الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض العلل في ثقافتنا, ومحيط الفيسبوك

بلقيس حميد حسن

2012 / 10 / 9
المجتمع المدني


هناك بعض المثقفين, يرون أن قدرهم يهبط حينما يضعون في الفيسبوك اعجابا "لايكاً " لكلمات شاعر أو كاتب أقل منهم مكانة أدبية كما يظنون, فتراهم يقرأون مانكتبه اختلاسا من بعيد, وقد يسرقون فكرة هنا ولمحة هناك. وتجدهم لا يهتمون لكل مايكتبه الاخرون وان كان جميلا, ولم يفكروا بكلمة تشجيع شاب أو شابه أحب الشعر وكتب عبارات جميلة أو شعرا يخطف الاعجاب حقا, فهم يستكبرونها على أنفسهم ويختفون عن الناس ولسان حالهم يقول لا بد وان نضع فاصلا بيننا وبينهم كي لا يلحقوا بنا...عجبا!
لقد تربيت وتتلمذتُ على يد أبٍ شاعرٍ فتحت عيني على مكتبته التي تضم أمهات الكتب بالأدب والمعرفة والثقافة, وعشتُ منذ طفولتي في بيئة عائلية جلّ أهلها شعراء ومثقفين ولم يدر بخلدي ولا سمعتُ ان هناك علواً وارتفاعاً للمثقف والأديب الحقيقي في غير مكانته في قلوب وعقول الناس, كما أنني تعلمت أن الثقافة رسالة ومحبة للجميع وأهم الجميع هم بسطاء الناس والذين يظهرون مافي نفوسهم بصدق وتلقائية معبرين عن اعجابهم علنا وبلا مواربة. فحينما قبلت أن يكون لي أصدقاء من جمهورٍ غالبيته يتوقُ للمعرفة والأدب حيث حرم منه طوال عقود بسبب أنظمة فاسدةٍ قادت الوطن الى الحروب والصراعات والاحتلالات والتشظي والفرقة الطائفية وأمراض السياسة والدين ومااكثرها, عندها لا بد من أن أتوقع أن يعبر الجميع عن وعيه وقاموسه مما سمح له ظرفه العسير ان يتحصل عليه, فهل يكون جزاء من يلم كسرات زجاج النوافذ لصد العاصفة الاستهجان واللوم والرمي بصفات بعيدة كل البعد عن النوايا ؟
اتمنى على هذا النوع من المثقفين, الخروج من جلابيبهم التي حنطتهم, وان ينزلوا من أبراجهم العاجية, فالمثقف المتعالي لايختلف ابدا عن السياسي الذي يحيط نفسه بأعداد من الحمايات والبودي جاردات, فلكلٍ بودي جارداته التي تبعده عن عموم الناس, اذن مانفع الثقافة والفهم حيث يقف عند حدود نخبة قليلة غير مؤثرة ولم تؤثر على مايجري من أحداث مع الأسف..
لابد وان يراجع المثقف نفسه ويرى أين هو من الناس , وماذا نفعت كتبه وكتاباته ومقالاته إن لم تمس من الناس عاطفة ليتأثروا بها, ويتفتح وعيهم على مايريد المثقف الذي من المفترض أن يكون المعبـّر عن ضمير الناس بقدراته ومواهبه.
لا أريد أن اقول علل البسطاء, فهي كثيرة , فالبعض يطلب التعليق والإعجاب بنفسه طلباً منك, ويحرجك اذ لا تريد ان تساهم بنشر ما لا يستحق النشر, والبعض يدخلك في نقاشات لا تستحق ان تضيع وقتك لأجلها, والبعض يعلق تعليقات تنم عن كبت روحي وجد له منفذا, والبعض يظهر عدوانية لا داعي لها وتراه يتهجم بسبب فكرة ما طرحتها ولم تعجبه, وآخرون يزعلون لأدنى شيء ويتعاملون بحساسية مفرطة وما عليك الا ان تتعامل معهم بقلق وحذر, لكنهم مهما كانوا فعلينا تحمل مسؤولية أننا نكتب للجميع ونريد الجميع ان يقرأ, عدا ذلك نكون نكذب على انفسنا حينما نقول اننا نتمنى شعبا قارئا ونتمنى ان تعود المقولة الشهيرة في أن بغداد تقرأ.
وهناك علة من أكبر العلل في مجتمعنا الذكوري, فقد ترى ان شويعرة شابة ابتدأت تكتب جملا وهي لا تعرف الفاعل من المفعول به ولا تعرف أبسط بديهيات فن الشعر, وإذ بكاتب معروف يكتب عنها ويطنب حتى يجعلها معجزة الزمن الراهن, ثم نعرف بعد البحث ان لها علاقة سريـّة به توجها بهذه المقالة مهرا لها, بينما هناك من يجلس يتحدث عن شاعرة لها تاريخ في الشعر والعطاء, ليقول ان شعرها ليس شعرا دونما يعلل لماذا, فقط لانها لم تهتم لفحولته المندلقة عليها. والمؤلم أن هناك من يأتي ليقول ان النص هو الفيصل في الاحتفاء بأديب دون سواه, وكأننا نعيش بمجتمع غير مجتمعنا الظالم في كل شيء, ولو كانت الحقيقة هكذا والنص هو الحاكم فعلا , لكنا بأحسن مجتمعات العالم عدلا وتطورا ووعيا ومساواة, فهل نحن كذلك حقا؟
أين هو الفيصل الحق في مجتمع يجعل الذكورة فضلا والأنوثة عورة؟ ويتعامل مع هذا المبدأ في كل مفاصل الحياة ..
أيها المثقفون الذين تعتقدون انفسكم أهلا لمنح الأوسمة, وبأنكم محكمة العدل في الثقافة , انني أكتب لعامة الناس , للمساكين , لشباب عاطل عن العمل قهره الحرمان والظلم واضنته أوهام المجتمع وتقاليده, أكتب ُ لمن يتذوق الشعر ولا يعرف أن يعبر ويتحذلق بكلماته أمثالكم , قولوا ماشئتم فلن تكونوا بأسوء مما أنتم فيه , ودوروا في حلقتكم البائسة المفرغة, مؤمنة كل الايمان بأن:
كل ابداع بعيد عن الناس, ولا يكون أنيساً لهم في القهر فهو كاذب..
9-10-2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي


.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل




.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل


.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق




.. -غوغل مابس- قد يكون خطرا عليك.. الأمم المتحدة تحذر: عطل إعدا