الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكر الطبيعي والفكر الغيبي بين العلمانية والالحاد

سامي كاب
(Ss)

2012 / 11 / 7
المجتمع المدني


العلمانية والالحاد

العلمانية فكر الطبيعة قائم منذ ظهور وعي الانسان على الارض قبل ان يظهر الفكر الغيبي والعلمانية منهج حياة الانسان بشكلها الطبيعي ودستور ونظام وثقافة وتربية كلها مشتقة من علوم الطبيعة وتجارب الحياة وخبرتها وعلوم الانسان وفلسفة حياته عبر العصور والاطوار والاماكن والعلمانية تحتوي ادارة شؤون الحياة وتقنيتها وفن التعامل معها ومهارة التفاعل الاجتماعي والمادي في اطار مساحتها والعلمانية تحتوي برامج صناعة الحياة بكل اشكالها وجوانبها وبرامج الخلق والابداع والنمو والتطور والرقي وآلية تحقيق ذلك وتحتوي اسباب الحياة ومنافذها وطرق تواصلها واستمراريتها بالتناغم مع نواميس الطبيعة ومعادلة الكون وعناصر الوجود
بينما الالحاد هو موقف مبدأي نظري قائم على اساس نفي فكرة وجود اله خالق للكون ونفي فكرة وجود حياة اخرى بعد الموت وهنا يكمن سر التسمية بالالحاد والكلمة الحاد من اللحد واللحد هو بطانة القبر والمقصود ان حياة الانسان هي واحدة تنتهي باللحد ولا حياة بعدها اي لا آخرة ولا حساب ولا اله
الالحاد مجرد موقف من الدين وتحديدا ظهر الالحاد في القرن الخامس عشر في اوروبا مناهضا للكنيسة المسيحية رافضا لسلطة الكنيسة باسم الله وداعيا لفصل الدين عن الدولة بالاستناد الى نصوص الديانة المسيحية في الانجيل ومنها ( اعط ما لقيسر لقيسر وما لله لله )
والمعنى ان الحياة بملكاتها المادية ومقدراتها من ثروات طبيعية هي للانسان ملكية وتصرفا وسلطة واما الروح والعواطف والنفسية والوجدان والاحاسيس والمشاعر ذات الصفة الغيبية فهي لله وتكون ذات خصوصية فردية بين الانسان وذاته
وقد ظهر الالحاد بداية في فرنسا اذن انشق فصيل من اصحاب الاقطاعيات والبرجوازيين من اصحاب الصناعات عن الكنيسة واعلنو موقف الالحاد ومفاده ان اليسوع ليس الله وان كان هناك اله غير اليسوع فانه يملك الروح ولا يملك ثروة الانسان ومقدراته والهدف من ذلك كي لا يدفعو نصف ايراداتهم من الارباح للكنيسة بذريعة ان الله يملك الارض وما عليها ومن حقه اخذ نصف الارباح وايداعها في خزينة الكنيسة على غرار بيت مال المسلمين وبقيت حركة الالحاد قائمة الى ان نجحت الثورة ضد الكنيسة وكان دافعها الاساسي اقتصادي ضد تجبر الكنيسة ومشاركتها في ايرادات وارباح اصحاب المؤسسات الاقتصادية وفرضها نسبا كبيرة من الضرائب على العمال واستغلالها للناس باسلوب الاستعباد والاسترقاق وقامت الدولة العلمانية وانحلت هذه الحركة لانه لم يعد لوجودها جدوى وسيطر الفكر العلماني على السياسة وكل جوانب الحياة وانصهر الملحدون في مؤسسات الدولة العلمانية كل في مجال حياته
وهنا ربما يرد سؤال يقول لماذا استلم العلمانيون السلطة بعد الكنيسة ولم يستلم غيرهم ؟
والجواب هو ان المجتمع الانساني له فكران فقط في الحياة فكر غيبي مبني على الوهم والخيال كونه من خارج حدود المادة المدركة والمحسوسة والمميزة والمفهومة ضمن نطاق الوعي الانساني وهذا الفكر يتمثل بالدين والفكر الثاني وهو الفكر المبني على الحقيقة والواقع من معطيات حسية مدركة ومفهومة ومستوعبة ضمن نطاق الوعي الانساني وهذه المعطيات كلها مأخوذة عن مادة الوجود التي تشكل عناصر الطبيعة المختلفة والكائنات الموجودة ويسمى هذا الفكر بالعلمانية او فكر الطبيعة او الفكر المادي او فكر الحياة
وعليه فان السلطة عبر العصور تتناوب ما بين هذين الفكرين او المنهجين فاذا ما تخلى احدهما عن السلطة تؤول السلطة تلقائيا للفكر الآخر
وسبب وجود فكران او منهجان فقط في حياة الانسان يعود لتكوينه الفسيولوجي حيث ان دماغ الانسان من شقين شق ايمن وشق ايسر اما الشق الايمن فهو المنتج للافكار الغيبية اذ يحتوي قدرات التخيل والتوهم والتوقع والتخمين والتصور والتوازي والقياس والاسقاط والاجتهاد والمواءمة
اما الشق الايسر فهو المنتج للفكر المادي الطبيعي اذ يحتوي على قدرات الادراك الحسي والفهم المادي والمنطق الجدلي والتمييز لجوهر المدركات والمحسوسات من خلال علاقات الربط والقياس والاسقاط والانعكاس من معطيات الحواس ومخزونات الذاكرة كما ويحتوي على قدرات الاستكشاف والمقارنة والمهارة والفن والابداع والخلق والحساب والمنطق
ويكون بهذا الحال من يسيطر على فكره نشاط الجزء الايمن من الدماغ غيبي بطبيعته اي متدين ويميل بخلقه وبسلوكه جهة الدين والغيبيات
اما من يسيطر على فكره نشاط الجزء الايسر من الدماغ فهو مادي طبيعي واقعي بطبيعته ويسمى علماني ويميل بخلقه وسلوكه جهة الطبيعة والمادة والواقع والحقيقة
ونقول ان لم تكون غيبي متدين فانت تلقائيا علماني وان لم تكن علماني فانت تلقائيا غيبي وما ندر ان يكون الانسان وسطي اي نصفه علماني ونصفه غيبي لانه سيعيش حياة التناقض وانفصام الشخصية ويسبب المشاكل لنفسه وللمجتمع من حوله كونه يمتاز بالتردد بالقرارات الحياتية والمراوغة وعدم الثبات في موقف او راي وعدم الالتزام والانضباط عند حالة معينة وكما يقال عرفيا انه من غير مبدأ ومن الصعب التعامل معه
اما المسار التاريخي لحركة الفكر الانساني فانه يشير الى سيطرة الفكر العلماني على حياة الانسان كلما تقدم التاريخ اي ان الفكر العلماني يسحب البساط من تحت الفكر الغيبي وينحيه عن حياة الانسان في كل المجالات وذلك بالتقادم مع الزمن الى ان يحكم الفكر العلماني في فترة متقدمة بشكل مطلق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً- رئيس تشيلي: الوضع الإنساني في غزة


.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود




.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك


.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم




.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين: