الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سمفونية الشارع العربي .

ناهده محمد علي

2012 / 10 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


دفعني الى موضوعي هذا رؤيتي لكرنفال في إحدى المدن الغربية , ولا حظت أن الأطفال كانوا فرحين ملونين بألوان الطبيعة الزاهية , يتبادل فيه الفرح الشيوخ والشباب , لم يُزدني هذا المنظر إلا ألماً وأنا أسمع يومياً ( سمفونية ) الشارع العربي , فبدل صوت الموسيقى الهاديء والجميل على ضفاف دجلة أو النيل أو بردى , أو على ضفاف شط العرب تتشكل سمفونية الشارع العربي من أصوات الرشاشات التي تعزف منذ مطلع النهار حتى نهاية الليل , تعقبها طبول القنابل ثم تغريد الطائرات التي تعصف وترش نيرانها على مزارع الموت , رأينا هذا في بغداد وفي طرابلس واليمن وفي القاهرة وأخيراً في دمشق . إنما نفعله هو قتل زهراتنا قبل أن تُثمر فيتحول الشعب العربي الي شعب عجوز يموت فيه الأطفال والشباب يومياً وهم يرقصون على أنغام الرشاشات , يذكرني هذا ببيت الشعر العربي القديم للمتنبي :
لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً فالطيرُ يرقصُ مذبوحاً من الألمِ
وتكتب دماء هؤلاء الشباب عبارة واحدة وهي – من قال أن هناك شيء إسمه ديمقراطية في العالم العربي .
إن المنطق يشير ويؤكد بأنه لا يمكن أن يخرج شاب الى ساحة الموت ليسفك دمه ومائدته عامرة , وأُجور مدارس أطفاله ومستلزماتهم مدفوعة , ومالك بيته لا يهدده بالطرد , ووقته غير مقضي على موائد المقاهي منتظراً المستحيل . يحدث هذا والشاب عاطل ومُنهك من الحياة فلا يعود يهمه الموت , وهذا تحليل بسيط لكل طالب وباحث عن الموت بضراوة , أما عن الديمقراطية فكيف نطبقها ونحن لم نتربى عليها , إذ نولد نحن العرب لنجد التمايز في كل شيء بين الذكر والأُنثى , بين الفقير والغني , بين العربي والأعجمي , فلا صوت لنسائنا وهن مراقبات من قِبل المجتمع ويبحث هذا المجتمع عن أخطائهن فيجدها كما يجد أخطاء الفقير , وكما يجد أخطاء القوميات الأخرى ويتندر بها وعليها .
لا ينفع التعليم لزرع الديمقراطية لأنها قيمة حضارية لا تُدرّس بل يتشربها البشر منذ الولادة فتنمو , يجدها الفرد في البيت في سلوك الوالدين , والمدرسة والجامعة في سلوك المدرسين والإدارة , وفي الشارع في سلوك الأفراد وتقبلهم لبعضهم البعض , ثم يجدها في عمله , ويجب أن يجدها في سياسة البلد , ليس بنداً في الدستور بل حقيقة مُعاشة تحتاج الى عدة سنوات لكي تنمو , إذ هي بذرة صعبة النمو تتطلب عوامل مناخية ملائمة وتضحيات ملائمة ايضاً , والكل ليس مستعداً لهذا , لذا يحلم الشاب العربي بما يقرأه ويصدقه , وحينما لا يجد من يطبقه يصبح لا فرق لديه بين الموت والحياة لأنه وببساطة اللا ديمقراطية تعني اللا كرامة للفرد , فهو يريد طعاماً والموارد كثيرة , ويريد مدارس ومستلزمات دراسية رخيصة أو مجانية , ويريد بيوتاً سكنية لائقة بالإنسان لا حظائر بشرية , ولِما لا والمنطقة العربية مليئة بالثروات المادية والبشرية , كما يريد الشاب العربي أن يقول لا ولا يُطلق عليه الرصاص , ويريد أن ينام في فراشه هادئاً غير خائف من مداهمات الشرطة , كل هذا يُعطي الصورة المعاكسة للديمقراطية والتي هي قيمة إجتماعية يجب أن نتربى عليها كي نطبقها , نطبقها في بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا وبرلماناتنا , ولا تبقى هذه الكلمة شعار يُرفع متى ما أُريد له أن يُرفع , ويهبط كأعلام المنهزمين متى ما أُريد له أن يهبط . نحتاج أن نتعلم أن نساوي بين الذكور والإناث في الحقوق والواجبات وبين الإتجاهات السياسية المختلفة , وبين القوميات والأديان المختلفة , ومتى ما تشربنا هذه القيمة الحضارية سنجد أن دماء شبابنا لن تذهب سدى في شوارع الموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا مفر لتطورنا من دون اليمقراطيه
سومري في الغربه ( 2012 / 10 / 22 - 04:13 )
الديمقراطيه هي سبيل ناجح من اجل اقامة المجتمع الحر الخالي من بؤس الانسان ولكن الحريه والديمقراطيه لا تمنح ولن يربى اولادنا عليها قبل أن نأخذها بنضالنا وارادتنا.
تحياتي للعزيزه ام نورس مع كل الود

اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد