الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد لا دين ولا أصل له

نادية بيروك
(Nadia Birouk)

2012 / 11 / 14
المجتمع المدني


عندما نتحدث عن الفساد نثور ونصول لنأكد أن الشريعة هي الحل، وأن تطبيقها سيحد منه ولكن حين نقارن حال الدول الإسلامية بغيرها من الدول الغربية؛ نجد أنه ٱستشرى بين ظهرانيها وٱستفحل كما يستفحل حال السرطان في مراحل تطوره الأخيرة. لأن الجهل فساد والمتاجرة بالدين فساد والمحسوبية والرشوة والغش فساد والزبونية فساد... ومانراه اليوم من ثورات وهمية وسطحية وسخيفة، مغلفة بالقمع والتكفير والعنف ومصادرة الحريات والحقوق والمكتسبات فساد وأي فساد.
كيف يمكن لفكر محدود وضيق أن يطور الناس والمجتمع؟ كيف لازلنا نناقش التيمم والحجاب والتعدد وغيرها من المناسك؟ ونأمل أن نتقدم دون أن نناقش الفكر والقيم والمبادئ والحقوق والواجبات؟ كيف نقف أمام تقدم الآخرين موقفا محايدا وبليدا وكأننا خارج العالم وخارج نطاق الإنسانية؟ كيف نريد أن نحارب الفساد ونحن نكرسه وندعمه ونصوت له، ونحن نعلم أنه يغلف وينوع ليتخذ أشكالا كثيرة: التمييز، التهميش، الجهل، الفقر، القهر، التسلط، الغلو، التطرف، الإنحلال الفكري والأخلاقي، الغش،الرياء، الكبر، البغي، الفجور، الزنا، الظلم، الإستبداد، الإنحطاط، التقهقر، الإرهاب، العنف.... كلها فساد وكلها مجتمعة تشكل محور الطاغوت الحقيقي الذي يعيق تقدمنا ويقتل الإبداع فينا والأمل.
ألم يحن الوقت لنغير نمط حياتنا الممل؟ ألم يحن الوقت ليحاسب المفسدين والمناوئين لهم؟ كيف لا نستطيع حتى الآن شل أعمالهم ووضع قوانين صارمة لمعاقبتهم وٱسترداد مانهبوه من خيرات وأموال؟ كيف نغض أبصارنا ونتجرع مرارتنا ونحن نعلم أن بؤرة التخلف والجهل والجوع... نتاج بديهي للفساد. كيف نسمح للتفكير الأحادي القطب أن يشكلنا ويقسمنا ويفرقنا بٱسم الدين وهل الوطن حكر على المتدين؟ كيف نجزم أن فلان له إله وأن آخر لا إله له؟ كيف نريد أن نتقدم خطوة نحو المستقبل ونحن ننكر على الشخص حرية الإعتقاد والتفكير؟
يجب أن نراجع أفكارنا الضحلة وأن نعيد تقييم سيرورتنا وكينونتنا؛ لأننا لازلنا نعيش في الماضي ولازلنا نبني قصورا من رمال زائلة. لابد لنا من مناقشة مشروع حضاري، حداثي، إنساني... قادر على خلق ثورة فكرية حقيقية تخدم عقلية جديدة، نقية، قادرة على مجابهة التطرف والتخلف والظلام. هذه المهمة ليست سهلة، لأنها تتطلب تفعيل عقلية مجتمع مصابة بغسيل مخ خطير ومجبولة على السير في طابور وحيد إلى نعيها الأخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية