الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنفُ والإنتهاكات في مدارس العراق : خطرٌ يتفاقم

شاكر الناصري

2012 / 11 / 4
التربية والتعليم والبحث العلمي


قبل عدّة أيام ، كنتُ قد كتبتُ مقالاً عن التعليم في العراق وما يُعانيه هذا القطاع من خرابٍ متواصلٍ ولكن يبدو ان علينا ان نواصل وان نعيد ما قلناه وكل ما قيل بهذا الخصوص من قبل كتاب وأساتذة وخبراء في قطاع التربية والتعليم وبعد ان اصبحنا في مواجهة متواصلة لكل الظواهر المتردية التي يتسم بها هذا القطاع. ان ما شاهدناه اليوم، بالرغم من انها ليست المرة الأولى التي نشاهد فيها هذه البشاعة، الا انه يجعلُ من كلّ ذلك الخراب أمراً واقعاً ولا فكاك منه و يقرع ناقوس الخطر بقوّة وقد يُساعد من لا يريد أن يتلمّس حجم الخراب والإنهيار في قطاع التربية والتعليم في العراق أو يحاول أن يخبئ رأسه في الرمال لعله يتجاهل حجم الكارثة ، على ضرورة أن يرفع رأسه وأن يتمعن جيداً في ما يحدث ، لأن الأمر لا يتعلق بمدرسةٍ هنا أو هناك ولا بوزارةٍ معنية ولكنه يتعلق بمستقبل دولة ومجتمع .

إذا كانتْ مشكلة التعليم في العراق تتوضح في نقص الأبنية الصالحة للإستخدام كمدارسٍ أو في سعتها وعدد ما تحتويه من كراسٍ ومقاعدٍ ، أو في المناهج الدراسية المتخلفة والدروس الخصوصية والمدارس الأهلية ، فأنها ستتوضح أكثر حين نعرف إن المدارس في العراق تتحولُ الى ساحات لفرض العقوبات الجسدية على الأطفال بالضربِ وبالقسوة التي يصعب وصفها وحين نعرف أن هذه المدارس تضمُّ عدداً كبيراً مِن الذين يمتهنون العنف والإنتهاكات ضدّ الأطفال في المدارسِ ونقصدُ هنا مدراء المدارس أو المعلمين والمعلمات، والذين سيحق لنا أن نطلق عليهم لقب وحوشاً بشرية خالية من أيّة مشاعرٍ أو مهنية وظيفية وتربوية يجب ان يمتلكوها. إننا ازاء أشخاص لا يجيدون التعاطي او التعامل بالأساليب التربوية والتعليمية الصحيحة ولكنهم يجيدون إستعراض عضلاتهم على التلاميذ الصغار والحط من كرامتهم واهانتهم والتلذذ وبكلّ ساديةٍ بصراخهم ودموعِهم .

قبل عدة أشهر كنا قد شاهدنا أحد مدراء المدارس في مدينة الكوت وهو يعذب تلميذاً صغيراً بكلّ إستخفاف وتلذذ وسخرية جردت المدير من أيّ ملمح انساني وبحضور عدد من المعلمين الذين يتفرجون وكأنهم يحضرون عرضاً مسرحاً فكاهياً وقد سمعنا بعدها أن وزير التربية قد قدم أعتذار الوزارة لعائلة التلميذ ولكننا لم نعرف كيف تعاملت الوزارة مع المدير المذكور أو مع جوقة المعلمين الذي حضروا حفل تعذيب ذلك الطفل ؟

ما شاهدناه اليوم يأتي استكمالاً لمشهد مدير المدرسة الذي كان يتلذذ بتعذيبِ طفل واحد ولكن يفوقه كثيراً وبما يدفع الكثير من العوائل العراقية لمراجعة علاقاتها بالمدارس وبدوائر التربية وبالوزارة اساساً ، كونها الجهة المسؤولة عن كل ما يحدث في قطاع التربية والتعليم. أعتقد جازماً أن مَن يشاهد مقطع الفيديو القصير لحفلة التعذيب البشعة التي أقامها مدير أحدى المدارس لعددٍ كبير من التلاميذ لا بدّ وأن يعيد حساباته بوضعية أطفاله ، وهل أنه يرسلهم الى المدارس كي يتعلموا أم لكي يكونوا ضحية لممارسات مديرٍ يمتهنُ الضرّب وكأنه عملاً روتينياً اعتاد القيام به كلما سنحت له الفرصة ؟ وإذا كان المدير بهذه القسوة فما بالك بالمعلمين والمعلمات ؟

الضرب والقسوة في التعليم مميزات الأنظمة التعليمية الفاشلة والمتخلفة التي تفقد البوصلة عن مسايرة التقدم العلمي والتطورات الحاصلة في نظم التربية والتعليم وفي الأساليب التربوية المعاصرة ، وهي وفي نفس الوقت مميزات مجتمعات تسودها القسوة والعنف الإجتماعي ضدّ الأطفال الصغار وعدم احترام آدميتهم وبراءتهم وطفولتهم وتتعامل معهم على اساس انهم " جهال " لا يجب أعطائهم المكانة والإحترام اللازم ، بما يجعلها مجتمعات تغرقُ في التخلّفِ والإنحطاط الإجتماعي والثقافي وتتحولُ الى مرتعٍ للعنفِ والارهاب والكراهية وإنعدام السلم الأهلي وتتسترُ على ازمات خطيرة .

أذا كنا نطالب بالإهتمام بوضع التعليم في العراق وضرورة توفير كافة المستلزمات التي تساعد على نهوضه واعادة بنائه مجدداً فأننا وبعد أن شاهدنا حفلة التعذيب الجماعي التي اقامها مدير إحدى المدارس ، لا بد وأن نطالب بضرورة تدخل الجهات المعنية في العراق لوضع حد للانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في المدارس من قبل المدراء او المعلمين، ووضع حد للتعذيب والضرب والقسوة التي اصبحت تهدد ما تبقى للتربية والتعليم من مكانة وأحترام .

على وزارة التربية في العراق أن تقدم إعتذارها لكلّ التلاميذ الذين انتهكت كرامتهم ولعوائلهم وأن تقدم تطمينات واضحة وصريحة بوقف قسوة وعنف أدارات المدارس وفي نفس الوقت فإن على الجهات المسؤولة في وزارة التربية أن تعمل على تقديم مدير المدرسة الذي يظهر في شريط الفيديو القصير الى المحاكم الخاصة وإيقافه عن العمل بشكل فوري .

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=CWE3mEsVTlY








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في