الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون خلفاء القوميين

محمد سيد رصاص

2012 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في انتخابات برلمانية بعامي 2005و2010،تقترب نزاهتها من المعايير الغربية،فاز تحالف الأحزاب والحركات الاسلامية الشيعية العراقية(حزب الدعوة،التيار الصدري،تنظيم"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"بقيادة آل الحكيم)بأكثرية مقاعد البرلمان . في انتخابات مجلس الشعب المصري ،التي جرت بعد أشهر من تنحي الرئيس مبارك،فاز الاسلاميون(بجناحيهم الاخواني والسلفي)بثلثي المقاعد،ثم في الانتخابات الرئاسية فاز المرشح الاخواني.
بشكل من الأشكال،لايمكن الهروب من حقيقة انتهاء حقبة وخلافتها عبر حقبة جديدة،وبحيث يمكن القول بأن زعيم حزب الدعوة الاسلامي نوري المالكي كان خليفة أوحالاً محل البعثي صدام حسين في سدة حكم بغداد،تماماً مثلما كان مجيء محمد مرسي،الآتي والممثل لجماعة الاخوان المسلمين،للرئاسة المصرية منهياً لحقبة بدأت في يوم 23يوليو1952،ومن الممكن هنا المغامرة بالقول بأن الصراع البادىء بين العسكر والاخوان منذ الأيام الأولى لسقوط الملكية، ثم مالت موازينه لصالح عبدالناصر إثر حادثة المنصة في يوم26أوكتوبر1954،قد حسمه الرئيس مرسي بعد أسابيع من وصوله لسدة الرئاسة ضد(المجلس العسكري الأعلى).
هذا يعني خلافة الاسلاميين للقوميين وانتهاء حقبة،تماماً كماكان يوم23يوليو1952بداية النهاية للحقبة الليبرالية وبداية الحقبة القومية العروبية في القاهرة وبغداد ودمشق.في يوم11يناير1992منع عسكر الجزائر (الجبهة الاسلامية للإنقاذ) من أن تكون خليفة ل(حزب جبهة التحرير)،التي مثَل حكمها منذ الاستقلال هوية جزائرية وطنية تقترب مماكانته العروبة في المشرق،عبر انقلابهم الذي منع اكتمال المسار الانتخابي،ولكن يبدو أن مالم يستطعه الاسلاميون الجزائريون قد استطاعه الاسلاميون التونسيون عبر انتخابات عام2011،وبحيث كان راشد الغنوشي منهياً للحقبة البورقيبية التي كان الرئيس بن علي بشكل"ما"استمراراً لها.
هذا مسار تمر به المنطقة،كان الخميني مدشناً له في يوم11شباط1979ضد القومي الفارسي الذي كانه الشاه محمد رضا بهلوي(ودائماً ايران كانت تفتتح مراحل المنطقة منذ الثورة الدستورية عام1906) وعلى الأرجح أن الاسلامي أردوغان هو هكذا تجاه أتاتورك : في العالم العربي،أسباب صعود الاسلاميين على حساب القوميين هي مختلفة عماكانته في طهران وأنقرة،إلاأن هناك مشتركات متعلقة بفشل موجة التغريب التي بدأت في العشرينيات بالعالم الاسلامي وبلغت ذروتها بالعلمانية عند أتاتورك وآل بهلوي،وقد كانت الليبرالية والقومية العروبية والقومية السورية والماركسية من مظاهر تلك الموجة التغريبية التي أتى نشوء(جماعة الاخوان المسلمون)عام1928رداَ دفاعياً اسلامياً في وجهها.
عند العرب،يعود فشل القوميين إلى ثلاثة ممرات أوصلوا فيها العرب إلى انسدادات وحالات حرجة من الهزيمة والارتطام بالحائط : (الصراع ضد اسرائيل)،(الوحدة العربية)،و(التنمية والتحديث).إضافة لهذه القضايا الثلاث،نجد أنه في حالات مثل مصر السادات- مبارك،وقعت مصر منذ عام1979تحت هيمنة أميركية لم تكن للانكليز في أيام الملك فاروق ،فيماأوصل البعثي صدام حسين العراق إلى نفق الوقوع تحت الاحتلال الأميركي المباشر.
هنا،يلاحظ أن هناك تداخلاً بين الداخل والخارج : منذ هزيمة حزيران1967بدأت مظاهر صعود الاسلاميين في الفكر،والثقافة،وأداء الشعائر،والزي،وفي السلوكيات .بلغ هذا ذروة في السبعينيات والثمانينيات في منطقة تمتد بين اسلام آباد والرباط وبين اسطنبول شمالاً وصولاً إلى عدن في الجنوب،ولكن بين المحيط والخليج كان ذلك بخصوصية عربية،اختلط فيها موضوع الهزيمة أمام اسرائيل بالنقمة والمعارضة لحكام فشلوا في نقل بلدانهم إلى الحداثة والتقدم كمافعل مثلاً حزب المؤتمر في الهند الذي يحمل الكثير من الخصائص المشتركة مع حركات قومية عروبية كالناصرية والبعثية . أيضاً،كان لقيادة نظام، مثل ذاك الذي أفرزه يوم23يوليو1952بمصر،لعملية التحول نحو رأسمالية الدولة ثم ماأفرزته من بورجوازية جديدة منذ أواسط السبعينيات أكلت الأخضر واليابس من الثروة الوطنية على حساب الفئات الوسطى والعمال والفلاحين،مؤدياً إلى خريطة طبقية أعطت قاعدة واسعة للمعارضة لم يستطع اليساريون الماركسيون،ولااليسار الناصري ،ولاطبعاً الليبراليون الوفديون،الإستناد عليها،فيمافعل هذا الاسلاميون،وقد كانت الفئات والطبقات الثلاث المذكورة هي قاعدتهم التصويتية الأساسية في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المصرية بعامي2011و2012ولومع تنويعات قليلة من الأغنياء ورجال الأعمال . في العراق،كان للتمييز الطائفي الذي مارسه نظام البعث بين عامي1968و2003 ضد الشيعة(63%من مجموع السكان) في المناصب السياسية والعسكرية والأمنية والإدارية،وماأنتجه هذا التمييز من آثار اقتصادية- اجتماعية ومن تهميش،أثر كبير في اتجاه أغلب أبناء الطائفة الشيعية نحو الأحزاب والحركات الاسلامية الشيعية،فيماكانوا بغالبية كبرى في الأربعينيات والخمسينيات مع العروبيين في حزبي(الاستقلال)و(البعث) وفي الستينيات بالحزب الشيوعي . في الجزائر،بين عامي1962-1988،كان احتكار السلطة مؤدياً إلى احتكار الثروة وإلى تهميش فئات واسعة من الجزائريين من الفئات الوسطى وخاصة تلك الريفية المهاجرة للمدن الكبرى والتي دخلت بقوة في التعليم لتصطدم بفئة من التكنوقراط والإداريين المتفرنسين الذين شكلوا سداً،ومعظمهم من البربر الشاوية من مثلث(باتنة - تبسة - سوق هراس)،أمام المتعلمين الجدد الذين أفرزهم التعريب في زمن بومدين،ليتحول الأخيرين إلى خزان اجتماعي للاسلاميين بين عامي1988و1992 في وجه حكم من الضباط والإداريين كان ينتمي بمعظمه إلى ذلك المثلث المناطقي من الشرق الجزائري حتى قيل "إن من يحكم الجزائر هوB .T.S"نسبة لتلك المدن الثلاث في منطقة الأوراس التي يغلب عليها البربر الشاوية . بين عامي1992و1999كان انسداد الفرص أمام انتصار الاسلاميين في مواجهتهم مع العسكريين،بعد أن فازوا في الانتخابات البلدية -الولائيةعام1990 فيماكانت مؤشرات الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية تقول بفوزهم قبل أن يقطع انقلاب11يناير1992الجولة الثانية من تلك الانتخابات،آتياً من الدعم الفرنسي ثم الأميركي للجنرالات الجزائريين مضافاَ له دعم داخلي من العلمانيين والبربر والنساء لذلك الانقلاب العسكري الهادف لقطع الطريق أمام فوز الاسلاميين.
في الجزائر كان هناك استثناءاً أتى من خلال مسار حرب أهلية بين الاسلاميين والعسكر أدت إلى مئة ألف قتيل،مامنع خلافة الاسلاميين لحزب جبهة التحرير الذي يمثل الآن الرئيس بوتفليقة استمرارية له . في تونس ومصر والعراق كان الاسلاميون خلفاء للقوميين : إذا أخذنا ماجرى في طهران الخميني-خامنئي،وفي أنقرة أردوغان،فإن ظاهرات المالكي ببغداد ومرسي بالقاهرة والغنوشي بتونس يعبرون عن انتهاء حقبة وبداية أخرى جديدة في تلك العواصم ،وعلى الأرجح بالمنطقة،يسودها الاسلام السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
عبد الله خلف ( 2012 / 10 / 18 - 16:17 )
الإسلاميين -و لله الحمد- نجحوا , بفضل وعي الشعوب , و وصلوا لسدنة الحكم في :
1- تركيا .
2- إيران , منذ ثلث قرن .
3- العراق .
4- اليمن .
5- باكستان .
6- مِصر .
7- ليبيا .
8- تونس .
9- المغرب .
10- السودان , منذ ربع قرن .
11- السعوديّه , منذ دعوة الشيخ | محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- .

اخر الافلام

.. مستوطنون يغنون رفقة المتطرف الإسرائيلي يهودا غليك في البلدة


.. ناريندرا مودي... زعيم هندوسي في هند علمانية -اختاره الله للق




.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: فترة الصوم المقدس هي فترة الخزي


.. عظة الأحد - القس كاراس حكيم: السيد المسيح جه نور للعالم




.. عدد العائلات المسيحية في مدينة الرقة السورية كان يقدر بنحو 8