الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللعبة القذره ..

حامد حمودي عباس

2012 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


هل من المعقول ، أن التحالف الدولي الذي أزاح صدام حسين ، وأغار على أدق تفاصيل البنى التحتية في العراق .. التحالف الذي دخل إلى وكر أسامة بن لادن في عقر دار المخابرات الباكستانية من غير أن تعلم ، وأجهز على الأنظمة الخارجة عن طوعه وهي في عز عنفوانها وجبروتها .. أمن المعقول أن منظومة تحالف يمتلك كل هذه الترسانة من الأسلحة القادرة على اختراق أجواء الفضاء ، واختزال عنصر الزمن ، وبمعلومات استخبارية عصفت بالزرقاوي وهدت معقله في أحراش وبساتين العراق ، من خلال إستهدافه بضربة جوية بالغة الدقة ، الإمكانات التي كانت تعترض موكب المسكين القذافي وهو يحاول الهروب في أعماق الصحراء وإعادته إلى موقع حتفه مستعينة بمراقبة جوية لا تقبل الخطأ ، رغم وجود المئات من السيارات والآليات المنتشرة في المنطقة ، القوة التي عمدت إلى إفراغ كهوف تورا بورا من الهواء بفعل قنابل ذكية أرغمت الإرهاب على تغيير مواقعه .. أيمكن أن تكون تلك القوة عاجزة عن ضرب جلف أعور يتزعم طالبان في معقلها الجديد ، وتخليص العالم من شروره ومن معه من الخارجين عن القانون ؟؟ ..
بالنسبة لي ، فإنني لا أصدق صحة طرفي معادلة إختلت موازين العناصر الداخلة فيها ، لتفرز هجينا مشوها من النتائج ، أفضت في حصيلتها سقوط الآلاف من الضحايا ، وركاما مهولا من الخراب عم دول وشعوب راحت تئن تحت وطأة إرهاب مجنون .. ومن يتذكر صور المقبور بن لادن ورفيقه الظواهري وهم يدبون في أودية وشعاب أفغانستان متكئين على عكازاتهم وبكل اطمئنان ، يعلم بمدى قذارة اللعبة الدولية على حساب ضعاف البشر من سكان الدول المغلوبة على أمرها .
وثمة تساؤل آخر ، لا يغيب عن بال أي منصف لا يعكر تفكيره الإمساك بتلابيب الغرب كمخلص وحيد من محنة الشعوب المستضعفة ، وهو ، لماذا لا تعمد الولايات المتحدة الأمريكية وزن الأمور بكيل واحد بتعاملها مع القاعدة ، مقابل تعاملها مع الأنظمة الحكومية غير المرغوب بها ، وبذات القسوة والتخطيط المحكم ؟ .. ثم ، هل من مصلحة الغرب فعلا ، بزعامة أمريكا ، أن تزول فعاليات القاعدة ، وتبعا لذلك ستتراجع حتما التنظيمات السلفية المتشددة الأخرى في مختلف دول العالم ؟ ..
كل المعطيات المتوفرة على الأرض ، تفضي إلى ما يثبت ، بأن تحالف الغرب ، لم يكن في نيته التخلص من أعدائه التقليديين ، القاعدة وأذرعها السياسية والعسكرية في المنطقة .
لقد أصبح من اليسر جدا أن يحارب الغرب ، أية جهة يتقرر ، وفق صيغ رعاية المصالح ، محاربتها وبالاستناد الى تهمة التعاون مع تنظيم القاعدة ، إذ لم يكن قطعا لصدام حسين أية صلة بهذا التنظيم لا من بعيد ولا من قريب ، كي ترفع الولايات المتحدة الأميركية يافطة باتهامه بهذه التهمة المخزية .. ولم يثبت لحد الآن ، بأن للقاعدة أساس أو مقر عمل في العراق قبل أن تفتح الأبواب لها مشرعة بعد عملية الغزو عام 2003 .. وليس هناك من شيء يروع أنظمة الخليج أكثر مما يعلن أمامها من إحتمالات تواجد الإرهاب على أراضيها ، وبالتالي حاجتها الماسة لحماية الغير من الدول القويه .. وهاهي القاعدة تدخل وبكل ثقلها وكامل حريتها إلى دول ما سمي بالربيع العربي وسط صمت دولي مطبق ، وبتمهيد مبرمج صيغت أوراقه في أروقة البيت الأبيض وباريس ولندن ، بحيث جرى تسهيل مهمة وصول الأحزاب السلفية المتشددة للحكم تباعا ودون أية مقاومة تذكر .
إنها لعبة قذرة حقا تلك التي تمارسها أمريكا ، نتيجتها تسليط الظلم على شعوب المنطقة واستغفال الحكومات الغبية في البلدان العربية والسير بها نحو حتوفها المأساوية .. ويحضرني الآن حينما قام بعض الإيرانيين باستهداف موكب أمير الكويت إبان الحرب العراقية الإيرانية ، حيث صحى الإيرانيون فجر اليوم التالي على الطائرات العراقية وهي تقوم بدك طهران منذ الفجر وحتى المساء ، وأطلق صدام حسين على ذلك اليوم بيوم الكويت .. حتى شاءت دواليب اللعبة أن تستدرج الكويت لسرقة نفط العراق ، وشحن هذا الأخير لعملية غزو غاية في السخف ، لقصر ذات الأمير الذي انتقم له يوما من أعدائه .
وبذات النفس وذات التوجه .. انتهت تلك الحرب التي فاقت سنينها سنين الحرب العالمية الثانية ، تاركة الملايين من أبناء البلدين بين قتيل وجريح ومفقود ، ولم تنتهي آثارها المأساوية لحد الآن ، انتهت تلك الحرب في غضون أربعة أيام فقط حين قررت أمريكا إعطاء الضوء الأخضر لصدام حسين بإنهائها واستسلام ايران بعد تحرير ميناء الفاو عام 1988 .
بذات النفس وذات التوجه ، يجري التعامل من قبل الغرب ، مع ترتيب خارطة الوضع السياسي في البلدان العربية .. وذات النتائج الكارثية تحدث ، تضيع بسببها أرواح الأبرياء من شعوب المنطقة ، وتتهدم أركان الحياة ، ويتشرد الآلاف من الأطفال والنساء تحت غطاء الديمقراطية المفقودة وغير الحقيقية ..
فهل من منصف يستطيع القول بعد ذلك كله ، إن التحالف الغربي ، لا يمكنه دفع طالبان وتنظيم القاعدة إلى خطوط اللافعل ، وإراحة الشعوب من دوامة الموت الكارثية ؟ ..
أشك في ذلك ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من انهيار الهدنة بين حزب الله واسرائيل| الأخبار


.. الطوارئ في كوريا الجنوبية.. هل تقف كوريا الشمالية خلف التصعي




.. ما أثر عمليات المقاومة ضد جنود الجيش الإسرائيلي داخل غزة؟


.. حرائق وقنابل غاز في اشتباكات للمعارضة مع الشرطة في جورجيا




.. مستشفى المعمداني يستقبل مصابين بعد غارة إسرائيلية على محل تج