الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تشكيل الوفدين الحزبيين ومن دون برنامج كانت بداية فاشلة

قاسم محمد علي

2012 / 11 / 1
القضية الكردية


توجه مؤخراً وفدان من الإقليم الى بغداد، وفد لمعالجة القضايا المالية والإدارية ووفد لبحث القضايا السياسية الخلافية بين الإقليم والمركز. بعد إنتهاء المحادثات إستمعنا الى تصريحات المسؤولين الكورد من كلا الوفدين بأن نتائج المحادثات كانت مثمرة ومرضية وناجحة. لكن في اليوم التالي صرح رئيس الحكومة الأستاذ نوري المالكي بأن " تشكيل قيادة عمليات دجلة هو اجراء تنظيمي واداري يقع ضمن الصلاحيات الدستورية، بينما حركة قوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها مخالفة قانونية ودستورية" ، واكد رئيس الحكومة ايضاً بأن "حركة الجيش العراقي يجب أن تكون حرة وعلى كل شبر من أرض العراق ولايحق للإقليم الإعتراض عليها ".
وبالتالي وكما تعودنا دائماً نأخذ الحقيقة من الطرف الآخر وليس من المسؤولين الكورد او من القيادة السياسية الكوردستانية. تصريح الأستاذ نوري المالكي يدحض وبشكل قاطع تصريحات المسؤولين واعضاء الوفدين الكورديين ويثبت فشل المحادثات السياسية وفشل الوفود الكوردية في الحصول على اية مكاسب وطنية وقومية شرعية وحتى دستورية، هذا إذا كانت الغاية من الزيارة حقاً لمعالجة القضايا السياسية الخلافية بين الإقليم والمركز. لكن على ما يبدو ومن خلال تصريحات المسؤولين واعضاء الوفدين الكورديين إن الهدف الكامن وراء تلك الزيارة كان لأسباب اخرى، كان من اجل الحصول على إمتيازات ومكاسب مالية ونفطية. وبالتالي هم محقون في تصريحاتهم بأن نتائج المحادثات كانت مثمرة ومرضية وناجحة. وهكذا أصبحت الحقوق القومية للكورد مرةً اخرى ضحية المغانم والمكاسب والإمتيازات المالية والنفطية. قد تكون النتائج مثمرة للمسؤولين الكورد في بغداد ولأعضاء التحالف الكوردستاني داخل مجلس النواب العراقي بالإضافة الى اعضاء الوفدين الكورديين، للحفاظ على مواقعهم المسؤولية داخل الدولة والحزب ومثمرة لقياداتهم حيث تحققت أولوياتهم السياسية بحصولهم على الإمتيازات المالية والنفطية، لكن بالتأكيد ليست مثمرة للجماهير الكوردستانية التي تتطلع للحصول على حقوقها الوطنية والقومية كاملةً في العراق . قد تكون نتائج المحادثات مرضية للأستاذ نوري المالكي لأنه نجح كما في المرات السابقة بإرضاء قادة الإقليم وتلبية مصالحهم الحزبية من خلال المكاسب المالية والنفطية، لكنها بالتأكيد ليست مرضية للجماهير الكوردستانية التي من أولويات مهامها السياسية هي إسترجاع المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم الى حدوده الإدارية وإنتزاع الإعتراف الرسمي من الدولة العراقية بالحدود الجغرافية لإقليم كوردستان والتحكم بكامل موارده النفطية والطبيعية وإستثمارها في اعمار بلدها وتسخيرها في خدمة مواطنيها وليس لإثراء قادة الأحزاب الرئيسية الحاكمة في الإقليم وبناء إمبراطورياتها الحزبية.

على القادة والمسؤولين الكورد أن يستوعبوا إنهم ممثلي شعب، وبالتالي تحتم عليهم الأمانة والمصلحة الوطنية والقومية الدفاع عن الحقوق المشروعة للكورد، وتثبيت هذه الحقوق يجب ان يكون المحور الأساسي لجميع محادثاتها مع الحكومة المركزية في بغداد وطرح جميع المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز بكل صراحة ووضوح والإبتعاد عن المجاملات السياسية وتأجيلها لحين مأدبات الغداء والعشاء وإعلام الجماهير الكوردستانية بكل صراحة وشفافية عن نتائج تلك الإجتماعات والمحادثات والكف عن التصريحات المجاملة والمزيفة لتضليل الجماهير والإستخفاف بها.

إن تشكيل الوفدين وبهذا الشكل كانت بداية خاطئة، من ناحية لأنها كانت تفتقر الى منهج وبرنامج سياسي قومي وأستراتيجية قومية واضحة ولم تكن تمتلك البدائل السياسية في حال فشل المحادثات أو في حال رفض الحكومة العراقية لأي حق وطني وقومي مشروع للكورد، ومن ناحية اخرى كانت وفود حزبية، وبالتالي من المنطقي ومن الطبيعي أن تكون نتائجه فاشلة. من المستحيل أن تحل أية مشكلة سياسية أوعلمية دون أستخدام منهج وبرنامج معين. من جانب آخر الوفود الحزبية عودتنا خلال 20 عاماً الماضية على رعاية مصالح أحزابها وتتحرك وفق مصالح أحزابها وتعمل بإمرة قادتها السياسية لكسب ود ورضا قادتها للإبقاء على مواقعها المسؤولية. لا يمكن التوافق بين المصالح الحزبية وبين المصالح القومية العليا. لا يمكن التوافق بين إحتياجات ورغبات وتطلعات الأحزاب وقادة الأحزاب وبين ورغبات وتطلعات الجماهير الكوردستانية. لا يمكن أن يكون إحدى قدميك في خانة رعاية المصالح الحزبية والشخصية والقدم الآخر في خانة رعاية المصالح الوطنية والقومية. إن بحث القضايا القومية وإتخاذ القرارات ذات الصلة بالمسائل القومية يجب ان تُتخذ من قبل الپرلمان، الذي كان يتوجب ان يكون أعلى سلطة تشريعية في الإقليم، وليس من قبل السيد رئيس الإقليم، حيث تثبت كل تجارب العالم بأن إتخاذ القرارات الفردية لا تجلب سوى الدمار والخراب على رقاب الشعوب. أليس الصحيح والصواب تشكيل هذه الوفود داخل الپرلمان ومن اعضاء الپرلمان لتمثل جميع الأحزاب الكوردستانية ولتعبر عن إرادة الجماهير الكوردستانية وتكون حارساً اميناً على مصالح الجماهير الوطنية والقومية العليا؟

من يفتح باب بيته للسرقة لا يُسمح له أن يتهم الآخرين باللصوصية. بناء قوات الپيشمركة على اسس وطنية تابعة للإقليم وخاضعة لرقابة پرلمان الإقليم وبعيدة عن التحزب والتوجه الحزبي وتكون العين الساهرة على امن وسلامة المواطنين ومدافعة حقاُ عن حدود الإقليم من إحتمال الخطر الخارجي، تفرض نفسها وبقوة على الحكومة المركزية للإعتراف بها وإعتبارها قوة نظامية، بل ولم يكن يتجرأ رئيس الحكومة أن يتهم اليوم مثل هذه القوات بالغير نظامية ومخالفة للدستور.

القيادة السياسية الكوردستانية ووفودها الحزبية لا ولم تتمكن أبداً أن تُرغم المركز على تنفيذ وعوده وإلتزاماته وإتفاقاته حول حقوق الكورد القومية ولا على تنفيذ المواد الدستورية المتعلقة بالحقوق الوطنية والقومية للكورد وليس بإستطاعتها حل ولو مشكلة واحدة من القضايا الخلافية بين الإقليم والمركز، ما لم تتخلى عن مكاسبها ومنافعها وإمتيازاتها المالية والنفطية وما لم تتخلى عن مصالحها الحزبية والشخصية من أجل المصلحة القومية العليا وما لم تتوفر الشفافية في ميزانية الإقليم وعقوده النفطية وإيراداته المالية ونقاطه الحدودية وإيراداته المالية. حينها فقط تستطيع القيادة السياسية الكوردستانية ومن موقع القوة الجلوس على طاولة المفاوضات وتطالب الحكومة المركزية بمعالجة القضايا الخلافية بين الإقليم والمركز وفق الدستور. حينها فقط تستطيع القيادة السياسية الكوردستانية الوقوف بوجه الجيش الشعبي المالكي (قيادة عمليات دجلة) وخروقاته الدستورية ومنع قوات الجيش الشعبي المالكي من تنفيذ العمليات العسكرية داخل المناطق الكوردستانية المستقطعة عن الإقليم.

وفي الختام نكرر للمرة الثانية والثالثة والعاشرة ونقولها أمانةً للتأريخ وللأجيال القادمة بإن إخفاق قيادة الحزبين الكورديين الرئيسيين في قيادة هذه المرحلة هو السبب الرئيسي لكل الأزمات بين الإقليم والمركز وإن العقبة الرئيسية والخطر الحقيقي أمام عدم تثبيت الحقوق الوطنية والقومية للشعوب الكوردستانية في العراق هو تمثيل الكورد من قبل قيادته السياسية الحالية.
من كان قائداً ومناضلاً، وإن على أساس معايير العلم والمعرفة والثقافة والحكمة والشجاعة، في مرحلة النضال الثوري المسلح ليس بالضرورة أن يكون قائداً ناجحا ومعلماً سياسياً وخادماً لشعبه ومدافعاً عن حقوقه وحريصاً على ثروات وممتلكات شعبه في زمن النضال السياسي السلمي داخل المدينة، لأن الأهداف والمهام مختلفة في هاتين المرحلتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية