الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال العراق مابين عهدين

اسماعيل ميرشم

2012 / 11 / 15
المجتمع المدني


قبل سقوط نظام الطاغية في العهد السابق والتي جثمت على صدور العراقيين لعقود من الزمن والتي تضررت نتيجة سياساتها العدوانية على حساب مصالح كافة اطياف وفئات الشعب العراقي"ولو الظلم كانت بدرجات من قومية لاخرى ومن طائفة عن اخرى" وعلى وجه الخصوص ودون تمييز خاصة الاطفال والنساء اثناء فترة فرض الحصار الاقتصادي على الشعب العراقي من قبل القوى"العظمى" لغرض فرض اجندتهم السياسية في المنطقة وفي سبيل تحقيق مصالحهم الاقتصادية الانانية في العراق.
كانت اطفال العراق اكبر شريحة، عانت وتضررت مأساة حقيقية في قوتهم اليومي وصحتهم وفي طفولتهم، عندما حرموا من الحليب والدواء والغذاء وكانت المعاناة والمأساة مضاعفة عندما كانت اجهزة النظام القمعية والاعلامية الدعائية تاتي بالقنوات التلفزيونية العالمية وتنتقل بهم بين ردهات المستشفيات العراقية وخاصة مستشفى "الطفل العربي" في بغداد ليصورا اطفال العراقيين ومأساتهم وعلامات فقدان الدم والهزال الشديد وغيرها من الامراض التي نتجت عن الحصار الاقتصادي لتغذي بهم ماكنته الاعلامية"البروبوكندا" والتلفيقية في سبيل كسب الرأي العام العالمي الى جانب نظامه ولو على حساب اطفال العراقيين وماساتهم وبذلك يعطي فرصة للبقاء في الحكم ويطيل ما امكن فترة حكمه التي استمرها لعقود من الزمن من خلال الاستثمار القصوى في الازمات السياسية داخل الفئة الحاكمة والصراعات المحلية والحروب الاقليمية والدولية وهي سياسات ماسميت ب"حافة الهاوية".
بعد سقوط النظام في ايار 2003 وكنتيجة للغزو والاحتلال الامريكي والتي كانت الاستفادة الوحيدة و"اليتيمة"للشعب العراقي منها هي التخلص من اعتى نظام دكتاتوري عرفتها البشرية وولوج امل لغد افضل حرموا منها لعقود من الزمن وبدلا من ان تستغلها العراقييون كفرصة سنحت لهم في سبيل تعويض ما فاتتهم طيلة العقود الماضية من التركيز على توفير الرفاهية للمواطن واعمار المدني واعادة البنى التحتية من مراكز للبحوث العلمية الى تشييد المدارس الحديثة ومستشفيات تتوفر فيها اجهزة طبية متطورة لمعالجة مرضاهم وخاصة شريحة الاطفال. بدلا من كل هذا وغيرها من االافكار والامور والافعال الايجابية والنافعة والتي كانت من الممكن ان تفيد المواطن والوطن وخاصة نحن نعيش على بقعة ارض غنية بالموارد والثروة الطبيعية والامكانات البشرية لو تمت استغلالهما على افضل صورة وبامكاننا ان نحقق في سنوات معدودة مالاتستطيعة شعوب وبلدان اخرى تفتقد للجميع هذه الموارد الثمينة والطاقات البشرية الهائلة تحققها في ميئات السنيين.
لكن بعد السقوط ومع الاسف كانت ثقافة الثأر للماضي والانتقام للحاضر حاضرة وفاعلة كمزرعة انتجت ثمارها لما حرثت وما بذرت في ارضها لعقود من الزمن من مفاهيم "ثقافات" الاستبداد في التهميش لل"المشكوك في اخلاصه" والتخوين المعارض والتكفير المختلف وغيرها كثير... كثير ، وهكذا استمرت حلقة العنف لعقد من الزمن بعد السقوط وكانت الاطفال والنساء هذه المرة ايضا اكبر الشرائح المتضررة وكأن قدرهم كتب عليهم الحرمان من الصحة والامان ودفْ العائلة وحياة الطفولة البريئة. كل تلك المقدمة الطويلة وربما"المملة" كانت بسبب التهيئة لموضوع حديث وجديد وخطير!! وهي انه اطفال العراقيين لحد كتابة هذه الكلمات يعرضون امام عدسات الكامرات العالمية ولكن هذه المرة بعيد خارج حدود بلدهم وفي مستشفيات بلدان اخرى، بعيدة ميئات الاف الكيلومترات هكم7238.76 عن العراق في سبيل تقديم"مكرمة" لاطفال العراق في سبيل معالجت مشكورة حيث قامت جمعيات شبه حكومية وبالتعاون مع مستشفى اهلي بجلب ستة اطفال عراققين في سبيل اجراء عمليات قلب لهم في كوريا الجنوبية بلد الخير والانسانية رغم ندرة الموارد والثروات الطبيعية، عدا لاطاقات البشرية الخلاقة والبحار الزرقاء.
السوال الملح التي تطرح نفسها هنا هل العراق بلد فقير لتقوم البلدان الاخرى بمعالجة اطفالها؟ واين تذهب اموال النفط؟ ولماذا لا تبنى بها مستشفيات وتجهز باحدث الاجهزة وتوفر فيها ارقى الكوادر الطبية ليتلقى الطفل العراق علاجه في بلده وعند اهله وبين احبابه بدلا ان تجبر العائلة لارسال فلذات اكبادهم كل هذه المسافة لتلقي العلاج في بلد مثل كوريا بعكس العراق حيث تنعدم فيه اية مصدر من مصادر الثروة الطبيعة لكن توجد فيه قلوب صافية-مخلصة وعقول نيرة وارادة طيبة تخطط وتعمل في سبيل مصلحة وخير شعبهم جميعا ووطنهم كلها دون تفرقة او تهميش او تجييش!!.
فبدلا من هدر ثروات واموال الشعب لشراء الاسلحة الحديثة ومضيعة طاقات شعبهم في عسكرة المجتمع وتغذية سياساتهم القديمة- الجديدة في تعميق "ايديولوجية الكراهية" مابين القوميات والطوائف العراقية وهي تكرار مقيت ل"سياسات حافة الهاوية" وما بين اطياف وشرائحه وسوء استخدام السلطة والفساد المستشري ومحاولات تمديد اعمار كراسيهم على حساب العناية الصحية للشعب وخاصة شريحة الاطفال وتعليم وسلامة المواطن فضلا عن الخدمات الاساسية الاخرى.
بدلا من كل هذه السياسات الجهنمية والبالية فمن الافضل تغير الاولويات والتركيز على اعادة الكرامة للمواطن، فلا وجود لوطن معتبر بدون مواطنين اعزاء محققين ومحافظين على كرامتهم الانسانية ولا ظلم اهول من ظلم سلطة لاتوفر العناية الصحية لاطفال بلدهم والتعليم الراقي لهم التي تناسب القرن الحادي والعشرين وبدلا منها تتسبب في تعرضهم كمادة دسمة للماكنات الاعلامية العالمية في سبيل الكسب السياسي الرخيص.
ومن هنا تاتي السوال الملح والمصيري، ماالفارق مابين العهدين بالنسبة للمواطن العراقي العادي وخاصة شريحة الاطفال؟
سيئول تشرين الثاني 15








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسل #العربية فادي الداهوك: ‏طلاب جامعة السوربون ونواب فرنس


.. رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية: نتهم ا




.. ماذا كشف التقرير السنوي لمنظمة -مراسلون بلا حدود- عن حرية ال


.. استشهاد الطبيب عدنان البرش إثر التعذيب بعد اعتقاله




.. الأمم المتحدة: الدمار في غزة لم يحدث منذ الحرب العالمية الثا