الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة فى مسودة الدستور المصرى

أحمد على حسن

2012 / 11 / 20
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


مهما حاول هؤلاء المنتمون للتيار الدينى إخفاء موقفهم من قضية الحريات بشكل عام، أو من قضايا المرأة بشكل خاص، فإن أديباتهم و أحاديثهم المسجلة تفضحهم.
و قد عبر عن ذلك أحدهم "بعفوية" فى برنامج مسجل تلفزيونياً على قناة الناس " خالد عبد الله" بأن أدان إشتراك إحدى الفتيات الآتى تم الإعتداء عليها و تعريتها وسط ميدان التحرير أثناء أحداث الثورة بأن تساءل بإستنكار: أيه إللى وداها هناك !؟، بل أنه لم يخض أحد فى شرف هذه الفتاة و التى أطلقت عليها جماهير الثوار لقب ست البنات، لم يخض أحد فى شرفها بخسة لا تتناسب و إدعاءاتهم غير هؤلاء المتأسلمين !! و كذلك أفتى أحدهم أيضاً "ياسر البرهامى" بتحريم دراسة الهندسة للفتيات!! لإن هذه النوعية من الدراسة لا تناسب النساء!! أو لإستحالة وجود محرم و لبعد المسافة بين الكلية و منزل الفتاة أكثر من 25 كيلومتر!!، و هناك أيضاً حديث مسجل لأحدهم "أبو إسحق الحوينى" يدعى فيه أن العلم للرجال و ليس للنساء ، وأن النساء جاهلات بطبعهن ولايفقهون شيئاً !! ... و هى أحاديث على سبيل المثال ــ جميع هذه الحاديث و غيرها موجود على اليوتيوب ــ تلخص كيف يفكر هؤلاء "المتأسلمون" أو يعتقدون وكيفية تعاملهم مع أى قضية تخص المرأة.

فالمرأة عند هؤلاء محلها البيت، و إذا خرجت فللضرورة القصوى و أن تكون ملزمة بشكل معين للملابس، و إذا تعلمت فهو العلم الذى يؤهلها لخدمة زوجها أو رعاية أطفالها وشئون منزلها، و هى لا تمانع من زواج زوجها عليها مثنى و ثلاث و رباع، و ليس لها حقوق غير تلك التى يمنحها زوجها " حتى فى بعض الأمور التى تبدو بسيطة وبديهية كأن تتبادل الزيارة مع أهلها "يشمل ذلك أبو الزوجة أو أمها" .. فهناك فتوى شهيرة بأن يتم ذلك بإذن الزوج!! .. فما بالك بأن تطالب بممارسة حقوقها الطبيعية فى التعليم أو العمل أو غير ذلك!!".

و مع سيطرة الأغلبية من المنتمين للتيار الدينى على الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، فقد تم نقل هذه الأفكار "الرجعية و الكارهة للحريات" لمسودة الدستور، فى مواد تبدوا فى ظاهرها أنها تنتصر للحريات!! .. يمكنك الرجوع لمقال سابق لنفس الكاتب وعلى نفس الموقع بعنوان: "الإلتفاف على النص الدستورى فى مسودة الدستور المصرى" ... أما أكثر ما يلفت النظر فى هذه المسودة فهى إلحاحها و فى أكثر من بند على تكرارا عبارة: الحفاظ على الأخلاق!! .. و من الملاحظ أن البعض "و أنا منهم" يربط بين التدين الشكلى و بين تراجع القيم الأخلاقية فى المجتمع ـ وسط أسباب أخرى بطبيعة الحال منها أسباب إقتصادية و إجتماعية و حتى أسباب سياسية ـ فقد حول هؤلاء "الشيوخ" المرأة لموطن لإشباع الرغبات الجنسية للرجال، و قاموا بإخراج فتاوى من أكثر الفترات إظلاماً فى بئر التاريخ كإرضاع الكبير لتحليل تعامل السيدات مع الرجال "الأجانب" عنها !!، أو تزويج القاصرات أو التسرى بالرضيعة لإشباع رغبات شاذة لدى بعضهم !!.

فما هى هذه القيم الأخلاقية التى يتحدث هؤلاء فى مسودتهم للدستور المصرى؟ أم أن الإصرار على تكرار هذه العبارة بغرض أن يتم إتخاذها ذريعة للإنقضاض على ممارسة الحريات التى تتشدق بها نفس مسودة الدستور و خصوصاً ما يخص المرأة فى المجتمع، فبحجة الحفاظ على قيم المجتمع أو القيم الأخلاقية يمكن منع الإختلاط أو خروج المرأة للعمل أو قصر ذلك على بعض المجالات دون الأخرى، أو وضع شروط كوجود محرم حال خروجها للتعليم أو العمل أو السفر أو غير ذلك. و قد أفردت مسودة الدستور مادة خاصة بذلك و هى المادة العاشرة و التى تنص على: إلتزام الدولة برعاية الأخلاق و الآداب العامة و حمايتها و التمكين للتقاليد المصرية الأصيلة!! و هى مادة مطاطية يمكن تفسيرها بأكثر من تفسير، بل سيخضع تفسير هذه المادة للإختلاف حتى من داخل التيارات الدينية نفسها !! فالأخلاق سيكون لها تفسير و ضوابط لدى التيارات الأكثر تشدداً تختلف بالتأكيد عن التيارات الدينية الأقل تشدداً!! فما بالك بما يمكن أن يكون عليه هذا الإختلاف بين التيارات الدينية بعامة و باقى التيارات المدنية فى المجتمع!؟.

و تحدثنا المادة التاسعة فى مسودة الدستور بالنص الآتى: الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين و "الأخلاق" و الوطنية، و تحرص الدولة و المجتمع على الطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها و إستقرارها، و حماية تقاليدها و قيمها "الأخلاقية". (إنتهت المادة) ... و لاحظ تكرار إستخدام كلمة الأخلاق مرتين فى نفس المادة، و كذلك تم إضافة الطابع الأصيل للأسرة، و حماية التقاليد، و هى بجميعها عبارات يمكن أن تستخدم فى تقييد وضع المرأة فى المجتمع، و بخاصة مع وجود سيل من الفتاوى لهؤلاء المتأسلمون لعل أغلبها لا يصب فى خانة مساواة بين المرأة و الرجل، بل يجعلها تابعة للرجال، فقد اباحت ـ على سبيل المثالـ بعض الفتاوى تزويج القاصرات ـ حتى فى حالة عدم إدراكهاـ و ذلك بموافقة وليها، حتى أن بعض الفتاوى أباحت تزويج الرضيعة نفسها!! و فى أجواء من زيادة سيطرة التيارات الدينية الرجعية على عقول البسطاء من غير المتعلمين و حتى بعض المتعلمين تعليماً عالياً للأسف، وسط ظاهرة من التراجع الحضارى!! و قد رأينا أبو إسحق الحوينى الذى وصم كل النساء بالجهل و أنهن لا تصلحن للعلم!! "بالمناسبة فإن لقب هذا الحوينى المتداول بين هؤلاء المتأسلمين أنه أعلم أهل الأرض!!"، و هو ما يعكس معاداة هذه التيارات الدينية المتأسلمة لكل ما يخص المرأة!!.

أما المادة الثامنة و الستون من المسودة فإنها تقرر إلتزام الدولة بالمساواة بين المرأة و الرجل "خير اللهم إجعله خير" بل و أن هذه المساواة فى جميع المجالات السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية وسائر المجالات الأخرى ، دون الإخلال بأحكام الشريعة الإسلامية ... و هكذا تلوح المسودة بالمساواة، لكنها تشترط ما يوافق أحكام الشريعة الإسلامية، فقد تنازل التيار الدينى عن تغيير ما ورد بالمادة الثانية التى تنص على أن "مبادئ" الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، و هى المادة التى عجزوا عن تغييرها لإستبدال مبادئ الشريعة بأحكام الشريعة، وعوضوا ذلك بالنص على عبارة أحكام الشريعة في المادة الثامنة و الستون فيما يخص مساواة المرأة بالرجل!! و يتحججون فى ذلك بإختلاف المرأة عن الرجل فيما يخص الميراث، فكان لابد من ذكر عبارة بما لا يخالف أحكام الشريعة للإقرار بهذا الإختلاف، و كأن مبادئ الشريعة الإسلامية لا تنص أيضاً على إختلاف المرأة عن الرجل فى المواريث!! و بديهى الإختلاف بين مبادئ الشريعة الإسلامية و أحكام الشريعة، ففى تفسير المحكمة الدستورية العليا لمبادئ الشريعة الإسلامية بأنها تلك الأحكام قطعية الدلالة قطعية الثبوت.

فكل مبادئ الشريعة هى بالضرورة من أحكام الشريعة والعكس ليس صحيحاً، فتستمد مبادئ الشريعة من القرآن و السنة النبوية فيما هو قطعى الدلالة قطعى الثبوت، والقرآن كله قطعى الثبوت، و معظم آياته قطعية الدلاله و بعضها ظنى الدلالة ، فى حين تنقسم الأحديث النبوية لأربعة أقسام فهى إما حاديث قطعية الدلالة قطعية الثبوت، أو قطعية الدلالة ظنية الثبوت، أو ظنية الدلالة قطعية الثبوت، أو أحاديث ظنية الدلالة ظنية الثبوت .... مع ملاحظة أن الأحاديث قطعية الثبوت هى الأحاديث المتواترة و التى أوردها أبى عبد الله محمد بن جعفر الكتانى فى كتابه نظم المتناثر من الحديث المتواتر، وعددها 310 حديث فقط على وجه التحديد "ليس بالضرورة أن تكون جميعها رغم أنها قطعية الثبوت أن تكون أيضاً قطعية الدلالة" .. و لأن مبادئ الشريعة هى الأحكام المبنية على الأحكام قطعىة الثبوت قطعىة الدلالة من القرآن و السنة النبوية فلا مجال للإختلاف عليها ، فى حين يفتح الحديث عن أحكام الشريعة الباب للإختلاف لأنه يأخذ فى الإعتبار ماهو ظنى الدلالة بل و ماهو ظنى الثبوت أيضاً من الحديث الشريف فى الإعتبار بما يفتح الباب للإختلاف بين المذاهب الإسلامية أو المدارس الفقهية المختلفة. و سيتم الرجوع فى تفسير أحكام الشريعة لهذه الفتاوى التى أوردنا جزء منها فى هذا المقال، بل ربما سيتم النبش عن فتاوى أخرى أكثر شذوذاً و منافية للعقل نفسه قال بها فقهاء أسرفوا فى إصدار هذه الفتاوى ما يوافق رغبات الحكام و السلاطين، أو بغرض إشباع شذوذ البعض.

إن الموقف العدائى من كل ما يخص المرأة عند هؤلاء الإسلاميين "أو المتأسلمين" لا يستطيعون إخفائه بإدعائهم بالنص على مساواة المرأة بالرجل فى مسودة الدستور، أو أن الأسرة أساس المجتمع، فتحت عناوين أخرى خادعة كالحفاظ على قيم المجتمع أو المحافظة على الأخلاق العامة أو الإحتكام لأحكام الشريعة الإسلامية سيسهل التنصل من هذه النصوص أو حتى الإنقضاض عليها بحيث تتحول لمجرد بنود كلامية مفرغة المضمون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضجة في لبنان بعد الكشف عن عصابة -تيكتوكرز- تستدرج الأطفال لا


.. من بينهم مشاهير في تيك توك.. عصابة -اغتصاب الأطفال- في لبنان




.. كل الزوايا - سارة حازم: الرئيس السيسي أكد على دعم المرأة الم


.. المشاكل الأيكولوجية والحلول بوجهة نظر علم المرأة فيديو معدل




.. رئيسة الجمعية الدكتورة منجية اللبان