الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم اليقين ..

حسين الصالح

2012 / 11 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت ليلة باردة لايسمع منها سوى هزيز الريح والساعة قد تجاوزت الثانية عشر ليلا والارق يقاسمني السرير وعقلي يتراقص بين الافكار ويقفز من واحدة الى اخرى كنحلة تتراقص بين الازهار .. منظر يستنسخ نفسه كل ليلة حتى انني بت اشعر بالوحدة عندما افارقه..
فقد تحول الارق من حالة الى صفة بديهية يترجمها العقل على شكل حقيقة مطلقة واجب توفرها للوصول الى حالة النوم , على الرغم من كون الارق حالة سلبية لكن العقل البشري قادر على تحويلها الى حقيقة مطلقة .. بسبب تكرار تلك الحالة ..
فتكرار الموقف يدفع بالعقل الى ترسيخه وجعله وحدة اساسية في منظومته المركزية .. وهكذا الحال مع كل مانسميه بديهية او حقيقة او خطوط حمراء .. فالسبب اننا تشبعنا بالفكرة الى ان وصلنا الى مرحلة اليقين .. فكيف الحال اذا كانت اغلب بديهياتنا ترسخ فينا منذ اولى لحظات الولادة ؟؟؟
مشكلتنا اننا نعيش صراع فرضيات نسبية تحت وهم مصطلحات تشبعت بها ذاكرتنا مثل المنطق واليقين والمطلق .. في حين اننا تناسينا ان العقل البشري وحده من وضع تلك الفرضيات وهنا جوهر الفكرة ..
فعند ولادة الكون الذي يعتبره البعض ازليا وجد الزمن ولايمكن ايجاد اي حالة للزمن قبل وجود الكون (حسب وجهة نظر العالم الفيزيائي ستيفن هويكنغ) .. قد تكون فرضيته غير منطقية للبعض .. لكن هذه الفكرة فتحت افاق لفرضيات اوسع ..
فنحن البشر بعقولنا اللامتناهية استطعنا ان نضع فرضيات تترجم سلوك الكون وعلى اثرها صغنا قوانين الفيزياء والطبيعة وفرضنا وجود عواطف ومشاعر واحاسيس ونظمناها في علوم خاصة روحانية ونفسية وفرضنا ان كل مادون تلك القوانين هو عبثا لايتقبله العقل البشري الا عن طريق صدمة .. كتلك الصدمة التي غيرت مفاهيم جدلية مثل سطحية الارض من كرويتها و بان الارض ليست مركز الكون كما كان اسلافنا يتخيلون ..
ففي حقيقة الامر ان العقل البشري هو القاموس الوحيد الذي يترجم الحياة وماحولها , فعندما نتحدث عن حقائقنا يجب ان نضع في الحسبان اننا نعيش في عالم افتراضي مبني على فرضيات نسبية لكائن بشري نسبي وعليه نحن نستطيع وبكل سهولة ان نغير في صياغة القوانين (الموروثة) بل ونستحدث علوم ومفاهيم جديدة تمحي وتعارض سابقاتها لكن بشرط ان تعطي جوابا فرضيا جديدا اكثر تطورا من سابقه ..
وعملية التجديد او التعاطي مع الفكرة الجديدة لايبنى على اساس معارضة النظرية الاقدم لان عندها العقل البشري سيرفضها ويحاربها بكل اسلحته .. وهنا نرجع للنوم والارق .. فالتخلص من الارق لايتم عن طريق قرار عقلي بالتوقف عن الارق فعندها سيحتار العقل ويتيه بين بحار الافكار والذاكرة , لكن ان قمنا بالعد او بالتركيز على النفس او اي عمل اخر يبعدنا عن افكارنا التي تؤرقنا سننجح بالتخلص منه والسبب اننا قمنا بالتغيير دون المعارضة لفكرة الارق ...
فعليه من يريد احداث تغيير عليه ان يمارسه اولا وهذا يتم عن طريق خلق فكرة جديدة بدل من الوقوع في اسر معارضة او تاييد الفكرة القديمة ... وهذا لن يتم الا اذا تغلبت المعرفة على الارادة ..
وهذا بحد ذاته سيسقط التقديس الذي لايتعدى كونه فرضية اخرى من بين ملايين الفرضيات البشرية ..فمقدساتنا ولدنا عليها ليس الا , وان كنا قد ولدنا على مقدسات اخرى لعارضنا مقدساتنا الحالية وبشدة ... تخيلوا ان نتعامل مع الامور بهذه الطريقة عندها هل سنعيش في كوكب تملئه الصراعات والقتال من اجل السلطة والمال ؟؟ ام اننا سنتغلب على انانيتنا وغطرستنا وتمسكنا بوهم المطلق الذي يمنعنا من ملاحقة الكون الذي يكبر عمرا يوما بعد يوم ؟؟

حسين الصالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah