الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هم ليسوا اغبياء

مفيد بدر عبدالله

2012 / 11 / 14
المجتمع المدني



رغم أن المزاح والطرف محبذة وفيها ترويح وفائدة كبيرة، لكنها أحيانا تتخذ من البائسين ومعاناتهم سببا للضحك، وقد يضحك البعض والبعض الآخر لا يستسيغ . ومن العبارات الخاطئة والمتداولة عند البعض أن ينادى شخصا إن تصرف بغباء ( أنت هندي ؟)
المتحدث هنا لم يرَ من الهنود غير من أوصله الفقر والفاقة لهذه البقعة من العالم، وهذه المقولة قديمة ، واستمرت حتى بعدما أصبحت الهند دولة نووية وأحدثت قفزة في الصناعات والتطور الطبي وأصبحت ملاذا للمعتلين وقصدها الكثيرون للتطبب والعلاج ومنهم صديقي "حيدر" والذي عاد للتو من رحلة علاج في الهند فتحدث لي عند زيارتي له عن التطور والتقنيات الحديثة للطب هناك باندهاش مثلما أدهشته المناظر الخلابة للطبيعة و الديانات وتعددها في الهند وأبدى استغرابه لبعضها وقال ذات مرة:"وبعد نزولي من الفندق وجدت سائق سيارة الأجرة بانتظاري مستثمرا الوقت بالتعبد واضعا أمامه اﻹله و من حوله الورود خاشعا يتضرع بالدعاء" فأثارت طريقته استغراب صديقي "حيدر" كثيرا مثلما أثارت فضولا بداخلي لمعرفة المزيد عن الديانات في الهند ومن خلال الانترنت عرفت أن في الهند أكثر من مئة وخمسون ديانة ، وبرغم الحالات النادرة للمشاكل هنا وهناك إلا أن المجتمع الهندي متعايش فيما بينه رغم فقر الكثيرين ، وأنا أتصفح الانترنت تبادرت إلى ذهني بعض الأسئلة، منها : ماذا لو ولدت أنا في إحدى القبائل الهندية ؟ هل سأعتنق إحدى الديانات الموجودة هناك ؟ إن الاحتمال الكبير جدا "نعم" فأغلب المعتقدات متوارثة، ولأنها أشياء غير مرئية سيكون للأهل و البيئة الدور الأكبر في ترسيخها وشيئا فشيئا ستصبح حقائق. وأجد نفسي جزءا من مجموعة لا إراديا وحتى النسبة الضئيلة التي يشغلها عناء البحث والتمحيص إن قررت مخالفة الجمع ستكون منبوذة بل وحتى قد تقتل في بعض القبائل، فعليهم أن يعبدوا وفق ما تراه المجموعة لا كما يعتقدون وبالتالي ستكون العبادة شكلا بلا مضمون مثلما يمارسها البعض عندنا ليجمل صورته أمام المجتمع، فترى الكثير من أعماله تتنافى مع تعاليم ديننا السمحاء رغم أنه في الصف الأول من المصلين.
السؤال الثاني: ماذا لو كانت في العراق وفي ظروفه الحالية مائة وخمسون ديانة مثل الهند، وإن برز من بعض الديانات متشددين ممن يعتقدون بأن ديانتهم هي الصحيحة ومئة وتسعة وأربعون ديانة خطأ ومن يعتنقها يستحق القتل، حينها ستنفجر سيارة مفخخة كل خمسة دقائق وأعمال العنف ستتضاعف وسنحتاج لأضعاف الأعداد من المستشفيات ولملايين رجال الأمن، فنحن وعلى قلة أدياننا والتي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة لا يمر يوم دون أن نسمع أو نرى من على الشاشات تفجيرات في الأسواق والأماكن العامة لتتطاير أشلاء أخوة لنا دون أدنى ذنب، فالمساجد والحسينيات والكنائس أصبحت أهدافا استراتيجية مهمة للإرهاب.
والسؤال الثالث الذي تبادر لي : كم سيستغرق تشكيل الحكومة ؟ وما هو عدد وزرائها ؟ وقد تحل هذه المعضلة بعد سنوات كأن تشكل مائة وخمسين وزارة وتعطى لكل ديانة وزارة ولكن المعضلة الحقيقية هي المناصب السيادية والوزارات الأمنية ، فالمؤكد أن شغلها سيكون غير ممكن لا وبل مستحيل أن لم يكن حبنا لعراقنا ولإخوتنا ممن سكنوا هذه الأرض هو غايتنا وأن ننظر إلى الأمام ونتعالى حتى عن الجراح.
يخطئ كثير من يطلق بمزاحه على من تصرف بغباء( أنت هندي؟) لأن فينا الكثير من الأغبياء، فمن يقتلون بتفجيراتهم من في الأسواق ومدارس الأطفال هم أغبى الأغبياء وعليهم لعنة من في الأرض والسماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار