الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملالا يوسف زاي .. -جان دارك- باكستان

منعم زيدان صويص

2012 / 10 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كلما نفّذت مجموعة مسلحة تدعي أنها تدافع عن الإسلام وتكفّرغيرها من المسلمين، فعلة يندى لها الجبين، يدفن المسؤولون في العا لم الإسلامي -- سياسيون ورجال دين، لا فرق -- رؤوسهم في الرمال وكأن الأمر لا يعنيهم. وآخر فعلة من هذا القبيل كانت إطلاق النار في التاسع من هذا الشهر على الصبية الباكستانية ملالا يوسف زاى، ذات الأربعة عشر ربيعا، التي لا تزال في الصف التاسع، لأنها تحدّت حركة طالبان باكستان في وادي سوات التي دعت إلى إغلاق مدارس البنات، وصممت على أن تذهب، هي وأقرانها، إلى المدرسة. لقد صارعت ملالا الموت في إحدى المستشفيات، ونقلت في 14 تشرين أول إلى لندن للعلاج. أما مجاهدو طالبان، الذين أطلقوا النار على رأسها ورقبتها بقصد قتلها، فقد أصدروا بيانا آخر يعربون فيه عن تصميمهم على قتلها إذا عاشت.

هل باستطاعة القارىء أن يتخيل فعلة لا يمكن تبريرها أكثر من هذه الفعلة، في أي عصر وفي أي ثقافة؟ كيف نستطيع أن ندافع عن أنفسنا؟ لم أر إلى الآن أي اهتمام بهذه القضية من قبل العالم العربى، مع أن إعلام وتلفزيونات العالم تنقل أخبار من باكستان تتحدث عن مظاهرات عارمة ضد طالبان تأييدا لهذه الطفلة البطلة، وأن50 من رجال الدين هناك أصدروا فتاوي ضد طالبان. إن المسلمين في أسيا يعتبرون العرب مثلهم الأعلى -- أنظر كيف أخلصوا لإبن لادن ورفاقه العرب وتحملوا حرب أمريكا المدمرة في سبيلهم -- وقد إعتادوا على تقليد العرب وتطبيق واعتناق المبادي التي تتبناها معاهد العرب ومؤسساتهم، مثل جامعة الأزهر، المفروض أن تكون مركز للإشعاع والتنويرالإسلامي، ولكن العرب لم يحركوا ساكنا، وكأن الأمر لا يعني شيئا بالنسبة لهم. لقد أصبحوا يخافون من الإرهاب والإرهابيين، وانشغلوا بدول "الفوضى العربية" بالصراع على السلطه وبمرابحهم السياسية.

بدأت ملالا التدوين على الأنترنت منذ عام 2009 وكانت في الحادية عشرة، مسجلة مذكرات يومية عن أفعال طلبان منذ أن منعوا تعليم البنات وبدأوا بتدمير مدارس الإناث، وشجعت بنات صفها أن يتحدّين طالبان، الذين هددوها مرارا وهددوا والدها، ضياء الدين، بالقتل. ولكن ملالا صممت على المضي في حملتها التنويرية بين البنات و جلبت إنتباه أذاعة ال (BBC) و(New York Times) وأصبحت رئيسة مجلس أطفال مقاطعة سوات، وتم ترشيحها لجائزة السلام الدولية للأطفال وربحت جائزة السلام الوطنية للشباب في باكستان.

لماذا لا يعلن الساسة ورجال الدين العرب براءتهم من أفعال طالبان المشينة ؟ لماذا لا يجتمع الزعماء الدينيون ويصدروا قرارا يعلنون فيه أن هؤلاء مسلمون ضالون وأن آراءهم لا تمت للإسلام بصلة؟ لماذا لم يتبنى هؤلاء قضية ملالا قبل أن يتبناها الغرب وتصبح وصمة عار على المسلمين؟ لماذا لم يبادر الخليجيون وقناة الجزيرة وقناة العربية إلى الدفاع عن ملالا وإعطاء قضيتها حيزا على الهواء بدل أن يكرسوا كل برامجهم للتطبيل والتزمير "للفوضى العربيه" وإثارة مشاعر الناس في سوريا وتحريضهم على بعضهم البعض؟ إن تبني الغرب لهذه القضية الإنسانية، وفشل العرب في معالجة قضايا من هذا النوع، يؤذي العالم الإسلامي ويكرس الأفكار التي يحملها بعض الغربيين عن المسلمين. لماذا يفشل المسلمون دائما في أخذ زمام المبادرة ومنع وسائل الإعلام الغربية من إستغلال هذه القضايا؟

يجدر بالعرب ووسائل إعلامهم أن يعا لجوا قضايا كثيرة من هذا النوع، في الصومال، والعراق، واليمن، ومالي ونيجيريا، وغيرها وهذا لا يعني إرسال السلاح والمعدات بل التركيز على الأفكار الهدامه التي تخلق الإرهاب والتأخر وتنشر الجهل والتقتيل بين الشعوب الإسلامية. أن الشباب الذين يجندهم زعماء الإرهاب يؤمنون بما يفعلون ولن يستطيع احد في الدنيا أن يتغلب عليهم ما داموا كذلك، فإذا آمن الشاب بأنه على حق وأصبح مستعدا للموت في سبيل ما يؤمن به فإن كل قوى العالم لا تستطيع أن تتغلب عليه. التركيز يجب أن يكون على العقول وليس على الأعمال. إن ما يقوم به هؤلاء يقدم للغربيين أساسا يبنون عليه إنتقاداتهم للإسلام، ولا يكفي أن نرفض هذه الإنتقادت فقط بالكلام والتظاهر.

إن مصادر الأعلام العربية بشكل عام، والجزيرة والعربية بشكل خاص، لا تنقصها الموارد المادية ولا المهاره في محاربة هذه الأفكار الهدامة، عن طريق الندوات والبرامج الحوارية واستقطاب الخبراء الدينيين والإجتماعيين النيرين وذوي النفوذ. لا يكفي أن يقول علماؤنا أنهم ضد هؤلا وأنهم لا يؤيدون أفعالهم، ولكنهم مدعوون لمحاربة افكارهم ومبادئهم، ولكنهم لا يفعلون ذلك بما فيه الكفاية. يجب على الشعوب العربية والإسلامية أن تفهم أن أية قضية، سياسية أو إجتماعية، ترتبط بالإسلام تنعكس عليهم جميعا وهم مسؤولون عنها بشكل أو بآخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب


.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق




.. البابا تواضروس الثاني : في عيد القيامة المجيد نتلامس مع قوة


.. وصول البابا تواضروس الثاني للكاتدرائية المرقسية بالعباسية ل




.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي