أفراد ومجموعات كان لها أفكارها طرحوها ودافعوا عنها .
ما أريد أن أقوله أن ألبير صابر وما يحدث معه ومع غيره ليس إلا رسالة موجهة من مجموعة تشعر بقوة السلطة ويتبعها شريحة من المجتمع تريد هدم تراكم تاريخى – حتى وان لم نكن راضين عنه كل الرضا – وبث الخوف من خلال إختيار شخص هو حلقة ضعيفة ، محاولين بذلك إيقاف عمل ما ينبغى له أن يقف ، وأظن أنه لن يتوقف طالما هناك من يحاولون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عود حميد
السكرتير العام ( 2012 / 10 / 12 - 00:09 )
حمداً لله على السلامة يا معلم :)

اخر الافلام

.. مفاوضات غير مباشرة بين جهات روسية ويهود روس في فلسطين المحتل


.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك




.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت