الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم لثقافة الاختلاف .. لا لثقافة الخلاف

عصام عبد العزيز المعموري

2012 / 11 / 28
المجتمع المدني




إذا كان كل منا يستمد منظومته القيمية من مكونات عديدة تتمثل بالأسرة والمدرسة ودار العبادة ( جامع ، حسينية ، كنيسة ، .. الخ ) ووسائل الإعلام وغيرها من المكونات ، فان كل هذه المصادر لدينا بدلا" من أن تعزز ثقافة الاختلاف بدأت تعزز ثقافة الخلاف بمعنى مخالفة كل من يعارض أفكارنا وتفكيرنا ووجهات نظرنا ، بدء" بالأسرة التي نرى فيها هيمنة كبير العائلة على بقية أفراد الأسرة ، فلا صوت يعلو على صوته ، وما يراه مقبولا" يجب على جميع أفراد الأسرة أن يروه مقبولا" دون السماح بالمناقشة أو إبداء الرأي ، امتدادا" إلى المدرسة التي نرى فيها المعلم لا يقبل حلا" لمسألة ما إلا بالطريقة التي انتهجها لتلاميذه.
ولا أزال أختزن في ذاكرتي مقولة لأديب أجهل اسمه وهويته يقول : ( إن المرء ليسأم من سماع صدى صوته ) . تصوروا مستقبل العالم لو كنا جميعا" نفكر بالطريقة نفسها ، فكلنا نرى التفاحة تسقط من الشجرة على الأرض ونرى في ذلك شيئا" لا يبعث على الدهشة ولكن رجلا" واحدا" أثارت فيه إبداعا" تمثل في اكتشاف قانون الجاذبية .. انه العالم اسحق نيوتن .
وكلنا رأينا الأجسام الطافية ولم تبعث فينا تلك الرؤية شيئا" إلا أن رجلا" واحدا" أثارت فيه تلك الرؤية ما لم تثر فردا" آخر فاكتشف قانون الأجسام الطافية .. انه العالم أرخميدس .
إن الإبداع يتضمن شقين أولهما تحويل ما هو مألوف إلى ما هو غير مألوف والشق الثاني تحويل ما هو غير مألوف إلى ما هو مألوف .. وكلا الشقين يتطلبان تفكيرا" متفردا" .. تفكيرا" فيه طلاقة وأصالة ومرونة وإحساس بالمشكلات .. وكل ذلك هو من متطلبات التفكير الإبداعي الذي لا ينمو ولا يترعرع إلا بإشاعة ثقافة الاختلاف لا بإشاعة ثقافة الخلاف .
إذا كانت الثقافة بمعناها الشمولي هي كل التجارب والخبرات والعادات والتقاليد والطقوس والفنون وغير ذلك لدى شعب أو طائفة أو أثنية ما فان اختلاف الثقافات في المجتمع الواحد أو في مجتمعات عديدة تكسب الحياة غنى وثراء" بسبب ذلك التلاقح الثقافي بين الثقافات المختلفة .
إن الاستقرار النسبي الذي تشهده معظم المجتمعات الغربية يعود إلى عدم وجود عقيدة سياسية واحدة أو وجهة نظر واحدة للعالم واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية .
إن إشاعة ثقافة الاختلاف تقتضي تعلم الحوار المتحضر الذي تنتفي فيه لغة إلغاء الآخر ، وقد قال المفكر الفرنسي ( فولتير ) يوما" : ( قد أختلف معك في الرأي لكني مستعد أن أقدم حياتي ثمنا" للتعبير عن رأيك ) .
لو تأملنا العبقرية اليابانية لرأينا أنها ثمرة من ثمار الاختلاف وليس الخلاف فقد استطاعت اليابان أن تزاوج بنجاح بين عقل الغرب وقلب الشرق ولم تقدّس الماضي وتمجده في الوقت الذي لم تكن لديها عقدة من الغرب .
إن الثقافة الناضجة هي التي تتعامل مع الاختلافات بعقلانية ولغة مهذبة وتعتمد الوعي والحوار والتربية أساسا" في فهم الآخر .
يقول ( باولو كويلو ) : ( لاشيء في الدنيا خاطئ تماما" ، حتى الساعة المتوقفة تكون صحيحة مرتين في اليوم )
ان المخالفة في الرأي ليست حراما" بل ان قتال المخالفين أو تكفيرهم حرام والحفاظ على الحياة هو مقصد الشريعة الأول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نعم القول
سمير فاضل ( 2012 / 11 / 28 - 00:40 )


كلامكك حكيم ومفيد أستاذ عصام
تحياتي لك ولكل من يكتب لخير بني البشر

اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س