الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغضب الفردي والغضب المجتمعي .

ناهده محمد علي

2012 / 11 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن الغضب شعور طبيعي تتميز به كل المخلوقات الحيَّة , وأقصد بها المخلوقات البشرية والحيوانية . لماذا يغضب الإنسان والحيوان هو سوآل غير متساوي الأسباب , لأن الحيوان يغضب بفطرته حينما يجوع أو يبرد أو يؤذى من قِبل إنسان أو حيوان آخر , ويسلك منطق الدفاع عن النفس وحُب البقاء لكي يبقى على قيد الحياة , أما الإنسان فتختلف مشاعر الغضب لديه لأسباب مختلفة حسب البيئة المُعاشة والمستوى الثقافي والمادي وحسب الإنتماء الإجتماعي والديني . إن الموقع الجغرافي يُحدد أسباب الغضب لأن التربية الإجتماعية والأسرية تختلف من موقع الى آخر , فتختلف مثلاً أسباب الغضب للفرد الأُوربي عن أسباب الغضب للفرد العربي وقد تلتقي في مواقع محددة كالحرمان من الطعام أو من الإحساس بالأمان أو من الكفاية الإجتماعية أو بسبب العدوان الكلامي والفعلي , لكنها تختلف في مواقع الغضب الأُسري أو العلاقات الإجتماعية الأخرى , فقد تختلف أسباب الغضب من الأبناء أو الزوجات أو الأصدقاء , وقد يختلف التعامل مع جحود الأبناء أو الخيانة الزوجية أو غدر الأصدقاء , فقد يُسارع الفرد الأُوربي بشكل عام الى إيجاد البدائل أو إيجاد الأعذار , أو قد ينسى الموضوع تماماً ويهتم بأُموره الخاصة , لكن الفرد العربي تُأجج هذه الأسباب جذوة الإنتقام فيه ويتخذ أساليب مختلفة للتنفيس عن غضبه , إبتداء من الغضب الكلامي الى العقاب البدني للزوجة والأبناء وحتى الأصدقاء , وقد يكون التعبير عن هذا الغضب بدرجات مختلفة حسب المستوى الثقافي للفرد والمستوى الإجتماعي , وقد يتساوى أحياناً مستوى التنفيس عن الغضب ما بين المثقفين وغيرهم , وكثيراً ما يستخدم بعض المققفين العرب مع أبنائهم وزوجاتهم منطق القوة والقهر البدني وإنتهاء بالقتل , ويختلف هذا حسب العمق الثقافي والمصداقية الحقيقية لثقافة الفرد .
إن الإنتماء الإجتماعي والعقائدي قد يساهم في التخفيف أو في حِدة الغضب لدى الأفراد , فقد يُصعِد هذا الإنتماء حدة السلوك الغضبي إذا كان المنتمي متشدداً في إيمانه , وقد يعاني الفرد من التطرف فيمنهج غضبه على أنه ضرورة حتمية للفعل الخطأ فيسلك في إيمانه الإجتماعي والعقائدي سلوكاً عدوانياً أو قد يسلك سلوكاً متسامحاً ومصلحاً ولا يجد أن التطرف في التعبير عن الغضب هو وسيلة للإصلاح بل للهدم الإجتماعي , وبهذا يعبر عن غضبه تعبيراً إيجابياً .
إن شعور الغضب هو رد فعل طبيعي لأفعال معينة ومن المنطقي أن تكون ردود الأفعال غير متساوية تجاه الفعل الواحد , ويشكل الإرث التربوي والحضاري سبباً أساسياً في مدى حدة ردود الأفعال , وقد تختلف حدة نوبات الغضب حسب المستوى العمري ايضاً , فهي تنخفض تصاعدياً وهي عند الأطفال والمراهقين أكثر حدة وتنخفض بشكل تدريجي في السنوات العمرية المتأخرة لإزدياد كمية التجارب الحياتية ونوعها , كما تتعلق نوبات الغضب بشدة إفراز الهورمونات , وكما تختلف حدة نوبات الغضب تختلف الأسباب ايضاً , فقد يرى المراهقون بأن مواضيع مثل الحرية الشخصية والبناء الذاتي المستقل هي أسباب تستحق الغضب , كما يدافع المراهق عن المظاهر الشكلية في الحياة ويعتبرها من الأساسيات , وقد يدافع البالغون عن الأسباب الجوهرية للحياة كالغذاء والتعليم والعمل , وقد يتسبب الحرمان من الأساسيات للفئات العمرية الشبابية المثقفة والواعدة في الغضب المجتمعي والذي يُعبَر عنه بالمظاهرات أو الإنتفاضات الشعبية , وقد يُعبَر عنه ايضاً بمظاهر التخريب الإجتماعي , ويعتمد هذا على نوع التربية الأُسرية وعلى نوع المصادر الثقافية كذلك نوع جماعة الأقران .
إن الغضب الإجتماعي لدى أي مجتمع قد يتساوى وقد يختلف في أساليب التعبير عن الغضب بسبب المظاهر العادية , لكنه يتساوى في حالة الغضب عن المظاهر العامة , كظاهرة الفساد الإجتماعي وإنعدام الأمان والسرقات المنظمة للثروات الإجتماعية وإنعدام الديمقراطيات , فتتساوى في هذه الحالة ردود الأفعال وأساليب التعبير عن الغضب الإجتماعي , إبتداء في التعبير اللغوي في الصحف ووسائل الإعلام وإنتهاء بالحركات الثورية المناوئة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة