الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الباكستانية ملالة يوسفزي:الطفولة تكافح الظلام

واصف شنون

2012 / 10 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ُعرفت الفتاة الباكستانية ملالة يوسفزي ومنذ عام 2008 وفي عمر 11 عاما فقط ،كناشطة من أجل الحريات المدنية في وادي سوات الباكستاني الذي يخضع لسيطرة حركة طالبان في الباكستان ،وبدأت تكتب يومياتها تحت ظل تلك الحركة الظلامية المرعبة الى وكالة BBC ويتم نشرها وهي تنتقد طالبان وتتحداهم بكلماتها وصوتها الطفولي المؤثر البرىء من أجل حرية التعليم والنساء من أجل السلام في الباكستان والعالم ،وقد أنتبهت لها شخصيا العام الماضي حين شاهدتها على قناة CNN الأميركية وهي تقول بانكليزية واضحة "لدي حقوق لاأتنازل عنها،حق التعليم والحياة والسلام في الباكستان والعالم" ،وقد منحتها دولتها الباكستان جائزة السلام لشجاعتها واصرارها ، ورغم سنوات من التهديد بالقتل والنسف والتفجير والخطف والحرق وتشويه الوجه بالحوامض الحارقة ، أصرت ملالة على البقاء في ذلك الوادي الأسود الذي يستعصي على حكومة وجيش الباكستان كسر شوكة مقاتلي طالبان وطردهم منه، وواظبت على الذهاب الى المدرسة من أجل ان تصبح طبيبة أو سياسية تخدم نساء بلدها وشجعت زميلاتها وباتت رمزا للصبايا والشباب وكل النساء في الباكستان.
يوم أمس الأول ،وملالة في ربيعها الرابع عشر الأن، كانت تجلس مع زميلاتها في باص المدرسة ، وحين توقف الباص ،صعد رجل بالغ وسأل احدى زميلاتها من هي ملالة ؟ وحين قالت نعم أنا ...، أطلق النار ليصيبها باطلاقتين إخترقت إحداهما رقبتها النحيفة حيث سالت الدماء النقية ...،ملالة تتماثل للشفاء الأن بعد 24 ساعة من محاولة إغتيالها وما زالت في حالة خطيرة ،وقد أمضى الأطباء ثلاث ساعات لإستخراج الرصاصة الغادرة من رقبتها الرقيقة ،ثم أعلنت هذه الحركة الإسلامية مسؤوليتها عن (العمل الجهادي البطولي ) الذي تلخض بالهجوم على فتاة في عمر 14 سنة لأنها تصر على الذهاب الى المدرسة ،ولأنها تخرج وتتكلم أمام الجميع والإعلام الباكستاني والعالمي (ما عدا طبعا الإعلام العربي ..!!!)مطالبة بحقوقها البسيطة وهو حق الحصول على العلم وحق العيش بسلام وبحرية، طالبان كمؤسسة فقهية إسلامية وكحركة جهادية ُتفلسف الدين الإسلامي حسب وجهة نظر شيوخها المجاهدين العظام ،فهم يخافون من صبية تتحدث علناً من أجل حق عادي وطبيعي ويخشون منها على الدين العظيم الذي عمره تجاوز الأربعة عشر قرناً ويعتنقه أكثر من مليار إنسان في كل أرجاء الرض ،من الزوال بسبب ملالة التي تذهب الى المدرسة ..!!، هل هناك أكثر ضعفاً وهواناً وإبتذالاً وتخلفاً من شيوخ دين طالبان وأتباعهم الذين يتحركون كأذرع آلية لتنفيذ مهمات القتل والدمار والتخريب وإغتيال المستقبل؟؟.
أحيانا يصعب التفكير بمجريات نشهدها ونعاصرها ونرى نتائجها ونحصي خسائرها وتحدياتها ،فمثلاً كيف لطالبان كحركة مطاردة ومحاصرة أن تقاوم حلف الناتو العظيم الرهيب بعدته المسلحة وقدراته الهائلة في التجسس والمراقبة بالأقمار الصناعية والخطط القتالية وقواته ذات الصنوف العسكرية المتعددة والخاصة وقوات الولايات المتحدة الأميركية وامكاناتها الإستخبارية والحليف الباكستاني القوي لمدة أكثر من عقد من الزمان في حرب كرٍّ وفرٍّ دون أن تهزم هذه الحركة الظلامية وتتفتت ،بل أحيانا تتجول في كابول عاصمة افغانستان وتغتال جنودا غربيين وهم يسترخون في قواعدهم العسكرية المحصنة الأمينة ؟؟؟؟ ، من أين لهم التموين اللوجستي والسلاح والمال والنساء ..؟؟ طبعاًهناك اكثر من إشارة الى دولة الأمارات العربية المتحدة والعربية السعودية وهما الدولتان الوحيدتان اللتان إعترفتا بحكومة طالبان اواخر تسعينات القرن الماضي قبل إسقاطها اثرالحرب المستمرة حتى الأن في افغانستان عام 2001 وبعد أحداث نيويورك الإرهابية وكذلك اشارات الى دولة الفقيه في ايران وامارة الشيخ حمد في قطر ،واذا افترضنا أن هذه الجهات هي الداعمة بشتى السبل والمنافذ طوال سنين الحرب هناك ، فأننا نقرّ أيضا ان هذه الدول الإسلامية وعلى الرغم من أختلافاتها في إعتماد طرق مختلفة وتشريعات متباينة للـ (الدين الإسلامي وإصوله ومصادره ) فأن جميعها لاتحرّم التعليم على الأقل ...،بل وعلى الرغم من تشددّ إسلامها وشيوخها المتزمتين وقسوة مجتمعاتها المحافظة ، فأن هناك مدارس للبنات وجامعات ووظائف وخروج وسفر بل هناك مصممات ازياء في الأمارات وقطر وممثلات ومخرجات سينامائيات في ايران على سبيل المثال ..!!،اذن جميع هذه الدول تختلف عن طالبان في تحريمها للتعليم وبالتالي يكون الدعم لطالبان هو سياسي وليس جهادي مقدس ضد الكفر الصليبي ...!!،وهذا مما يسىء كثيرا للمبادىءالإسلامية التي تنادي بها تلك الدول جميعا ،بل الكثيرين خارجها ، فما أن إستراح العالم وإلتقط أنفاسه من مهزلة الفيلم المسيء ،حتى فوجىء بمحاولة اغتيال طفلة لأنها تذهب الى المدرسة والهدف ديني ِصرّف..!!.
والمثير أن الناطق بأسم حركة طالبان – باكستان ظهر على الملأ بعد أن عرفوا شيوخه المقدسين أن ملالة نجتْ من الهجوم الجهادي المقدس ليقول "لقد حذرناها عدة مرات كي تتوقف عن انتقادنا ،وهذه رسالة واضحة لها وللباقين من أمثالها الذين سوف يلاقون نفس المصير ،واذا ذهبت الى المدرسة مرة اخرى سوف نقتلها "...!!.
أطفال يصرخون ويتحدّون أعتى وأشرس فاشية دينية معاصرة وفي مناطق نائية عن العالم المتحضر ، أعتقد أن المجتمعات العربية تحتاج لأمثال ملالة ليس من أجل الذهاب الى المدرسة فقط بل من أجل كامل الحريات المدنية المصادرة في السعودية والتي ُتصادر الأن في مصر وتونس والعراق على الخصوص ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العزيز واصف ليس ذلك بعجبا
حسين طعمة ( 2012 / 10 / 11 - 16:36 )
حين تغيب الانسانية عن وعي وتفكير الانسان ،يصبح حيوانا شرسا لا يضاهيه اغلب الحيوانات المفترسة التي لا تفكر الا بكيفية اصطياد فريستها ،ومن المؤكد انها شريعة طفيلية وحيوانية يسمونها احيانا شريعة الغاب .اننا بصدد كارثة انسانية يتوجب حلها الكثير من الوعي والجهد الانساني للوقوف بوجه هكذا منهج ووعي وتفكير .ان الحركات السلفية وكذلك طالبان وبعض من الحركات التي تتشدق وتفتخر بأبادة البشر المختلفين عنهم مذهبيا او دينيا أو فكريا ،لا تسموا الى مرتبة البشر والانسانية التي تأنف من مشاهد الموت والقتل الجماعي والدماء التي تنسفح في الشوارع والساحات العامة .اننا امام كارثة انسانية كبيرة .يتوجب علينا كسياسيين ورجال دين ومثقفين فاعلين الوقوف امام هجمةمعروفةليس غرضها الدين وانما نوايا اخرى معروفة للجميع .شكرا لك عزيزي واصف .


2 - العزيز واصف ليس ذلك بعجبا
حسين طعمة ( 2012 / 10 / 11 - 16:41 )
حين تغيب الانسانية عن وعي وتفكير الانسان ،يصبح حيوانا شرسا لا يضاهيه اغلب الحيوانات المفترسة التي لا تفكر الا بكيفية اصطياد فريستها ،ومن المؤكد انها شريعة طفيلية وحيوانية يسمونها احيانا شريعة الغاب .اننا بصدد كارثة انسانية يتوجب حلها الكثير من الوعي والجهد الانساني للوقوف بوجه هكذا منهج ووعي وتفكير .ان الحركات السلفية وكذلك طالبان وبعض من الحركات التي تتشدق وتفتخر بأبادة البشر المختلفين عنهم مذهبيا او دينيا أو فكريا ،لا تسموا الى مرتبة البشر والانسانية التي تأنف من مشاهد الموت والقتل الجماعي والدماء التي تنسفح في الشوارع والساحات العامة .اننا امام كارثة انسانية كبيرة .يتوجب علينا كسياسيين ورجال دين ومثقفين فاعلين الوقوف امام هجمةمعروفةليس غرضها الدين وانما نوايا اخرى معروفة للجميع .شكرا لك عزيزي واصف .

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية