الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لم يتبقى لقوى اليسار الآن غير أن تتوحد

حامد حمودي عباس

2012 / 10 / 16
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


لم يكن لوحدة اليسار في البلدان العربية من ضرورة ملحة ، كما هي الان .. فجميع التفاعلات السياسية المترسبة على قاع الواقع العربي بعد أحداث التغيير الحاصلة ، توحي بأن هناك ثمة ضرورة تمليها تلك التفاعلات ، تجعل من اليسار في البلدان العربية أمام تحديات جديدة ، لا تبيح له أبدا أن يبقى في دائرة الافتراق ، ولا تسمح لأطرافه أن تتبارى مع القوى المعادية فرادى وبدون توحيد الجهد والكلمه .
لقد بانت ، ألآن ، وبشكل واضح ، بوادر الجزع الجماهيري من مسيرة قوى الاسلام السياسي كنتائج تم تشخيصها من قبل العديد من المثقفين المحسوبين على جبهة اليسار والعلمانية عموما .. حيث تتضح حقائق دامغة ، تعكسها أحاديث الناس في مواقع التواجد الاعتيادية اليومية ، وهم يعبرون ، وبوسائل شتى ، عن خيبة أملهم بالقوى الحاكمة الحالية ، والى الحد الذي يجعل البعض يتمنى لو لم تحدث معالم التغيير أصلا كبدائل كانت الجماهير تتوخى منها الانقاذ ..
فمن يتجول ويخالط عامة الجماهير أثناء حركته اليومية ، يشعر بان هناك نسبة لا بأس بها من ردود الأفعال ، الرافضة لسياسة حركات الردة وعلى اختلاف مسمياتها ، إذ بدت كافة تلك الحركات في شغل شاغل عن تلبية حاجات البلاد من بنى تحتية دمرتها الانظمة الدكتاتورية السابقة ، مع إغفال الاهتمام بأي برنامج تنموي من شأنه أن يرتفع بالمستويات المعيشية الى مراحل أكثر تقدما ، وهو ما توخته الشعوب العربية من قادتها الجدد .
وراحت ، وبشكل حثيث ، كافة المشاريع الخدمية تسير وباتجاهات الإرتداد الى الخلف ، وتوقفت أكثر مراحل البناء المناطة بالقطاعين العام والخاص جراء سيادة حالات الرشوة ، وتنصيب عديمي الكفاءة في مراكز الفعل ضمن أسوء محسوبية شهدها الوطن العربي عبر كامل تاريخه الحديث .
لقد فهمت جماهير الشعب المغلوبة على أمرها ، وبشكل واضح ومؤثر ، بأن عمليات السطو على السلطة من قبل القوى المناهضة لمعالم التقدم ، وقيام تلك القوى باستغلال عامل الدين لنهب ثروات البلاد وبشكل شره ، مع عدم الإكتراث لحالات التردي الاقتصادي والاجتماعي للفقراء ، فهمت تلك الجماهير بأن سلاح الاحزاب الدينيةو الحاكمة لم يعد كافيا لاقناعها بجدوى الاستمرار على انتهاج سبيل الخضوع والى ما لا نهايه .. حيث توضحت ملامح الرفض هذه في عمليات التصدي لحزب العدالة والبناء ، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في ليبيا من خلال رفض الوزارة المشكلة قسرا من الاسلاميين ، واناطة مسؤولية رئاسة الوزراء بشخص آخر ينتمي الى الحركة الليبرالية رغم التصويت في بداية الامر للمتشددين الدينيين في المؤتمر الوطني العام .. وظهرت بوادر المقاومة السلمية التقدمية في تونس ، تبعتها وتزامنت معها العديد من الحركات المدنية في المغرب ، ثم مصر والعراق .. وليس من الغريب ، أن اغلب الجهات المتصدية لسبيل قوى التخلف في هذه البلدان قد تبنتها حركات نسوية أشهرت معارضتها للدساتير والتشريعات المجحفة بحقوق المرأة .
لقد أنتفعت حركات المجتمع المدني المؤمنة بالحداثة والمدنية ، من هذا الواقع والمنبثق عن غباء قوى التسلط الحاكمة ، حينما لم تحسن إدارة شؤون البلدان التي تحكم فيها .. فلقد ظهرت وبشكل جلي حالات االتمترس الوطني التقدمي ، خاصة في صفوف النساء ، بجنوب السودان باعتباره انعكاسا مباشرا للنهج الذي يسير عليه نظام البشير المتخلف ، وتحركت مجاميع النساء المغربيات ضمن مظاهرات شعبية عارمه للاحتجاج على اغتصاب احدى الفتيات المغربيات من قبل الشرطه ، وتظاهرت النساء التونسيات للمطالبة بحقوقهن تزامنا مع الاحتجاجات الكبيرة على المستويات الشعبية في باكستان ، احتجاجا على قيام طالبان باغتيال الناشطة النسوية مالالا .. وهاجمت الاوساط الفنية في مصر سبل الانتقاص من سمعة الفن من خلال التجمهر وعقد الندوات في أروع تضامن مدني مع الفنانات والفنانين ضد دعاة الظلامية ورواد المنابر .. وبدأت الجمعيات المدنية العراقية ، وخاصة النسائية منها ، بالتحرك للتضامن مع احتجاجات ساحة التحرير ، ناهيكم عن ظهور عدد ، وان كان قليل ، من القنوات الفضائية العربية الداعية لفضح سياسات التخلف والرجعية ..
ضمن واقع كهذا .. هل من نافل القول أن ندعوا الى تكثيف الجهود لقيام تحالف مصيري بين كافة القوى اليسارية في بلدان الوطن العربي من أجل تركيز أواصر القوة ، وتتبع حالات الرفض الجماهيري للواقع المتردي وعلى كافة المستويات ؟؟ .. من ياترى ، كفيل بتوجيه حالات التذمر الشعبي لصالح خلق تيار قوي يصطبغ بألوان التأثير الفعال ، سعيا نحو التغيير التقدمي الشامل ، إن غابت قوى اليسار عن ساحة الصراع بفعل تشظيها وضياع كلمتها بين أكثر من ميدان ؟ ..
لمصلحة من ، يجري عزل ومحاربة مراكز الاشعاع التقدمي في البلدان العربية من قبل قوى اليسار ذاتها ، لمجرد الدعوة الى توحيد عناصر الفعل التقدمي عموما ، وكأن هذه الدعوة من شأنها الحط من سمعة هذا الحزب أو ذاك ؟؟ ..
ثمة حقيقتان لا يمكن نكرانهما ، تطفوان على مجمل ألأحداث الاخيرة والمتسارعة في البلدان العربيه .. أولاهما هي أن قوى اليسار وحليفاتها قوى التقدم والمؤمنة بالتحرر الوطني من قيود الرجعية الجديده ، مدعوة الآن ، وبشكل عاجل ، لاستثمار عناصر الرفض الشعبي لمسيرة القوى الرجعية الآخذة في النكوص ، وباتجاهات تؤثر في احداث صدع مباشر ضمن جدار المنظومة الحاكمة .. والحقيقة الثانية هي أن المسؤولية التاريخية المتعاظمة والملقاة على عاتق الأحزاب اليسارية في البلدان العربية ، تدعوها لأن تتحرك فورا لخلق مناخ داعم لمنظمات المجتمع المدني ، وخاصة النسائية منها ، من أجل توحيد الجهود الرامية لإحداث تغييرات تجبر جبهة التخلف على التراجع ..
وبخلافه .. فإن الطوفان قد يحل وبكامل مواصفاته .. وحينها فان التاريخ عودنا جميعا بأنه صاحب لسان لا يرحم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين وصحفيين بمخيم داعم لغزة


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -




.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش