الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد عاصمة مكانس الثقافة !

عادل الخياط

2012 / 10 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



التايتل مستوحى من عنوان : بغداد عاصمة الثقافة العربية " . أما مفردة المكنسة فمستوحاة من حكاية شعبية مصرية تحت تسمية : سبب كسر المكنسة ؟" .. إقتران بغداد عاصمة الثقافة بحكاية المكنسة المكسورة , تمخض عنه تايتل هذي الموضوعة .

ولكي تتضح عملية الإقتران , لا بد في البدء من التعرف على تفاصيل الحكاية .. وهنا سوف تُوضع تلك الحكاية كما هي بدون رتوش أو تعديلات وباللهجة المصرية , تقول الحكاية :

( الاب كان مسافر ولما رجع لقى ابنه مستنيه فى المطار
الاب : إيه أحوال البيت وانا مسافر؟
الابن : كل حاجه ميه ميه متقلقش, بس حصل حاجة بسيطة
الاب : حصل إيه؟؟
الابن : عصاية المكنسة انكسرت
الاب : بس كده, ولا يهمك, بس إيه اللي كسرها؟
الابن : انت عارف ان البقرة لو وقعت على حاجة بتكسرها!
الاب : انت تقصد بقرتنا؟
الابن : آه.
الاب : إيه اللي حصل؟
الابن : كانت بتهرب وهيه خايفة, فوقعت على عصاية المكنسة كسرتها.
الاب : المهم البقرة حصل لها حاجة؟
الابن : ماتت...
الاب : يا لهووووووي... ماتت!!! وهى كانت بتجرى خايفه من إيه؟
الابن : لا دي كانت بتهرب من الحريقة.
الاب : حريقة!! حريقة ايه؟؟
الابن : لا مفيش أصل بيـتـنـا اتحرق.
الاب : اتحرق!!! يالهووووي.... اتحرق من إيه ؟
الابن :اخويا الكبير, الله يرحمه, هو السبب.
الاب : ايه؟؟ اخوك مات!!! ازااااااي ؟؟
الابن : كان بيشرب سيجارة, وقعت حرقت البيت وهو جواه.
الاب : يالهووووي!!! اخوك كان بيشرب سجاير؟
الابن : هو كان بيشرب سجاير علشان ينسى حزنه.
الاب : حزنه على ايه؟
الابن : على أمي الله يرحمها.
الاب : هي امك كمان ماتت؟
حينها وقع الأب من طوله ومات على الفور ..
فقال له الابن : يابا , متعملش في نفسك كده يا حبيبي , فداك ألف مكنسة !! )


احد الحريصين من الذين إطلعوا على تلك الحكاية وبعد تمعن مسهب وفي لحظة ما داهمه فزع مفاجئ على الوفود القادمة أو التي سوف تقدم لفعالية : بغداد عاصمة الثقافة العربية " : أن تكون خاتمة تلك الوفود ميلودرامية على شاكلة الأب الذي خر ميتا بعد سماعه لتراجيديا المكنسة المكسورة . فقام بإرسال تلك الحكاية إلى معظم أعضاء لتلك الوفود , ومن ثم تبعها بعد بضعة أيام بإرسال النصيحة التالية :

السيدات , السادة , عضوات وأعضاء الوفود التي ستشارك في المهرجان المسمى : بغداد عاصمة الثقافة العربية " . تحية وبعد , لا بد إنكم قد إطلعتم على حكاية المكنسة المكسورة التي أرسلتها لكم قبل أيام , لقد تعمدت أن أرسلها قبل هذه الرسالة بفترة لكي تتخذوا فسحة زمنية في تأمل المغزى العميق لتلك التراجيديا , ولكوننا ندرك عدمية تأملكم في ذلك المغزى , فلا بد من القول إنه - الكُنه - يتماثل مع ما سوف تصيرون إليه عند قدومكم للمشاركة في هذا المهرجان المزمع إقامته في السنة القادمة . وهنا , لا ريب إنكم ستطرحون الإستفسار المنطقي : كيف ؟ والإجابة على هذه الـ كيف , هي إننا سوف نضع قبالتكم العوالم التي ستداهمكم والتي هي ذاتها ستكون الظلال الحاملة لجرثومة القدر المأساوي ؟!

فيا سيدات ويا سادة عندما تطأ أقدامكم تلك الأرض سوف لا تعثرون على أي معلم ثقافي , معالمنا أيها السادة عبارة عن عمائم تقول للأديب أنك غير مُؤدب لأنك تحتسي البيرة , أما نحن فتتجسد فينا الآداب لأننا لا نعترض على السرقة , لا نعترض عن اللصوص الذين يسرقون ليل نهار لأنهم سوف يركعون أو يسجدون - ضاعت علينا مقتضيات الأمر - .. ونحن أيها السادة عندنا ناس مثلكم بالضبط تعتقد إن آثارنا ونصوصنا جميعها تستحق الهدم والحرق ففيها يكمن الشيطان وفيروساته .. الذي عندكم أيها السادة كله موجود عندنا فلماذا أطيل عليكم .. عندنا شارع يبيع الورق والكلم , أحاله مسؤول السلطة الدينية إلى ركام ترابي .. عندنا موشور , تمثال يصب إبريقا طموحا للحالمين للعابرين نحو فضول نبراس الحياة الغير مُقيد بدساتير الظلام , فسدوا الإبريق وحرثوا عشبه الأخضر .. وزير ثقافتنا أيها السادة هو ذاته وزير مدفعنا وخوذتنا وبسطلانا العسكري .. أيها السادة بسطالنا الذي سوف يظل مرادفا لحياتنا هو الأشد بريقا لهذا البلد وليس المعلم الثقافي , لكن هذه المرة الخوذة العسكرية مقرونة بطواويس الشعوذات الدينية من أعلى هرم في السلطة إلى أضأل مسؤول فيها .. هؤلاء أيها السادة هم " مكانس الثقافة ".. الذي يحكمون بلدنا أيها السادة " مكانس للثقافة " ناس مرتبطة بالشعوذة والتعويذة وليس لها علاقة بهذا الدوران الكوني الذي تجاوز الذهول ذاته .. لهذا وغيره الكثير الكثير سيقود هذا الرُكام للسكتة الدماغية او القلبية التي هي ذاتها التي رافقت تدرج حكاية المكنسة المكسورة .

لكن ربما يكون الخير فيما وقع , وقد نبتكر وضعا خرافيا مريحا , وربما فنتازيا , رمزية قد لا تطرأ على مفككي كريات " هرمان هيسة " الزجاجية , أو " يوليسيس جويس " , وربما تكعيبيات " بيكاسو " !! .. فإذا كان الأب العائد من السفر قد إستهان بقيمة " المكنسة " التي كُسرت في نهاية الحكاية , فإن كسر مكانس الثقافة في عراق اليوم هو الأكثر أهمية , لكن يتوجب أن يحدث في البدء وليس في النهاية مثل حكاية المكنسة المكسورة فعندها ستنبعث الحياة في العراق من جديد .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثمة خطأ في تكنولوجيا الحوار المتمدن
عادل الخياط ( 2012 / 10 / 14 - 05:11 )
هناك ستة تعليقات في حيز تعليقات الموقع .. لم تُنشر هذه التعليقات , والخطأ في الموقع , فعادة ما يرسل الموقع إستفسار على إيميل الكاتب .. المشكلة إن إيميلات الموقع للكاتب حول تلك التعليقات الستة مُبهمة , بحيث أن الحيزين المختارين للكاتب بعدم نشر التعليق أو نشره , هذان الحيزان في الرسالة الألكتروية مطفئان , بحيث أنه لا مجال للكاتب الإختيار .. وبذلك فإن التعليقات الستة لا يمكن نشرها , والخطأ في تكنيك الموقع وليس الكاتب أو كاتب التعليق .. لذلك نسترعي الإنتباه لإدارة الموقع حول ذلك الخطأ
عادل الخياط

اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تُدخل الاحتلال في ا


.. محبوب عبد السلام : مشاركة الحركة الإسلامية ضرورة لوقف الحرب




.. كارلو أكوتيس: كيف أصبح قديساً في الكنيسة الكاثوليكية؟


.. محبوب عبد السلام : مشاركة الحركة الإسلامية ضرورة لوقف الحرب




.. يهود من الحريديم يتظاهرون في تل أبيب احتجاجا على قانون التجن