الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ظلم اليمين واليسار للمرأة المصرية

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2012 / 10 / 18
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لعب «المجلس العسكري» المصري، بعد سقوط مبارك دوراً في عرقلة جهود «الاتحاد النسائي المصري» الذي تشكل في ميدان التحرير (وسط القاهرة) في ١٣ شباط (فبراير) ٢٠١١. أمر «المجلس العسكري» بتشكيل «المجلس القومي للمرأة»، الذي لا يختلف كثيراً عن مجلس سوزان مبارك في خضوعه للسلطة الحاكمة، وتقوده الشخصيات ذاتها التي اشتغلت معها، وبعض قيادات المنظمات النسائية التي نشأت وترعرعت في ظل نظام مبارك. بعد قفز التيار الإسلامي إلى الحكم، برزت النساء المنقبات والمحجبات، وعلى رأسهن زوجة رئيس الدولة، لا نسمع صوت إحداهن تدافع عن حقوق النساء والتي تُسلب على نحو متزايد تحت اسم الدين والشريعة، وتردد هؤلاء النساء ما تقوله التيارات السياسية السائدة من أن الختان والحجاب جزء من هوية المرأة المصرية المسلمة، ويهاجمن المناضلات لتحرير المرأة، ويوجهن اليهن تهمة الكفر أو الخيانة الوطنية، أو على الأقل تقليد الغربيات المنحلاّت أخلاقياً.

قضية تحرير النساء لا تنفصل عن قضية تحرير مصر كلها، وقد ربطت رائدات الحركة النسائية المصرية، منذ ستين عاماً، بين تحرير مصر من الاستعمار الخارجي، وتحرير النساء والرجال من النظام الطبقي الأبوي المستبد داخلياً. وكان المفروض أن تكون قضية المرأة المصرية من القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية المهمة بعد ثورة يناير 2011، التي نادت بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة للجميع نساءً ورجالاً، وبعدما شاركت النساء جنباً الى جنب الرجال في الثورة، لكن أهمية القضايا السياسية لا تنبع من مبدأ العدالة للجميع، بل من منطق القوة التي تقفز الى مقاعد السلطة بعد الثورة.

النساء خارج دائرة هذه السلطة. غالبيتهن داخل البيوت محجبات، مقيدات بسلطة الزوج المطلقة بحكم قانون الأسرة الأبوي. وإن خرجت المرأة للعمل وأنفقت على زوجها والأسرة، فإنها تظل تحت حكم زوجها، يُستولى على مالها ويطلقها متى شاء، أو يتزوج عليها.

تصبح المرأة أو الشخص الداعي إلى تحرير النساء داعياً إلى هدم الدين أو إباحة المحرّمات الوطنية والدينية، إضافة الى كونه عميلاً للأجانب، باعتبار أن الأجنبي هو عدو الله والوطن. فشلت النساء المصريات (والرجال من ذوي الضمائر) في تغيير قانون الأحوال الشخصية، على رغم النضال الطويل، بسبب خوف مزمن من «عقاب إلهي». ولم تكن كشوف العذرية للشابات المشاركات في ثورة يناير، إلا محاولة لإشاعة الخوف بين الفتيات وعائلاتهن، وبالتالي يفرض الأهالي على بناتهم عدم الخروج الى التظاهرات، خوفاً على عذريتهن، أو حماية لشرف الأسرة الذي لا يقل المساس به خطورة في نفوس الشعب عن المساس بذات الحاكم. تزيد اشكالية قضية تحرير النساء مع تصاعد قوى اليمين الطبقية الرأسمالية داخلياً وخارجياً، ومعها حلفاؤها من التيارات السياسية الدينية في مصر وخارجها. يزيد من الاشكالية أيضاً أن قوى اليسار (من الاشتراكيين والشيوعيين الذين يحاربون الرأسمالية والقهر الطبقي للعمال) لا يهتمون بقضية نصف المجتمع من النساء، لأنها تخلخل النظام الأبوي داخل الأسرة، مما يهدد المصالح السلطوية للزوج والأب. وقد تتحمس قوى اليسار لقضية النساء (جزئياً) لاستخدامهن في الثورات ضد اليمين الرأسمالي الاستعماري والامبريالية والصهيونية، وضد الدولة المصرية المستبدة داخلياً، بشرط ألا تتجاوز المرأة حدودها وتطالب بتغيير قانون الأسرة، أو المساواة التامة بين الآباء والأمهات والأزواح والزوجات في الدستور.

القوى السياسية بكل أطيافها في مصر (يسار ويمين ووسط) التي استولت على مهمة إعداد الدستور اختلفت على كل شيء، إلا المساس بقانون الاحوال الشخصية القائم على السلطة الأبوية المطلقة. نشر أحد زعماء اليسار المصري الثوري برنامج حزبه لتحقيق مبادئ الثورة، الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، ولم ترد كلمة قضية المرأة في البرنامج أو مساواة النساء والرجال في قانون الأحوال الشخصية. في الدستور تتوقف العدالة الاجتماعية عندهم عند باب البيت. تظل الأسرة الأبوية من الثوابت المقدسة في نظر اليسار واليمين على حد سواء، يشمل اليمين التيارات الدينية السياسية ويشمل اليسار مختلف أطياف الاشتراكيين والشيوعيين والليبراليين المعادين للاستعمار الخارجي. فشل اليسار المصري في تحرير العمال والفلاحين والطبقات الكادحة من الفقر والأمية، مع ذلك يحمّلون النساء مسؤولية القضاء على الفقر والأمية ويتهمونهن بالنخبوية إن ناضلن من أجل تحرير النساء من العنف الجنسي. «يمط الرجال بوزهم» في وجه النساء إن نطقن كلمة حرية المرأة، باعتبار أن حرية المرأة من الكماليات المستوردة من أميركا، أو مطلب قلة من نساء الطبقة العليا البرجوازية ولا تهتم النساء الفقيرات الكادحات بهذه الحرية. أما حرية الرجل فهي حرية محترمة من حق الرجال الفقراء مثلهم مثل رجال الطبقات الأعلى... تدور الحركة النسائية المصرية داخل هذه الحلقة المفرغة من النقد والاتهامات منذ مئات السنين حتى اليوم.

لن تحل الإشكال إلا أجيال جديدة من النساء الشجاعات اللائي لا يستمعن إلى ما يقوله المبتسرون من الزملاء في الأحزاب، اليسار واليمين والوسط، وذوي اللحى أو من دون اللحى، وحين تحترم المرأة المصرية حريتها وكرامتها بمثل ما يحترم الرجل حريته وكرامته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الإسلام هو المشكلة
نور ساطع ( 2012 / 10 / 18 - 07:33 )

سيدتي العزيزة

الإسلام هو المشكلة لأنه دين ذكوري بحت

**************************************************************************


2 - الفرق كبير
سامي بن بلعيد ( 2012 / 10 / 18 - 11:43 )
بالفعل الفرق كبير بين من يدعي الى تحرير المرأة من اجل بناء المجتمع ورفعة الشعوب وبين من يدعي الى تفسخ المرأة وانحلالها باسم التحرير والافكار الخادعة
فالاول إنسان والثاني شريك للوهابية التي تقتل حياة العرب باسم الاسلام أي انهما وجهان لعملة واحدة


3 - لن تحترم المرأة حريتها وكرامتها ما لم تدرك حقها
فؤادة العراقية ( 2012 / 10 / 18 - 12:59 )

أهلا بأضائتك المشرقة أيتها العظيمة


مشكلة مجتمعاتنا بأنها تعيش على قوانين ثابتة بحيث لا تجرأ على تغيرها لأنها لا تمتلك الشجاعة على التفكير ومنه الى التغيير , التفكير يحتاج الى جرأة وتحدي ومنه سيأتي التغيير في المعتقدات القديمة والثوابت التي نشأ الأنسان العربي عليها والتي عفنت افكاره من ركوده عليها
احتاجت الحياة اليوم لكثرة تعقيداتها الى خروج المرأة للعمل لتساعد في مصروف بيتها بسبب الغلاء العالمي ولكن القوانين بقيت ثابتة حيث لا زال الرجل يتحكم بمصير زوجته ويهيمن على مالها وله الحق بتطليقها وقت ما اراد ذلك ولتذهب معاناتها وسنينها الى الجحيم بسبب هذا القانون الفاسد بجموده, دون ان يأخذ بالحسبان مدى التطور والتغيير الذي يطرأ على الحياة , فلا زالوا يتصورون بأن الحياة ثابتة على وتيرة وقانون واحد وتعاليم ربانية لا يصح التلاعب بها
المرأة ان ارادت التحرر الفكري ستواجه صعوبات كثيرة ومعارضة شديدة من قبل محيطها المتخلف بقانونه الفاسد ما لم تمتلك شجاعة التحدي والأصرار وهذا ينتج من وعيها بأنها انسانة كاملة لا تختلف عن الرجل ما لم تتفوق عليه

الـف شــكر لجهودك الأنسانية


4 - سيدتى إنه قهر مركب
عبدالحميد ابوسنه ( 2012 / 10 / 20 - 22:02 )
الحرية كل لا يتجزأ والمجتمع المصرى مجتمع طبقى يعانى من القهر السياسى والاجتماعى ومن الطبيعى أن نسبة هذا القهر تزداد وتتركز على الفئات الضعيفة فى المجتمع مثل أطراف الدولة والضواحى والفقراء وغير المسلمين و غير السنة من المسلمين والفقراء والنساء والأطفال وعلى هذا الأساس أرى أن الأمر يحتاج لمزيد من الدراسة والتأمل والنضال للخروج من منظومة القهر المركب


5 - الحرية في واقعي
هالة طارق ( 2012 / 10 / 25 - 02:50 )
أنا أيضاً في مرحلة من المراحل كنت اعتقد ولا أعرف لماذا أن الحرية هي نبذ الدين والتشبه بالغرب المنحل اخلاقياً في نظري كمتدينة وأني لو اردت أن اكون حرة سأتعري واخرج عن الدين وأصبح عاهرة حتى صدمني أبي برفضه لسفري ولإكمال دراستي بالخارج وكانت حجته ان هذا هو بداية التحرر الذي سيدفعني للانحراف ورغم مشاركتي له في المعتقد الا اني عندها حزنت من حكم ابي علي اني سانحرف بمجرد ان اسافر وحدي. ولأني كنت احب دراستي كثيراً وأتشوق للسفر واستكشاف العالم بدأت اخيراً افكر في مفهوم الحرية بطريقة حيادية وعرفت انها لا تعني تقليد الآخر ولا تعني الخروج عن الدين و الانحراف او الانحلال بل كانت تعني لي في ابسط معانيها ان اكمل دراستي في المكان الذي يووفر لي افضل عون على ذلك وان أسافر وأستكشف العالم مع او بدون رفقة من دون رفض الآخرين بحجة واهية او بحكمهم المسبق علي.

اخر الافلام

.. شاهدوا الفتاة التي اختارها بيو من أجل جاك ??


.. الأردن: ما وراء ارتفاع مؤشرات العنف ضد النساء؟




.. العراق.. -سوسو- تنتزع لقب ملكة جمال القطط • فرانس 24


.. إحدى المشاركات سعدية العسري من مدينة قلعة مكونة بجنوب المغرب




.. عضوة فرقة أحواش تماست بمدينة ورزازات عتيقة الكدير