الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذاكرة الشعبية الريفية و دورها في كشف التاريخ الريفي المستور

خميس بتكمنت

2012 / 11 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


*تمهيد
تعتبر الذاكرة الشعبية التي تترسخ في أذهان أعتاد الفئة العمرية الأكبر سنا داخل مجتمع معين والتي تتناقل من جيل لآخر عبر توارث المعلومات والمعطيات و الأخبار و القيم الثقافية المخزنة في الذاكرة الشعبية ، حصنا منيعا و سدا صلبا ، بل و عائقا كبيرا للأنظمة الأليغارشية المستبدة الراغبة محو وطمس الذاكرة الجماعية لمجتمع حصن نفسه بشفرة تناسق وتماهي الموروثات المعلوماتية التي تبقى محمية رغم كل المحاولات والإستراتيجيات التي تنتهجها هذا الدول من أجل القضاء بشكل كلي على صلة الوصل الإجتماعية التي تحول دون نجاح كل المخططات الهادفة إلى طمس و محو الماضي التاريخي لهذه المجتمعات و الشعوب من أجل إثبات انسلاخها عن مدها الضارب في أعماق التاريخ .
و مما لاشك فيه ان المجتمع الريفي كان من المجتمعات التي طالتها الإستراتيجيات المخزنية المتواصلة والتي تتجدد كلما أظهر الريفيين وقوفهم في وجه هذه المخططات الراغبة إلى جعل الثقافة الريفية ثقافة هجينة مبنية على استهلاك قيم ثقافية لاريفية ، و رغم كل ما سخرته المؤسسات المخزنية من أجل تعميم طابع الضبابية و التعتيم لم تكلل هذه المحاولات المخزنية المخزية بالنجاح نظرا لكون الحقائق التاريخية والأحداث الكبرى ظلت مخزنة في موسوعات قكرية فريدة من نوعها لا يمكن للمخزن أن تطالها أياديه أو سياساته مهما حاول جاهدا و التي تتجلى في مخزون الذاكرة عند الكهول و الشيوخ والنساء التي تتناقل من جيل إلى آخر شفويا .
الإستنباطات و التجليات و القراءة التاريخية*
إن المعطيات و الحقائق التي ظلت مخزنة في الذاكرة الريفية للأجداد لم و لن نجدها في ما يسمى بكتب التاريخ الرسمي المخزني لعدة أسباب ظاهرة للعيان و لا تحتاج لكثير من الإجتهاد و لعل أبرزها يكمن في تعاكس المعاني والمرامي لكل من المخزن و الريفيين فالأول بذل كل مجهوداته و لا يزال يفعل من أجل محو كل الأدلة الشرعية و الثابتة تاريخيا التي تظهره في صورة النظام الشمولي الأليغارشي الذي ارتكب جرائم و مجازر و في حق الشعب الريفي ، نظكر منها على سبيل المثال لا الحصر مجزرة إيبقوين و اضطلاعه بدور قيادي في إمطار الريف بالغازات السامة للقضاء على مؤسسات الدولة الريفية و ثورتها المجيدة للحفاظ على شكل الحكم العلوي فقط و ليس مضمونه لكونه كانوا يتلقون تعليمات أو بمعنى أصح لأوامر صارمة يجب العمل بمنبثقاتها دون جدال ، و هنا نستحضر المقارنة بين ظهيرين تم استصدارهما من طرف السلاطين المغلوب على أمرهم أو بالأحرى الذين أرادوا أن يكونوا الوجه الثاني لنفس العملة الإستعمارية ، و الظهير الأول الذي نحن بصدد الحديث عنه هو المسمى بظهير 11 شتنبر 1914 و المسمى بالظهير المؤسس للنظام القانوني العرفي و الذي استصدر لتفادي الإصطدام المباشر مع الأمازيغ نظرا لاستماتتهم الكبيرة التي لا توصف إن مست اعرافهم التي تعتبر بمثابة المقدس عندهم ، ولكن ما يثير الإستغراب أن هذا الظهير لم يتحدث عنه ممن كان يصفهم المخزن أنذاك بمجمع العلماء الوطنيين و لكن في المقابل نجد بعد استصدار ظهير 16 ماي 1930 المسمى فعليا بالظهير المنظم للأعراف في المناطق ذات السيادة البربرية ، و لكن بغد يوم واحد من صدوره عرف المغرب ضجة كبيرة إلى درجة أن وصف بالظهير البربري المنصر للأمازيغ و بدأت الشرذمة التي تلقت أوامر من دار المخزن لتفعيل البلبلة من أجل تأسيس حركة سياسية بياعة لثوابت الوطن لتكون الطرف المفاوض الرسمي للقوتين الإستعمارتين طبعا بتواطؤ المخزن من أجل إنجاح المخطط الكولونيالي لنهب الثروات بمباركة دار المخزن و أذياله ،إذ كيف يعقل أن يلقى ظهير 16 ماي 1930 كل تلك المعارضة لدرجة قراءة اللطيف في المساجد و أداء صلاة الإستخارة لكي لا يتم تنصير الأمازيغ مع العلم أن الظهير عند تفحصة بريء براءة الذئب من دم يوسف مما كانوا يفترون مع العلم أن ظهير 11 شتنبر 1914 يحمل نفس المضمون و لم يحرك أحد من هؤلاء البيادق ساكنا ؟ كانت هذه لمحة عن ألية العمل المخزني المتآمر على قداسة الوطن التي رسخت في التاريخ الرسمي المخزني كثابت غير قابل للتحول .
بينما عندما نعود إلى المعطيات و الحقائق المخزنة في ذاكرتنا الريفية نجد القراءة الصحيحة للحدث و التاويل السليم لما جرى فأجدادنا المخلصين لوطنهم الريف الذي كان مستهدفا كباقي المناطق الأمازيغية نجد الذاكرة الشعبية الريفيىة قد ركزت على ظهير آخر و اعطته قيمة قضوى نظرا لخطورته الكبيرة على وحدة الريف و هو ظهير 14 يونيو 1922المسمى بالظهير المؤسس للقواعد الخاصة المتعلقة بالتفويتات العقارية التي سيستفيد منها الأجانب و الواقعة في القبائل ذات العرف الأمازيغي الذي وصفه أجدادنا في الأمثال و القصائد الشعرية التراثية بأنه فتح الابواب على مصراعيها للصوص و الخونة و المستعمرين لتفويت آلاف الهكتارات من الأراضي لغير ملاكها الحقيقيين و نزعهم بالقوة لأملاكهم باستعمال بنود و فصول هذا الظهير ، و هذا ما بقي نبراسا حقيقيا ينير لنا الأجيال المتعاقبة فهم كل ما سبق و استخلاص العبر و الدروس لكي لا نعانق تاريخا مزيفا بذل النظام المخزني عبر تاريخه محاولات و استبدل خطط بأخرى علها تجدي نفعا في حجب الحقيقة حتى يبقي صورته المزيفة كحمل وديع و لكنه في الحقيقة كان ذئبا شرسا غدارا .
كما نجد في ثقافتنا وذاكرتنا الشعبية الريفية كذلك الرواية الصحيحة عن أحداث المقاومة المسلحة الريفية و حيثيات الدولة الريفية و كواليسها و حقيقة كل ما جرى باعتبارها درسا للتحرر العالمي و نموذجا سباقا في تاريخ القرن المنصرم للدولة المعاصرة التي وضع لبناتها مولاي موحند ، التي زور التاريخ الرسمي حيثياتها من أجل إظهار دار المخزن هو المتحكم في كل الأمور و السائد في كل المناطق رغم ان ما نملكه من مغطيات يفند ذلك جملة و تفصيلا ، لكون أجدادنا عاشوا الحدث عن قرب و شاركوا في بطولاته المجيدة و لازموا مولاي موحند في حياته و عايشوه ، ( و سأتطرق لهذا الموضوع في مقال لاحق نظرا لغزارة المعطيات التي لا يسعها المجال هنا ) .
الدور الهام للمورث الشعبي و الذاكرة الريفية أنيا *
من خلال ما تطرقنا إليه سالفا يتضح ان ذاكرتنا الريفية الراسخة في الأذهان قد لعبت دورا محوريا في تسليط الضوء على مجموعة من الحقائق التاريخية التي حاول التاريخ الرسمي المخزني طمسها نظرا للدور الفاضح الذي تلعبه في كشف حقيقته الكاملة في مجموعة من المحطات كتاريخ المقاومة المسلحة و حيثيات الدولة الريفية دون أن نغفل ايضا الوصف الدقيق للأحداث التي عرفها الريف كسنوات المجاغة والجوع بمرحلتيها الأولى و الثانية و أيضا الرواية المفصلة للجريمة المخزنية التي ستبقى نقطة سوداء في وجه المخزن خلال أحداث 58 و59 كذا التعامل القمعي و السياسات التدميرية التي كان الريف وجهة لها من أجل جغلى مجالا هجينا و القضاء على وحدته ككيان و وطن قائم بذاته و دون إغفال تفاصيل الأنثفاضات الريفية و من أبرزها انتفاضة 1984 المجيدة .
إن الذاكرة الشعبية و الموروث الثقافي لعبت دور المنقذ للأجيال ما بعد 1956 لكي لا تكون منفصمة و منفصلة عن ماضي آباءها و أجدادها و و هي من حالت ( الذاكرة و الموروث الثقافيين و الشعبيين ) دون نجاح المخططات المخزنية السياسية الهادفة إلى القضاء على صلة الوصل بين الماضي والحاضر ، وفي هذا الأفق المتفائل و المسكون بهاجس السؤال المعرفي الخالص ، تصبح مفاربة المخزون الثقافي الريفي و مساءلة ذاكرتنا الجماعية شرطا لازما لتقوية الروابط التاريخية التي تربطنا بماضينا النير و الإنتاج الثقافي الريفي الكفيل بالبرهنة على مواصلة درب النهج التشبتي بتاريخنا و قيمنا الريفية ، و من جهة أخرى فإن الرصيد التاريخي الريفي يحتم علينا في خضم موجة الهجوم الشرس على ماضينا و محاولة تحوير سياقاته ودلالاته من طرف المخزن ، أن يظل واجهة متفتحة على العالم الخارجي لكن دون السقوط الإستلاب و التبيعية الفكرية و الثقافية لأي كان شأنه ، فالإنفتاح و التثاقف يقتضيان الإرتكاز على أسس الثقافة الريفية و تحرر ” الأنا ” من عقدة الدونية ، و عليه فالمفروض علينا كريفيين أن نكف عن ترديد الأساطير والخرافات اللاتاريخية التي أرادوا تشبيعنا بها لهدف في نفس يعقوب ، كما أن المقصود من استعادة الماضي و قرائته من زاوية علمية هو تحرير التاريخ الريفي من الإفتراءات و استخلاص العبر لفهم الحاضر والمستقبل . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون في تشاد يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد


.. مقتل 4 جنود إسرائيليين بقصف لحماس والجيش الإسرائيلي يبدأ قصف




.. الانتخابات الأوروبية: أكثر من نصف الفرنسيين غير مهتمين بها!!


.. تمهيدا لاجتياحها،الجيش الإسرائيلي يقصف رفح.. تفاصيل -عملية ا




.. تهديد الحوثي يطول «المتوسط».. خبراء يشرحون آلية التنفيذ والت