الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مد ايدك للسمه اكرب

مفيد بدر عبدالله

2012 / 11 / 9
المجتمع المدني



لموروثنا الشعبي أمثلته الكثيرة وعلى الرغم من بساطتها فهي غاية في الدقة والجمال ولها وقعها الكبير في نفوس سامعيها ، لذا مجالسنا زاخرة بالأمثال والأشباه التي حاكتها تجارب السنين و لم تأت من فراغ ، كنت استمع وانأ طفل صغير لحكم رائعة من احد المعمرين ( الحاج موسى ) رحمه الله فتعلقت في ذهني ولم تنسيني إياها السنوات الطويلة ، حكم وأمثال متوارثة من الأجداد تنطبق بشكل كبير على واقعنا بدقة متناهية مثلما استمع اليوم من المسنين عبارات أثبتت الأيام صحتها ودقتها وأكثر مقولة ظلت محفورة في ذهني قالها لي احدهم بعدما قرأت عليه قائمة وزعت في أماكن عديدة بعد التغيير الذي حصل عام 2003 تحوي على 40 مادة غذائية ومنزلية قيل إنها ستوزع في البطاقة التموينية شملت السمك والدجاج بالإضافة إلى أنواع الاجبان والمربيات والصوابين ، وحتى قبل أن انتهي من قراءة القائمة استوقفني هذا الرجل المسن قائلا ( مد ايدك للسمه اكَـرب ) ، كان لوقع عبارة الرجل المسن علي وقع الصاعقة وصرت أجادله بحدة وأسوق إليه أمثلة عن بلدان لا تمتلك ما عندنا من الخير وأحاول إقناعه بأننا بلد يمتلك احتياطي نفطي ضخم وقد ولت سنوات القحط والجوع وستوجه الموارد للرخاء والسخاء ولكن من دون جدوى فلم افلح في إقناعه رغم حماسي ، فأنهيت جدلي معه قائلا ( ستثبت لك الأيام صدق كلامي بعدما تتذوق بنفسك حلاوتها وأنا على يقين بان ثلاجة منزلك لن تكفي لحصة تموينية لشهر واحد ).
ولكن عاما بعد عام اخذ اليأس يتسلل إلى داخلي ويخيم عليّ وصرت أحاذر مجالسة الشيخ في مجلس اعرف انه موجود فيه خوفا من أن يذكرني بعبارته التي صرت من المومنين بها ولكني لازلت أكابر ولا أريد ان ينتابني هاجس الهزيمة الذي أتحسسه كل شهر وعدت مرات عند ذهابي لوكيل الحصة التموينية لاستلام أقساط الحصة ولم اعد بحاجة ( للستوتة ) مثل السابق بل احملها بالأيدي ، أما أحبتنا من المسؤولين فلم يعودوا مثل السابق يتذكرونها لأنهم ممن تتجاوز دخولهم الشهرية المليون والنصف وبالتالي فان أي تحسن على مفرداتها لن يعود عليهم بأي فائدة على عكس المعدمين الذين يرابطون أمام محلات الوكلاء حتى قبل أن تفتح ويرجعون حتى ما يتساقط من حبات على المكاييل ، مكاييل الوكلاء بصالحهم والطالح ، نسمع عن بعضهم قصص تقشعر لها الأبدان من استبدال للطحين واستغفال للبسطاء دون أي خجل أو حياء .
نسمع في وسائل الإعلام هذه الأيام عن قرار لاستبدال مفردات البطاقة بمبلغ يعطى للأفراد بدلا عنها ، هذا القرار يكون مفيدا وفاعلا إن توفر شرطان مهمان الأول أن يكون المبلغ مجزيا وكافيا لشراء المواد الأساسية والآخر هو أن تتوفر ضمانة عدم ارتفاع الأسعار ويصبح المُعدم تحت رحمة التجار وجشعهم لا سامح الله ويحصل مثلما حصل في حصار تسعينيات القرن الماضي فما إن صدر قرار بتخفيض كمية الطحين حتى قفزت الأسعار لمستويات قياسية وأحدثت ما أحدثت من ماسٍ ، وبالتالي بدلا من تناول اللحوم والاجبان التي قرئنا عنها في الأوراق التي وزعت سنعود لنقطة الصفر ويجد أصحاب الدخول البسيطة صعوبة في الحصول على رغيف الخبز وان اعتمدوا على الدعم الحكومي فأقول لهم ( مدوا ايدكم للسمة اكرب ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا


.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة




.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم


.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا




.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا