الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيفه قتلت عقيده الامامه الفكر الثقافي للمواطن العراقي في جنوب العراق

سعد كريم مهدي

2012 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في مطلع السبعينات من القرن الماضي تطرق الى اسماعي المثل التالي (الكتاب يكتب في مصر ويطبع في لبنان ويقرأ في العراق) وان هذا المثل لم ياتي من فراغ وانما اطلق هذا المثل عرفانا للمواطن العراقي كونه قارئا للفكر الانساني من الطراز الاول وهذه القراءات انتجت ثقافه عراقيه منفتحه على الفكر الانساني وهذه الثقافه امتدت منذ تاسيس الدوله العراقيه الحديثه عام 1920 وقد وصلت ذروتها في مطلع السبعينات من القرن الماضي حيث استطاع الانسان العراقي من خلال هذه الثقافه الفكريه ان يصل بمجتمعه العراقي الى اعلى مستوى انفتاح اجتماعيا وثقافيا على المجتمع الانساني في منطقه الشرق الاوسط وان هذا المستوى الثقافي والاجتماعي الذي وصل اليه المجتمع العراقي لم ياتي من فراغ وانما هناك عقول درست الثقافات الانسانيه بعنايه واستطاعت ان تنتج فكر انساني جديد وتنشره في مختلف مفاصل المجتمع العراقي رغم القمع المستمر التي كانت تواجهه من قبل السلطات الحاكمه عندما يتعارض هذا الفكر مع مصالحها الذاتيه وكان الشارع العراقي في مطلع السبعينات من القرن الماضي عباره عن ساحه فكريه كبيره يتنازع فيها احدث ماتوصل اليه الفكر الانساني من مبادئ مضافا اليه لمسه الفكر العراقي الجديد وكان الجنوب العراقي هو الرافد الاساس لهذه العقول التي انتجت ابداعاتها الفكريه والفنيه للثقافه العراقيه الجديده وكانت العاصمه بغداد هي الحاضنه لهذه العقول وكان دافعهم الاساسي لنشر فكرهم الابداعي هذا هي روح المواطنه التي كانوا يمتلكوها حيث كان الوطن بالنسبه اليهم هي القيمه العليا التي ترسخت في عقولهم الباطنه واصبحت هي المحرك الاساس لسلوكهم الابداعي لذا فان اي عمل ابداعي ينتجونه يكون قيمه مضافه للفكر والثقافه العراقيه تساعد في دفع المجتمع خطوه الى الامام والسوال الان هو اين هذه العقول واين امتداداتها هل عجز المجتمع العراقي في جنوب العراق عن تقديم مفكرين جدد يكونون امتداد للمفكرين السابقين الذين بنوا صرح العراق الثقافي وان الذي يجيب على هذا السوال هو الواقع الديني الحالي في جنوب العراق والذي يسمى عقيده الامامه التي عملت على قتل التفكير في عقل الانسان في المجتمع اعلاه وسوف يتضح ذلك لنا جليا عندما ندرس اليه وطبيعه نظام هذه العقيده

عقيده الامامه
بدأ تشكيل نظام عقيده الامامه للطائفه الشيعيه في منتصف العصر العباسي وكانت تسمى بالشيعه الاسماعيليه او الباطنيه او الرافضه او السبعيه وما الى ذلك من اسماء وان هذه العقيده تقسم المجتمع الى قسمين هما الخاصه ويقصد بهم رجال الدين لهذه الطائفه اما القسم الثاني وهم العامه ويقصد بهم عامه الناس وفيما يتعلق بالخاصه وحسب مفهوم العقيده اعلاه فهم الذين يجب ان يعتمد عليهم في اصلاح عقائد العامه من الناس وتطوير هذه العقائد حسب الظروف اما العامه من الناس فليس عليهم الا ان يتقبلوا التعاليم التي تاتيهم من الخاصه وان يقلدوهم فيه ويسلموا بما يطرحوه الخاصه دون جدال وهناك هيكل تنظيمي لهذه الخاصه حيث يترأسها شخص يدعى الامام وان هذا الامام له قدسيه الانبياء وقد جاء بهذه القدسيه من قولهم ان كل بند من بنود الشريعه له مقصدين الاول هو مقصد ضاهر وهو مايستخدم لمعلجه النفوس المريضه من عامه الناس حسب تعبيرهم اما المقصد الثاني حسب تفسيرهم فهو باطن ويكمن فيه المقصد الاصلي من الاصلاح وهو سر لايستطيع فهمه الا الانبياء والامام لذلك اصبحو يطلقون على الامام عباره (قدس الله سره ) وياتي بعد الامام اصحاب الدرجات الخاصه وهم رجال الدين لهذه الطائفه وتبدا من الدرجات العليا القريبه من الامام وتنتهي الى الدرجه السفلى وهي اخر الدرجات وان اصحاب هذه الدرجات السفلى هم الذين يتصلون بالعامه من الناس وينقلون اليهم قرارات الامام والخاصه وعلى العامه القبول بها وتنفيذها دون جدال علما ان التنضيم بين الدرجات الخاصه هو سري لايعرفه العامه وكذلك لايعرفون مايدور من نقاش بين اصحاب الدرجات الخاصه , ان عمليه تغذيه العقل الباطن بهذا النظام الاستبدادي الذي ينتزع التفكير عن عقل الانسان لايحتاج الى جهد كبير في مجتمع مثل المجتمع العربي الذي يوصف بالمجتمع الراكد وفي الوقت الحاضر نجد ان رجال الدين لهذه الطائفه في جنوب العراق وبعض المناطق في بغداد التي فيها كثافه سكانيه من هذه الطائفه يقيمون الحلقات الدينيه بين الناس ويطلبون منهم ان لايقيمون باي تصرف في شئونهم الخاصه مثل تزويج اولادهم اوشراء دار اوبيع دار وما الى ذالك من شؤون خاصه الا بعد اخذ موافقتهم ومباركتهم لهذا التصرف ويطلبون منهم جلب اولادهم الصغار الى هذه الحلقات كي يتعود الصغار على هذا السلوك ولم يكتفوا بالرجال في ذلك وانما يقيمون الحلقات الدينيه للنساء ايظا لنفس الموضوع اعلاه علما ان هذا النظام الديني الاستبدادي يوجد ايظا عند الطائفه السنيه عند مايسمى بالاخوان المسلمين و السلفين وتنظيم القاعده ولهم نفس الاهداف في تقسيم المجتمع والسريه وفي قتل الفكر عند الانسان والاختلاف فقط في الوسيله .

كيف اخترقت العقول العراقيه في جنوب العراق هذا الحاجز الحديدي المسى بعقيده الامامه وانشأت ثقافتها السابقه؟
ان الظروف التي ساعدت العقول اعلاه على اطلاق ثقافتها السابقه هي الاتي
1) بعد قيام الدوله العراقيه الحديثه عام 1920 وتولي محسن السعدون رئاسه الوزراء لتلك الحكومه حاول جلب رجال الدين من الطائفه الشيعيه الى البرلمان العراقي لكنهم رفضوا واخذوا يشاكسون الحكومه العراقيه الجديده الامر الذي دفع رئيس الوزراء اعلاه الى ترحيلهم الى خارج العراق واغلبهم استوطن في ايران وبذلك فرغ المجتمع العراقي من تاثيرهم السلبي على عقول عامه الناس
2) بعد ترحيل رجال الدين من قبل رئيس الوزراء اعلاه ضعفت العقيده الدينيه وارتفع مكانها الروح الوطنيه وذلك لان العقيده الدينيه تتناسب عكسيا مع روح المواطنه لان روح المواطنه تستمد مبادئها من حاجات الانسان داخل الوطن لذا فهيه تدفع لحمايه الوطن من التأثيرات الخارجيه التي تضر بمصلحه الوطن اما العقيده الدينيه فتعتبر مصلحتها الخاصه اكبر من مصلحه الوطن ولايهمها اذ تضرر الوطن على حساب مصلحتها الخاصه اضافه الى ان لها امتددات خارج الوطن فهيه تسمح بالتأثيرات الخارجيه حتى لو اضر هذا التدخل بمصلحه الوطن
3) قيام الحكومه الملكيه بفتح العديد من المدارس العلميه والتي استقطبت الناس في تلك الفتره بعد ان اعتمدت الحكومه اعلاه على تعين خريجي هذه المدارس في الدوائر الحكوميه لذا فان المواطن العراقي اخذ بالذهاب الى هذه المدارس بدلا عن المدارس الدينيه وعند دخوله الى هذه المدارس تعرف على ثقافات علميه وفكريه جديده لم يعتادها فنجده قد انبهر بها وشغف بالقراءه بغيه الاطلاع على هذه الثقافات وكان تاثيرهذه المدارس على المواطن العراقي في جنوب العراق كبيرا بحيث اصبح الكتاب له هي المتعه الاساسيه له .

يتضح لنا ان الظروف الثلاثه اعلاه تمكنت من كسر الاطارالديني الذي كان يغلف عقل المواطن العراقي خصوصا في جنوب العراق وجعلت عقله يتقبل الثقافات الجديده بنهما شديدا واصبحت قراءه كتب الفكر الجديد هيه المتعه الاساسيه له وان دافع المواطنه له جعله يمزج بين العلوم المعرفيه التي اطلع عليها وينتج منها فكر جديد استطاع من خلاله ان يصل بالمجتمع العراقي الى المستوى الذي ذكرناه في بدايه المقال وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي بدأ مد الفكر الديني لعقيده الامامه في جنوب العراق من خلال تشكيل احزاب دينيه لهذه العقيده ( بعد مساعدتها من التيارات الدينيه في ايران التي قوى نفوذها في المجتمع الايراني لتلك الفتره ) واستطاعات هذه الحزاب من ان تمد عقيده الامامه في مفاصل المجتمع في جبوب العراق وهذا ادى بدوره الى تراجع العقول التي تحمل الفكرالثقافي وانحسارها في مجتمع جنوب العراق الى اضيق الحدود الى ان وصلنا الى الوضع الحالي التي استلمت فيه عقيده الامامه زمام الحكم وهنا كانت الرصاصه الاخيره التي قتلت الفكرالثقافي ا ولايوجد امل بولاده عقول تحمل الفكر الثقافي ويكون دافعها الروح الوطنيه لانتاج ابداعات فكريه ثقافيه جديده طالما عقيده الامامه جاثمه على العقول ورافعه شعارها الخاص بقتل التفكير في حلقاتها الدينيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah