الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال على حفا شفرة من الضياع!!!

رامي الغف

2012 / 10 / 8
المجتمع المدني


لا أعرف بالضبط ما إذا كان أطفال الوطن الفلسطيني قبل ثمانينات القرن الماضي قد عاشوا حياة الطفولة والبراءة والإهتمام والتقدير مثلهم مثل أطفال دول العالم الأخرى المقاربة وليست المتقدمة فيما يتعلق بفرص التعليم والاهتمام والتربية والاعداد والتأهيل والتطوير الذهني والنفسي والمعنوي إضافة الى تعزيز مهاراتهم وإبدعاتهم، إضافة الى حق العيش الكريم على تراب وطنهم، لان اطفالنا وفلذات أكبادنا لم يولدوا ولم يعيشوا حياة الأطفال وبراءتهم بعد ثمانينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا بسبب الإنتفاضات الثورية والإنقسامات الجغرافية والحروب الطاحنة التي يشنها أقذر إحتلال على وجه البسيطة الا وهو الإحتلال الاسرائيلي، وما تبعه من حصار ظالم واثم، دفعت الطفولة الفلسطينية فيه كل برائتها وعفتها ولم تنتهي المعانات حتى يومنا هذا ولم يعش الطفل الفلسطيني، مثله مثل غيره حياة البراءة اما بسبب العدوان والارهاب الصهيوني على الأطفال والأشبال وحتى الأجنه في بطون أمهاتهم.
وعندما إنصرف الإحتلال من بعض الاراضي الفلسطينية وشكلت حكومات تلو حكومات فلسطينية وأسس المجلس الاعلى للإمومة والطفولة والذي مات اكثر اعضاءه والباقي موجود خارج الوطن وفقط اسم بلا عمل او انتاج، إستمر تجاهل الإهتمام بالطفولة من قبل المذكورين، يعني السعي عن قصد وإدراك الى تدمير المستقبل الفلسطيني المتمثل بالاطفال، ومن اقصر الطرق وعدم وضع المقدمات الصحيحة لبناء مجتمع متكامل قادر على النهوض بأعباء المراحل المستقبيلية، لأن الأوطان والشعوب المحترمة المتقدمة، إنما تبدأ من القواعد الأساسية لتقوية أركانها ووضع الأساسات والدعامات القوية القادرة على صد اعتى الهجمات وهذا البناء يكون عادة من خلال الاهتمام بالنشئ الجديد فكريا وجسديدا ونفسيا ومعنويا، مزودا بمصل وحب الاوطان والتمسك بها.
يمكن للمتبع بسهولة ان يلحظ مقدار الاهتمام الذي تقوم به الدول المتقدمة لبناء شخصية الطفل وتوفير مستلزمات الحياة الحرة الكريمة له منذ الولادة وتهيئة الأجواء الحياتية والبيئية الملائمة ووضع الخطط التطويرية وتنمية القابليات والمهارات الفطرية لديه وبناء المدارس والمعاهد والكليات إضافة الى تهيئة الكوادر العلمية القادرة على قيادة النشأ في الاتجاه الصحيح.
وقد يكون الوطن الفلسطيني الأكثر استثناءا واحتياجا في العالم لضرورة الاهتمام والالتفات الى شريحة الأطفال ووضع المقدمات الصحيحة لتربية نشأ مستقبلي لديه الإمكانات المطلوبة للنهوض باعباء المرحلة المستقبلية لأسباب كثيرة منها داخلية ومنها خارجية ،لذا يجب على أصحاب الشأن الاسراع والبدأ من الان بوضع ستراتيجية متطورة للنهوض بطفل فلسطين يكون اساسها مبادرات أصحاب الفكر والتخصص والمهتمين بشريحة الأطفال لان استمرار نزف الوقت ليس بصالح الوطن وشعبه.

ان دعم أي مبادرة قبل أي طرف وطني مخلص انما هو دعم لاعادة بناء وتأهيل الوطن الفلسطيني وهذا لن يتم الا من خلال بناء الانسان الفلسطيني لان بناء الاوطان لن يتم الا من خلال بناء الانسان ومعروف ان الانسان الفلسطيني عاني الكثير خلال العقود الاربعة الأخيرة الماضية ترتب على اثرها الكثير من الإخلال بطبيعة العلاقة بين الإنسان ووطنه وهذه العلاقة اذا لم يتم اعادتها الى مستواها الطبيعي لن نتمكن من النهوض بوطننا وشعبنا.
عليه ندعو جميع مؤسسات المجتمع المدني وكذلك الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والهيئات والمجالس العلمية والمهنية، أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الطفل في سبيل إبراز جيل يتمتع بفكر نير يحول حياة الفلسطينين إلى ما هو أفضل من اليوم. كما ان المؤسسات والمجالس الحكومية المعنية بهذا النشاط المهم لم تتحمل الى يومنا هذا مسئولياتها بالشكل المفروض، لان ابسط ما يمكن إعطاءه للطفل هي رياض الأطفال والتي تكاد معدومة بالرغم من أهميتها كنقطة انطلاق نحو بناء شخصية الطفل وإخراج طاقاته و مواهبه وإبداعاته خلال السنين الأولى من عمره وعلى أساسها يستطيع كل من المؤسسة التربوية وأسرة الطفل تطوير تلك القدرات.
ان أي مبادرة لدعم الطفولة باختصار تعني إعادة تاهيل الانسان الفلسطيني من جديد وتعني اعادة تمسكه بوطنه وتعني تخلصه من كل رواسب واثار واثام المراحل الماضية باختصار تعني بناء اساس فلسطيني جديد يكون للتحضر فيه اثر وللتطور ركن وللتقدم املا بعيدا عن الماضي ورواسبه وهذا المشروع لن يكلف الحكومات كثيرا لان الاموال وفيرة من خلال الدعم والمساندات الدولية، اما تاخير هذا المشروع وعدم اقامته فهذا يعني ان الطفولة الفلسطينة على شفا حفرة من الضياع والإنهيار، وهي أصلاً لم تولد بعد وان الوطن الفلسطيني لا زال يقبع في قعر الجهل والظلمات.
إعلامي وناشط سياسي
كاتب وباحث صحفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية