الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سعد بن عبادة .. هكذا يعاملون المعارضة

مؤمن المحمدي

2012 / 11 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة
فرميناه بسهمين فلم نخطئ فؤاده

إننا الآن أمام جريمة قتل، اسم المجني عليه هو سعد بن عبادة، أما الجاني فهو قائل، أو قائلو هذين البيتين اللذين يحملان اعترافا بالجريمة.
من هو إذًا الجاني؟ ومن المجني عليه؟ وأين ومتى ولماذا وقعت هذه الجريمة؟ تعال نبدأ الحكاية المثيرة من أولها.
توفي النبي محمد دون أن يحدد لأصحابه كيفية إدارة البلاد من بعده، ستتوه في الروايات السنية والأحاديث الشيعية، لإثبات أن محمدا كان يقصد كذا، أو كان في نيته كذا، وكل هذه الأمور تبقى احتمالات لا تعرف صادقها من كاذبها، على أن هناك أمرا مؤكدا وهو أن القائد لم يترك شيئا واضحا في نظام الحكم، بحيث يقتنع أتباعه وأصحابه أنه ملزم له، وإلا لما تشاجروا على خلافته.
كان جسد النبي مسجى ينتظر تغسيله، بينما الأصحاب في سقيفة بني ساعدة يحددون خليفته. ويحلو للأقلام السنية أن تصور الأمر وكأن البيعة لأبي بكر تمت بالإجماع وبسهولة ويسر، في حين ترسم لنا الأقلام الشيعية صورة تحاول القول بأن المعارضين لأبي بكر كانوا أغلبية، وأن الأمر تم له قسرا.

كل هذا لا يهمنا الآن، ما يهمنا هو ذلك الرجل الذي اتفق الجميع تقريبا، سنة وشيعة وغيرهما، أنه لم يبايع أبا بكر، بل إنه لم يبايع عمر بن الخطاب بعده، وظل على رفضه حتى مات، على الأدق حتى اغتيل، هذا الرجل اسمه سعد بن عبادة.
وبن عبادة لم يكن رجلا نكرة، أو مواطنا من عامة الشعب، بل إنه كان، باعتراف قاتليه، سيد الخزرج، والخرزج إحدى قبيلتين كانتا تشكلان معا يثرب، التي ستعرف في التاريخ باسم المدينة المنورة، التي يحج إليها المسلمون حتى يومنا هذا.
تجتهد كتب السنة في أن تنقل لنا ما يفيد أن انصهارا حدث بين "عنصري الأمة" من أهل قريش وأهل يثرب، عقب هجرة القائد من الأولى إلى الثانية، فمنحت القرشيين لقب المهاجرين، ومنحت اليثاربة لقب الأنصار، وأن هذا الانصهار جعل الأمة كلها نسيجا واحدا.
على أن ما حدث في اللحظة التالية لرحيل القائد يكشف أن القرشيين ظلوا قرشيين، واليثاربة ظلوا يثاربة، بل إن بني هاشم وبني أمية ظلوا على خلافهم التاريخي الذي نشأ قبل ظهور الإسلام بعقود.
وهكذا فإن سعد بن عبادة لم يستسغ فكرة أن يتولى قرشي أمر المسلمين، على الأقل لا يتولاه منفردا. كان سعد يستند إلى الدور التاريخي له شخصيا ولمدينته ولقبيلته في تأسيس هذه الدولة.
كان سعد هو اليثربي الوحيد الذي تعرض للتعذيب على يد القرشيين قبل الهجرة، وكان أكثر الناس استقبالا وإيواء للمسلمين القرشيين عندما خرجوا من ديارهم ضعفاء أذلاء. وهو صاحب العرض التاريخي باشتراك اليثاربة في الجيش الإسلامي للقتال ضد حكومة مكة في حرب بدر.
كان سعد سيدا في قومه، وقائدا لفيلق مهم، وكان يعد نفسه لتولي الأمر من بعد رحيل النبي، أو على الأقل الاشتراك فيه. فكان أن عرض يوم سقيفة بني سعد، والمسلمون يختارون خليفة رسولهم، أن يكون هناك سلطة مزدوجة، أمير من القرشيين وأمير من اليثاربة.
لم تلق دعوته قبولا بالطبع، وبغض النظر عن الخلفيات والتفاصيل، فإنه رفض أن يبايع أبا بكر، وظل على موقفه الرافض من تولي أبكر الأمر.
كان أبو بكر رجلا حصيفا، وبالتالي فإن ترك أبا عبادة وشأنه، كان مشغولا بحروب الردة، ولم يكن ممكنا أن يشغل الجبهة الداخلية بمثل هذا الصراع، تركه وتفرغ لقتال الخارجين عن مركزية الحكومة في المدينة، سواء بقوا مؤمنين بالإسلام نفسه أم تخلوا عنه، ولكن هذا حديث آخر.
رحل أبو بكر، بعد أن أوصى لعمر بالخلافة، كما كان متوقعا، وبقي سعد على رفضه لانفراد القرشيين بالحكم، ولكن عمر بن الخطاب يختلف عن أبي بكر، كما أن الظروف نفسها غدت مختلفة، ولأن الأمر الآن مستتب في المدينة، ولأن عمر رجل يحب الحسم، فقد كان من الضروري أن يلتقي الرجلان:
ولما ولي عمر لقيه ذات يوم في طريق المدينة فقال: إيه يا سعد! فقال: إيه يا عمر! فقال عمر: أنت صاحب ما أنت صاحبه؟ فقال سعد: نعم، أنا ذاك، وقد أفضى إليك هذا الأمر، كان، والله، صاحبك أحب إلينا منك، وقد أصبحت كارهًا لجوارك. فقال عمر : إنه من كره جوار جاره تحول عنه. فلم يلبث إلا قليلاً حتى انتقل إلى الشام.
وهكذا أصبع سعد بن عبادة طريدا عن بلده التي كان فيها سيدا، بعد أن جاهر للحاكم بأنه يكره جواره، وأنه لا يحبه هو شخصيا. وبالطبع فإن رحيل سعد بهذه الطريقة كان ينذر بتكوين بؤرة معارضة، خاصة وأن رحيله كان إلى الشام التي يحكمها معاوية بن أبي سفيان، الأموي الذي له هو الآخر مآرب في الحكم.
بعد رحيله بقليل، وُجِد سعد بن عبادة قتيلا، من قتله؟
إنني سعيد بأنك سألت هذا السؤال.
لقد قتله الجن!
نعم، هكذا تقول المصادر السنية، تقول إن الجن قتلت سعد بن عبادة، وقالت هذين البيتين، مفتخرة بأنها قتلت سيد الخزرج! لاحظ، سيد الخزرج، لم تقل الجن إنها قتلت مسلما، أو صحابيا، أو أي وصف آخر، الجن قتلته باعتباره سيد الخزرج.
تخبرنا المصادر الإسلامية أن الجن قتلت الرجل لأن تبول على جحر كانت تتخذه مقرا، وياله من مجاز مدهش، لا يقل دهشة عن فكرة الجن القاتل نفسها.
ألف تحية للخيال الإسلامي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كتائب الاعدام الابرار
د/سالم محمد ( 2012 / 11 / 13 - 15:08 )
وبالمرة ,ارجو ان يشتمل التحقيق على تفاصيل اغتيال العصماء و ام قرفة و ابي ابن كعب , , , اؤلئك الذين تم اعدامهم بدم على كتائب الصحابة الابرار
اصحى يا مصر


2 - من العلن للسرية وبالعكس
رياض راضي ( 2012 / 11 / 14 - 02:45 )
لم تفلح محاولات محمد ابن عبد اللات في نشر دعوته في مكة بالطريقة العلنية ، المباشرة بدعوة الناس جهارا نهارا، وفشلت كذلك رحلته الي الطائف لانها سارت علي نفس النهج. وعندما نزح هو والقلة التي اتبعته الي يثرب اتبع نهجا مختلفا بعضه كان مما يمارسه العرب بنجاح وهو قطع الطرق والكمائن، أي السرية والاغتيال الخفي، لمن اوقعه حظه فيها. وما موقعتي بدر الصغري والكبري الا تطبيقا لهذه الطريقة اما علي المستوي الثاني فقد اخذ الرجل علي عاتقه اغنيال كل معارضي الدعوة في المدينة مثل كعب الاحبار والشاعرة التي هجته . فقصص الاغتيال السري تملا سيرته في يثرب وعندما قويت شوكته، بعد موقعة أحد، التي اجبرته قريش علي دخولها علانية، عاد للاغتيال العلني اي بنشر الدعوة علنا بشن الحروب كما في مسلسل الغزوات علي اليهود في مقار سكناهم حيث مارس سنة العرب من غزو واستباحة للاعراض والممتلكات. رحمة الله علي محمد رسول الله فقد كان قاتلا محترفا وزعيما لعصابة من المؤمنين. ورسولا لاله ضن برحمته التي يتشدق بها في اياته لان يكون رحيما بالبشر الذي يدعي انه خلقهم.


3 - رياض راضي - أين أنت من جرائم المسيح؟
عبد الله خلف ( 2012 / 11 / 14 - 15:07 )
1- (فَقَالَ لَهُمْ يسوع لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفاً)(لوقا 22: 37)

2- (جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً. لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا)(لوقا 12: 49-53)

3- (لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا)(متى 10: 34-35)



4 - الببغانات امثال عبد الله خلف انقرضوا !!
حكيم العارف ( 2012 / 11 / 15 - 05:17 )
كنت اعتقد ان الببغانات امثال عبد الله خلف انقرضوا من زمان
...

يبدو ان ليس لديهم وقت للاطلاع او الفهم ..



يا عبد الله خلف قول لنا جريمه واحده للسيد المسيح او تلاميذه ....

----


5 - السيد مؤمن المحمدي المحترم
وليد يوسف عطو ( 2012 / 11 / 15 - 14:19 )
كتب الكثيرون عن اغتيال سعد بن عبادة ومنهم كتاب وكاتبات في الحوار المتمدن اتهموا عمر بن الخطاب بالقتل .الباحث هادي العلوي في كتابه ( الاغتيال السياسي في الاسلام ) يوجه الاتهام الى عمر بن الخطاب . .ان الحروب المسماة خطا بالردة كانت تشمل رفض المرتدين لحكم القرشيين واخرون رفضوا دفع الزكاة التي لاتذهب للفقراء بل للقادة العسكريين والاثرياء وللخليفة . في برنامج سؤال جريء على قناة الحياة والذي يقدمه الاخ رشيد تحدث الضيف مستندا الى احاديث وروايات من كتب السيرة عن قتل الخليفة عمر بن الخطاب لسعد بن عبادة .وهذا يبين الصراع بين قريش وبين الانصار وبين القبائل الموالية للطرفين .كما يبين الصراع والانحياز الى جانب قريش حتى من قبل النبي محمد ذاته عندما اعطى غنائم معركة حنين لقريش ولم يترك للانصار شيئا فقال محمدقوله الشهور (اما يكفيكم انهم ذهبوا بالشاة والبعير وذهبتم انتم برسول الله ؟ ) .ختاما لكم مني وافر مودتي وتقديري وشكري على هذا النهج المتوازن والعلمي والعقلاني في بحث احداث التاريخ الاسلامي .

اخر الافلام

.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية


.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟




.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي




.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ