الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفلة روان و- ديوجين- مصباح الفكر- (*)

سعد سامي نادر

2012 / 10 / 11
المجتمع المدني


الطفلة روان و" ديوجين- مصباح الفكر" (*)

ستفرح وأنت تشاهد (* فديو) طفلة عراقية غضة بعمر الورد اسمها روان، وهي تدير ظهرها لشهريار، ومن يشابه سطوته وهوس رغباته المتوحشة. ستشاهد خلجات وشهقات ودموع طفلة ملـَّت خدر حكايات لياليه الألف التافهة. فهي أمام حاضر طفولة مهزوم، تراه يحتضر، فهي لا تتذكر غير أطفال بعمرها، أطفال بلا مدرسة ، يعيشون على المزابل وفي الطرقات ، وحين تتذكر "زنوبة" التي تبيع الكلينكس في الشارع ،تبكي بمرارة. لقد ضاق صدرها، باتت لا تسمع أكاذيب التاريخ ورواته، ولا وعود ثقات اللاطمين على الصدور .!
بصوت طفولي طافح بحب الحياة والوطن وغَرف المعرفة، اختارت ان تحكي لنا، عن قصة ديوجين الحكيم، ذاك المتشرد الأغريقي الذي كان يطوف بين الناس مثل معتوه ، يحمل فانوساً يجول به في رابعة النهار بلا ملل. حين سُئل: ماذا تبحث أيها الأحمق ! قال شهادته : ابحث عن الإنسان والحقيقة التي لا يراها الأغبياء أمثالكم!

اختيار ديوجين الباحث عن الحقيقة وحامل فانوس ثلاثي الفكر و الحكمة والفضيلة! مفارقة رائعة، فبقدر ما لها من دلالات تاريخية ، قدمت لنا روان من خلاله، إشارات معاصرة واضحة وفاضحة لما يجري في وطننا من تراجع فكري وحضاري وخراب. كيف ! بعد 2350 عام ونحن نهيم خارج جواهر ثالوث عدالته الإنسانية، ثالوث الحكم الوثني ذاك.؟
فالفكر السائد الآن، سوداوي ظلامي معتم بلا أمل . أما طفح الرذيلة والفساد فلا تغطيه نعيق نفاق الفضيلة الزائف في الجباه، فالفساد والرذيلة سمة لمشهدنا السياسي برمته. أما رأس الحكمة فـ"مخالفة" الله وشرعه في كل مرفق حتى في بيوت الله..!
لعله اختيار موفق لطالبة صغيرة حكت لنا عبر فانوس ديوجين، معاناتنا، آلامنا وآمالنا الواسعة بغد سعيد مع الكتاب والقراءة والمعرفة.
*************

كان ديوجين رجلا شجاعا لا يساوم على نشر الحكمة والفضيلة بين الناس، سعادته بنشرها وكشف حقيقة الإنسان.
كي يقاوم رغباته وغرائزه، كان يعيش في برميل، ويقتات على ما يحصل عليه من غسل الخضار.
أراد افلاطون مماحكته يوما: لو توددت للحاكم، لما اضطررت لغسل الخضار ! فرد ديوجين: لو أنت غسلت الخضار يوما، لما احتجت للتملق لحاكم !

في القرن الرابع قبل الميلاد، نصحت أم الاسكندر الكبير ابنها ان يحيط نفسه بعلماء وفلاسفة عصره الوثني العظام (حد تعبير الكاتب آرثر ميللر). وكان لها ما أرادت. احتل الإسكندر بنصيحتها نصف العالم. لعل علتنا تكمن في آذان فادتنا، فهي لا تتقبل سماع إلا نصائح العرافات وقارئات الفنجان وشيوخ خيرة الكتاب!!

حسب نصيحة الأم،أراد الاسكندر غرف المزيد من برميل حكمة ديوجين. وجده كالعادة جالسا يتشمس في برميله. قال له بتواضع : لا تقم، أنا الإسكندر. فرد عليه : وأنا ديوجين الكلبي.
- ألا تخافني؟ رد ديوجين : هل أنت رجل فاضل أم شرير؟ أجابه الاسكندر : طبعا أنا رجل فاضل . فرد عليه : كيف تريدني ان أخاف من رجل فاضل !؟ هل تظنون مثلي، إن سبب هلعنا وموتنا: فضيلة ساستنا العظام..!؟
تتجلى شجاعة ديوجين، حين خيّره الاسكندر بطلب ما يشاء. فأجاب: أريد شيئا واحدا منك فقط، هلا أبعدت ظلك الأحمق، إنه يحجب ضوء الشمس عني، فأشعة الشمس، هي الشيء الوحد التي لا تستطيع منحي إياها !!

حملة أنا أقرأ، عِبرة للعلم والتعلم، ويأتي تحديها، محاكاة ليوم تقدم ديوجين بطلب الانتماء كتلميذ في أكاديمية الفيلسوف الأكبر سقراط ، نُهر وطُرد وضرب بعصا غليظة.. رد ديوجين: اضربني كما تشاء، لكنك سوف لا تجد عصا اصلب من تصميمي على التعلم !! يا للحكمة ! أليس من حق آرثر ميللر إذن ! أن يسجد أمام حضارة الإغريق "الوثنية العظيمة" .؟
الغريب في أمة " اقرأ " أن هناك من تعلق بـ" ما أنا بقارئ " بل يجاهر بأنه ضد العلم، ، بل هزم العلمانية والحداثة..!

أخيرا، كم كان جميلا وعظيما حضور "ديوجين"، مصباحاً منيرا يليق بحملة شبابنا الواعد "انا عراقي أنا أقرأ".. وهو اختيار لمحاكاة واعية تسلط الضوء على حصارنا الفكري والثقافي، وصرخة ضد نهج التجهيل ونشر الأمية، بوركت أيادي الشباب، وبورك شعارهم: أنا أقرأ، أسأل، أشكك.. أنا أفكر! هذا وجودي، أو الطوفان..!

(*)-ديوجين– مصباح الفكر- مجلة دولية لعلوم الانسان يصدرها المجلس الدولي للفلسفة والعلوم الانسانية
(*) – فديو لتجمع " أنا عراقي أنا أقرأ "
http://www.youtube.com/watch?v=U5K-8UeGfYI&sns=em








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لاجئون سودانيون عالقون بغابة ألالا بإثيوبيا


.. الأمم المتحدة تكرم -رئيسي-.. وأميركا تقاطع الجلسة




.. تفاصيل مقترح بايدن من تبادل الأسرى حتى إعمار غزة


.. شاهد: أحداث شغب في ملعب صوفيا الوطني في بلغاريا: إصابة 3 من




.. أبو حمزة: الطريق الوحيد لاستعادة الأسرى هو الانسحاب من غزة