الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لأول مرة وبأمكانيات ذاتية يؤثر الأكراد في سياسة الشرق الأوسط

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 11 / 1
القضية الكردية


انها لأنعطافة تأريخية أن يؤثر الكرد في سياسة شرق أوسطية متعلقة بخيوط قوى دولية عظمى ومتنفذة، فقد أكد الثوار الكرد في تركيا وسوريا على ذلك في ادق ظروف تمر بها منطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الاولى. ففي المرحلة ماقبل الحرب الكونية الاولى كان الكرد منقسمين على أنفسهم محاربين لغيرهم من ترك وعجم، وما أن وضعت الحرب الأولى أوزارها حتى وجدت المنطقة الكردية المعروفة بكردستان نفسها مقسمة بشكل أساسي بين أربعة دول مستحدثة تنتهج التعصب القومي ومستندة على أساس حكم علماني وهي تركيا (ماتبقى للترك من الدولة العثمانية) وايران (وريثة فارس القاجارية) والعراق وسوريا طبقا لما جاءت به اتفاقية سايكس- بيكو في توزيع المغانم بين بريطانيا وفرنسا المنتصرتين في الحرب. ولم تتمكن ثورات محلية محدودة في حينها من اعادة الأعتبار الى الكرد بتأسيس كيان لهم على أرضهم كثورة الشيخ محمود الحفيد وسعيد بيران وسمكو شكاك وغيرها، ولكن الحرب العالمية الثانية جاءت بنفس نتائج الحرب الاولى فترسخ الواقع الكردستاني أكثر من خلال حرب باردة بدأت بين معسكرين دوليين ذوي نفوذ كبير في مختلف اصقاع الأرض. ومن هنا بدأت ثورات كردية محلية أخرى محدودة ضمن الحدود الأدارية للدول الجديدة مع بروز صراع شرق أوسطي جديد على أثر تأسيس دولة اسرائيل في عام 1948، وعندها وقعت الثورات الكردية ووقع كل من العرب وأسرائيل في شباك الحرب الباردة وما عادت هنالك نتائج حاسمة لجميع انواع الصراع لحين انتهاء الحرب الباردة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي أثر تهاوي دولة الاتحاد السوفيتي ونشوء عالم جديد أحادي القطب تتسيده قوة عظمى واحدة هي الولايات المتحدة الأمريكية. لقد حتم الواقع السياسي الذي عاشه الكرد في الفترة الماضية أن يتحولوا فيه الى عصا غليظة تتناوشها القوى العظمى والاقليمية في تصفية حسابات سياسية أقليمية مستفيدة من الدافع الذاتي الكردستاني للثورة والمطالبة بحق تقرير المصير حاله كحال الأمم الأخرى طبقا لما جاء في ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945، وبناء على ذلك فقد ثار الكرد ولكنهم لعبوا دورا هامشيا غير مؤثر في سياسة الشرق الأوسط دفعوا ثمنه باهضا بما يقدر بأكثر من مليون قتيل وتشريد وتهجير الأهالي وهدم مدنهم وقراهم وضربهم بجميع أنواع الأسلحة الفتاكة كقنابل النابالم والسلاح الكيمياوي علاوة على عمليات التفريس والتعريب والتتريك المنظمة وعدم شمولهم بأبسط مقومات الحياة ناهيك عن ابعادهم عن وسائل الحضارة والتقدم. واليوم وفي خضم التخبط التغييروي الذي يشهده الشرق الأوسط والذي جاء لحاجات محلية لشعوب فقدت الحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية والذي أرادت من خلاله احدى دول الشرق الأوسط، وهي تركيا، أن تستثمر تلك التغييرات لصالحها من منطلق اقتصادي وبأسلوب اسلاموي طائفي وهي الدولة التي تتنكر لأبسط حقوق المواطنة لمواطني منطقة كردستان ضمن أراضيها وقمع ثورتهم بل وملاحقة الثوار عسكريا في الدول المجاورة لها بتنسيق مع تلك الدول أو مع أطراف كردية فيها أو بالعنتريات، فقد استطاع الكرد أن يوظفوا الحالة بالشكل الذي يوافق مصالحهم وثورتهم وبما يعري الغاصب الضالم المتستر بعباءة الدين والطائفة. لقد تحولت محاولة التغيير المشروع في سوريا الى ثورة دموية تشوبها دوافع اسلاموية وطائفية وبما يظهرها حربا أهلية، وفي سوريا يوجد أكراد منهم السنة ومنهم العلويون مثلما هو حالهم في تركيا ولاصالح لهم في دخول اتون حرب طائفية لاناقة لهم فيها ولاجمل، فهم واضحون في مطلبهم الذي لايتعدى مطلبا آنيا يتضمن حق تقرير المصير لهم على أرضهم المعروفة بكردستان ضمن الحدود الأدارية لدولهم. وهنا لعب الكرد دورهم الذي كان مرجوا منهم والذي اثبت قدرتهم على المطاولة في ثورتهم من جهة والتأثير الفعال في السياسة الاقليمية من جهة اخرى وعلى صعيدين اثنين: الأول هو ابقاء المنطقة الكردية ضمن الدولة السورية بمنأى عن العنف الطائفي، والثاني هو الوقوف بالمرصاد للأماني التركية بالقضاء على الثورة الكردية من خلال وصول مريديها الى السلطة في سوريا- وهذا لايعني وقوف الكرد الى جانب النظام السوري بل كبح جماح تركيا، اذ يؤمن الكرد في سوريا بوجوب التغيير والتحول الى نظام ديمقراطي يحفظ ضمن ما يحفظه من حقوق احقاق الحق الكردي- . ان هذين العاملين وجها ضربة قوية لتركيا جعلتها تتخبط في حساباتها وذلك من خلال الاجراءات على الأرض والتي قام بها الثوار الكرد في كل من الأراضي السورية والتركية على السواء. ففي الجزء الكردستاني من سوريا أمسك حزب الأتحاد الديمقراطي الكردي بزمام المبادرة في المناطق الكردية وجعلها بمنأى عن العنف مع الأبقاء على الاستعداد لأي حادث مضر بالكرد سواء من قبل الحكومة السورية أو أطراف المعارضة المتحالفين مع تركيا بالأضافة الى التنسيق مع الأحزاب الكردية الأخرى. أما الأجراء الآخر فكان ضمن أراضي الدولة التركية نفسها والذي تضمن عدة محاور عسكرية منها ومدنية، اذ تجلى المحور العسكري في الهجوم الواسع لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في منطقة شمزينان على القوات التركية مما شاغل الجيش التركي كثيرا بعد أن استعد الأخير لدخول الأراضي السورية ومساعدة المعارضة المسلحة والأنتصار لها كمرحلة اولى في محاولته الأنقضاض النهائي على الثوار الأكراد. أما المحور المدني فقد تضمن توجهين رئيسيين: الأول هو دعوة الزعيم الكردي المعتقل منذ اربعة عشر عاما عبدالله اوجلان الحكومة التركية الى اعادة النظر في مواقفها تجاه الأكراد والبدء بحوار معهم والا فقد هدد بتأسيس جيش تحرير كردستاني مؤلف من خمسين الف مقاتل سيبدأ حربا تنهك تركيا وتهدد كيانها، والثاني هو المظاهرات والأعتصامات والاضرابات التي قام بها مناصروا حزب السلام والديمقراطية الكردي والمقرب من حزب العمال الكردستاني في كبريات المدن الكردستانية التركية للمطالبة بتحقيق المطالب الكردية. ويظهر جليا بأن الأكراد في سوريا وتركيا كمواطنين أو أحزاب مسلحة وغير مسلحة أدركوا وللمرة الأولى بأن قضيتهم واحدة وغير قابلة للتجزئة وعملوا على الحفاظ عليها وعلى قدسيتها بأجراءات سياسية وعسكرية ومدنية رصينة جعلت الدوائر المتورطة في المحور الذي تشارك فيه تركيا في منطقة الشرق الأوسط تراجع حساباتها السياسية والأقتصادية ومقدار الضرر الذي يمكن أن تتعرض له من خلال دعم المواقف التركية والتي نعود ونذكر بأن الهدف الأساسي منها هو انهاء القضية الكردية لصالحها والثاني اقتصادي في محاولتها ايجاد اسواق لبضاعتها مثلما نجحت به الى حد ملحوظ في العراق في ظل عدم الأستقرار الأمني والسياسي فيه وهو ماتتمناه لدول اخرى مجاورة أيضا, أما الخطاب الأسلامي المستحي لحزب رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، حزب العدالة والتنمية، فلا يتعدى أن يكون الحقنة المنشطة لمريديه ضمن حركات التغيير في منطقة الشرق الأوسط والتي يبغي منها الهدف الأساسي سالف الذكر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي