الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الثورة المجالسية: ما عوامل انطلاقها من روسيا؟
أنور نجم الدين
2012 / 11 / 1ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
لماذا انطلقت الثورة المجالسية من روسيا في عام 1917؟ وكيف كان بمستطاع البروليتاريين الكومونيين أن يستولوا على الوسائل الإنتاجية -المعامل والأراضي- من خلال منظمتهم المجالسية في عام 1917 قبل البروليتاريا الألمانية؟ ما السر التاريخي لانطلاق هذه المحاولة الثورية من روسيا بالذات؟ هل كان بالفعل وصلت درجة تطور القوى المنتجة والشكل التعاوني للعمل، إلى إعلان حياة كومونية في روسيا آنذاك؛ أم على العكس من ذلك، كانت (روسيا بلد فلاحي ومن أكثر البلدان الأوروبية تأخراً، ولا يمكن للاشتراكية أن تنتصر فيها على الفور ومباشرة)، حسب لينين؟ وكيف كان بمقدور الثورة الكومونية الروسية، أن تصبح محرك الثورة البروليتارية العالمية التي انطلقت في عام 1917 في روسيا وامتدت إلى أوروبا كلها في عام 1918 ودامت إلى عام 1923؟
في دراستنا التاريخية "الكومونة والسوفييتات" المنشورة في الحوار المتمدن، قد قلنا صراحة: فالهدف الذي طرحته الثورة الروسية في عام 1825م كان الهدف الاجتماعي نفسه لثورة عام 1789 البرجوازية الفرنسية، كما كان الهدف المنشود لدى الثورة المجالسية عام 1905م، هو هدف ثورة الكومونة نفسه عام 1871م.
وبالطبع فنحن لسنا من أوائل الذين قد قدم هذه النظرة التاريخية إلى الاقتصاد الروسي بوصفه كان اقتصادًا رأسماليًا ناضجًا للثورة البروليتارية؛ نظرًا للتمركز العمالي الذي جرى سابقًا في المعامل الروسية في القرن العشرين، فقبل قرن تقريبًا، أشارت روزا لوكسمبورغ في نقاشها مع لينين حول مسألة القوميات، وعكس لينين الذي كان يَدَّعي أن روسيا غير ناضجة للثورة الاشتراكية، إلى أن روسيا تعيش ظروفًا مماثلة لظروف النمسا وأوروبا الاقتصادية، أما لينين فيتهمها ويقول: "ان روزا لوكسمبورغ، عندما تفترض بمقارنتها تلك ان روسيا تعيش ظروفًا مماثلة لظروف النمسا في هذه الناحية، لا تتبنى فرضية خاطئة في أساسها ومناقضة للتاريخ فحسب، بل تنزلق كذلك إلى أفكار التصفوية من حيث لا تدري" (لينين، مسائل السياسة القومية والأممية البروليتارية، ص 61، عام 1913).
أما في الواقع، فرغم كل تشويهات لينين التاريخية، لم تكن صدفة حين أوجدت الكتلة العظمى من المجتمع الرأسمالي الروسي، في تناقض مع عالم الثروة الشخصية، ثم إعلان ثورتها ضد أساسها الاجتماعية واشعال ثورة بروليتارية في الغرب. فحسب ڤاسيلي گرينيڤيتسکي (1871 - 1919 Grinevetskii, Vasilii)، كانت الصناعات الروسية أكثر تمركزًا من الصناعات الألمانية، وكان توزيع تمركز العمال في المعامل الكبيرة في روسيا وألمانيا في عام 1908 على الشكل التالي:
في المعامل والشركات الكبيرة التي تزيد عدد عمالها 1000 شخص كانت حصة روسيا 24.5%، مقابل 8.1% في ألمانيا.
501 – 1000 عامل: 9.5% في روسيا، 6.1 في ألمانيا.
أما في المعامل المتوسطة والصغيرة، فكان تمركز العمال على الشكل الآتي:
201 – 500 عامل: 10.9% روسيا، 11.2% ألمانيا.
101 – 200 عامل: 5.8% روسيا، 9.9% ألمانيا.
51 – 100 عامل: 5.4% روسيا، 10.2% ألمانيا (*).
وهكذا، ففي التطور الصناعي الروسي وتمركز العمال فيه، نجد سر انطلاق الثورة المجالسية من روسيا بدل ألمانيا مثلا، فكل ما كان يدعي البلاشفة بخصوص عدم النضج الاقتصادي في روسيا، لم يكن سوى محاولة لهدم قاعدة الثورة المجالسية والمساهمة في اجهاض ثورة أممية انتشرت بسرعة في أوروبا الصناعية كافة، فبضل التطور الاقتصادي في روسيا منذ الثورة البرجوازية عام 1825، لم يكن ممكنًا أن تظهر البروليتاريا الروسية إلى المسرح، إلا في يدها راية ثورة الكومونة، ثورة هدم القاعدة الاقتصادية لسيادة الإنسان على الإنسان. فكان الصراع الدائر بين البروليتاريين المجالسيين والبلاشفة، هو الصراع الدائر نفسه بين الكومونة والجمهورية. لذلك؛ فأثناء انتشار الحركة المجالسية في كل مكان، وتمرد القائد العام لجيش الامبراطورية الروسية الجنرال لافار كورنيلوف (1870 – 1918)، الذي عارض كيرنسكي في اعلان الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، بدأ البلاشفة بتنظيم مؤامرة انقلابية ضد حكومة كيرنسكي. وبخصوص ذلك، فيقول تروتسكي وهو كان الشخص الثاني بعد لينين في حزب البلاشفة: (وعصيان كورنيلوف سبب تحولا لمصلحتنا). المصدر:
http://www.marxists.org/arabic/archive/trotsky/1924-lo/ch05.htm
فالبلاشفة لم يستهدفوا طيلة تاريخهم، سوى تحقيق برنامج قومي وطني اصلاحي في الزراعة كالصناعة والبنوك ومسألة القوميات. وتحت غطاء الاشتراكية الوطنية، انتصر البلاشفة في تشويه المغزى التاريخي للثورة المجالسية، بل وجعلت من كلمة المجالسية –السوفييتات- والكومونة والاشتراكية والشيوعية منبوذة بين البروليتاريين.
أما كان هدف الثورة المجالسية، كما بينت بنفسها، الاستيلاء على المعامل والأراضي مثلما جرى بالفعل في روسيا في عام 1917، ثم تسليم إدارتها إلى خدام المجتمع، وانتزاع الطابع السياسي من الوظائف الاجتماعية، والاستعاضة عن الانتخابات الدورية لجعل سيادة الطبقة الحاكمة مشروعة من خلال انتخاب أعضائها، بتنظيم المجتمع في الكومونات الإنتاجية التي يديرها المنتجون أنفسهم.
(*) المصدر:
http://www.google.iq/books?hl=en&lr=&id=sm-M9f385MoC&oi=fnd&pg=PR10&dq=soviet+economic+crisis+1921&ots=ZDUGn8Tttv&sig=8JsB4NDORj6Y_NBNv6yBMp8vVic&redir_esc=y#v=onepage&q=soviet%20economic%20crisis%201921&f=false
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - يا شغيلة اليد والفكر وكومونيوا العالم اتحدوا
فؤاد محمد محمود
(
2012 / 11 / 2 - 11:31
)
الرفيق انورتحية
هذه هي الحقيقة الثورية التي اخفاها السوفيت بعد ان سرقوا الثورة وحرفوها
جهد ثوري رائع
اعانقكم
2 - الرفيق العزيز فؤاد محمد
انور نجم الدين
(
2012 / 11 / 2 - 15:03
)
نعم، هذه هي الحقائق التاريخية بخصوص روسيا. أما الماركسيين – اللينينيين الذين لا يعرفون شيئًا عن التاريخ، يحاولون إعادة الحياة إلى الأوهام التي ولى زمنها. فإذا كان من السهل فهم الحقيقة التاريخية بخصوص درجة تطور القوى الإنتاجية وتمركز العمال في المعامل الروسية في القرن العشرين، فسيكون سهلا إذن فهم الطابع التاريخي للثورات التي انطلقت في روسيا في عامي 1905 و1917 وبوصفها ثورات بروليتارية، فالماركسيين – الينينيين الذين لا ينطلقون من التاريخ بأي شكل كان، يتحدثون لحد اليوم عن هذه الثورات بوصفها ثورات برجوازية أو ثورات هجينة تقوم بقيادتها البرجوازية والبروليتاريا معًا، او تقوم البروليتاريا ذاتها بتكميل أساس الاشتراكية من خلال إقامة رأسمالية الدولة التي تضمن، حسب لينين، شروط الانتقال إلى الاشتراكية في المستقبل، وكأن التاريخ لعبة الأطفال بين أيدي رجال الدولة الديماغوجيين.
تحياتي
.. اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية مع الفريق البر
.. حزب التقدم والاشتراكية يناقش العنف الرقمي ضد النساء، سبل الح
.. تداعيات الصراع القائم و آفاقه - د. موفق محادين.
.. س?بار?ت ب? ه??بژاردني خولي ش?ش?مي پ?رل?ماني کوردستان
.. بعد عام من 7 اكتوبر، حوار مع مصعب بشی-ر