الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا إفطار إلاّ على ظهور المرسيدسات

مصطفى القلعي

2012 / 11 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


رفيقي السلفيّ: الرسالة (22)

لا إفطار إلاّ على ظهور المرسيدسات

رفيقي
اسمح لي في هذه الرسالة أن أدعوك إلى "تفريك" ثمرة رمّان، فنحن في أواخر فصل الخريف. ولا أحبّ أن ينقضي هذا الفصل المتقلّب دون أن نتشارك ثمرة من ثماره. وأنبّهك، يا رفيقي، إلى عجزين لاقيتهما وأنا أعدّ دعوتي إليك هذه: أوّلهما أنّي عجزت عن إيجاد فعل فصيح يرادف فعل "فرّك" في دقّة معناه ورواجه وثباته في العاميّة. فاستعرته منها معاتبا رفاقنا المعجميّين على تقصيرهم معتذرا للفصحى. وثانيهما أنّي عجزت عن تحديد مذاق رمّانة خبر زيارة الوفد الوزاريّ التونسيّ الذي هبّ إلى غزّة إثر استئناف العدوان الصهيونيّ عليها.
رفيقي
أردت أن أقرأ هذه الهبّة الوزاريّة التونسيّة إلى غزّة المدعومة بحميّة العنصر الشبابيّ في شخص ابن وزير التعليم العالي. فرأيتها مندرجة فيما كان أجدادك العرب القدامى يسمّونه نجدة الملهوف وإغاثة المستجير ونصرة الضعيف. عد إلى "أيّام العرب" في كتاب النقائض لأبي عبيدة، إن شئت. فالعصبيّة الدمويّة، إذن، هي التي حرّكت وزراءنا فجمعوا أطرافهم الموزّعة على كراسي الحكومة فنفضوا أيديهم من مسؤوليّات الدولة وأخذوا ما يلزم من ربطات الأعناق واستدعوا ما يجب من المصوّرين وركبوا ما أتيح لهم من طائرات وامتطوا طريق غزّة حتى أنّه بلغني أنّ أحد وزرائنا أصحاب النّخوة كان يهمّ بالطعام حين علم بالعدوان فألقى اللقمة من يده وصرخ صرخة المعتصم: لا إفطار إلاّ على ظهور المرسيدسات ورباعيّات الدّفع من كلّ الماركات؟
رفيقي
كانت العرب حين تنجد أحدا تحميه. وكانت حين تنقذ ملهوفا (والملهوف هو الهارب من الموت لِثأرٍ يُطلب منه، مثلا) تلتزم بالدفاع عنه وقد تدخل في حرب من أجله أو تخسر حليفا أو تعادي صديقا. فنجدة الملهوف قيمة عالية الموت دونها. وكذلك نصرة الضعيف وإجارة المستجير. وكان المجير والمنجد لا يسألان المُجار عادة عن سبب هروبه أو عن الخطيئة التي ارتكبها ولا عن هويّة المُلاحق الطالب. أمّا وزراؤنا أصحاب النخوة فقد كانوا يعرفون المجرم والضحيّة والجريمة. ومع ذلك تحدّوا الخطر بمركوبات رباعيّة مصفّحة وركبوا إلى غزّة سالكين طرقا آمنة، حتى إنّ الغزّاوين احتموا بهم في الطريق. فلقد تركت الطائرات مسلكهم دون قصف خوفا منهم، والله، وهل تجرؤ؟ وميّزت رتلهم من غيره وحوّلت قصفها إلى مبنى الصحافيّين ضمانا لتغشية الأنظار عنهم خوفا منهم، والله. فدخلوا غزّة مظفّرين وأنجدوها وأنقذوها وصفعوا الظالم على خدّه واقتصّوا منه وهدهدوا أطفالها وتركوا لهم الأمان. ولم يغادروها إلاّ وقد توقّف القصف وعمّ العدل والخير والسّلام. فطوبى لوفد النّخوة الوزاريّ التونسيّ. وليرتح المصوّرون قليلا. لقد أهلكوهم تعبا من صلاة سمير إلى كبش راشد إلى جمرات لطفي إلى هبّة غزّة.
رفيقي
ما كان عبد الباري عطوان على حقّ مطلقا حين قال لقناة فرنسا 24: "كان على أهل غزّة أن يطردوا الوزراء التونسيّين الذين حلّوا كسيّاح على القطاع يتلذّذون بالمباني المهدّمة ويترنّمون على نواح الثكالى وأنين الجرحى.. هل جاءوا بقوافل الأدوية والأغذية؟ هل حملوا معهم الأسلحة والصواريخ إلى أشبال المقاومة؟ إنّها مسرحيّة سيّئة الإخراج يطرحونها للاستهلاك المحلّي والإقليميّ والدوليّ لا أكثر ولا أقلّ." كيف يسمح لنفسه بأن يقول ذلك في قافلة وزرائنا أهل النخوة الذين تحدّوا الطائرات حتى أنّها غيّرت خريطة أهدافها؟ ألم يقدّر تضحية وزير التعليم العالي وهو يرسل فلذة كبده إلى أرض القصف؟ ألم يسمع حديث وزيرة المرأة عن فلسفة "نتفاعلو تفاعل فعلي لنكون فاعلين"؟ هذا لا يليق، يا عبد الباري.. لا يليق. عيب، والله.
رفيقي
لي عتب وحيد على وفد النخوة الوزاريّ التونسيّ؛ ليتهم أخذوا معهم الصحبي حتى يقرص إسماعيل هنيّة من أذنه على الكذبة التي كذبها عليه. كيف ينصحه ألاّ يضع بندا لتجريم التطبيع في الدستور ثمّ يتراجع عن نصيحته؟
كيف وجدت الرمّانة، يا رفيقي؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال