الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضوء أسود في ظلام قاعات المحاكم المصرية

مستخدم العقل

2012 / 11 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ وقتٍ طويل لم أعد أشعر بالرغبة في الكتابة وذلك لأسبابٍ عديدة يأتي على رأسها شعوري بأنني أكتب لأمةٍ تأخذ معارفها من برامج الفضائيات وغرف المحادثة. ولكن ماحدث بالأمس هزّني بشدة فلم أملك نفسي من كتابة هذا المقال على أملٍ أن تستيقظ الضمائر المخدّرة بأفيون الدين. فبالرغم من الظلام الذي ساد أغلب قاعات المحاكم في مصر بسبب إضراب القضاة والمحامين على الإعلان الدستوري الذي سلبهم حرياتهم نجد أن قاعة محكمة جنايات القاهرة كانت مِن القاعات القليلة التي لم تطفيء أنوارها ... والسبب ... هو النطق بالحكم بإحالة أوراق سبعة متهمين مصريين الى المفتي (وذلك بالإضافة الى قسٍ أمريكي) وذلك بتهمة المشاركة في إنتاج فيلم مسيء للرسول. فهؤلاء المتهمون لم يقتلوا ولم يسلبوا الغنائم ولم يغتصبوا زوجات أعدائهم ولم يغتالوا مخالفيهم في العقيدة. هم لم يفعلوا أياً من ذلك ليستحقوا الإعدام ... بل هم فعلوا ما هو أكثر شناعة ... فقد جرحوا مشاعر المسلمين.

بغض النظر عن موافقتي أو عدم موافقتي على مضمون الفيلم وبغض النظر عمّا إذا كان هؤلاء المتهمون قد شاركوا بالفعل في إنتاج الفيلم فإنني أتعجب فقط مِن موقف القضاء المصري الذي يثير العجب ... فالقضاة اعتصموا واحتجوا وأغلقوا المحاكم من أجل الدفاع عن حرياتهم ... ولكنهم يقتلون ببساطة ثمانية أشخاص يحاولون أيضاً الدفاع عن حرياتهم في مجتمعٍ يسوده التعصّب الديني الى حدّ الجنون. إن عقوبة الإعدام هي أقسى عقوبة يمكن لقاضٍ أن يحكم بها وأنا أعرف العديد مِن القضاة الذين قضوا حياتهم المهنية بكاملها دون إصدار عقوبة إعدام واحدة وذلك خوفاً مِن وقوع أي خطأ ولو بسيط يتضح منه بعد فوات الأوان خطأ العقوبة ... وبالتالي فإن القاضي في أغلب الأحوال لايلجأ الى عقوبة الإعدام إلا في الجرائم الشديدة العنف وبعد تأكدّه تماماً مِن إدانة المتهم ... فهل جريمة إنتاج فيلم هي شديدة العنف ، وحتى إن كانت الجريمة تستحق (مع اعتراضي التام على ذلك) فهل تأكد القضاة المحترمون مِن أن المتهمين الثمانية قد شاركوا بالفعل في تلك الجريمة وذلك مِن واقع أدلة ملموسة وليست ظرفية. وكيف استطاع هؤلاء القضاة المحترمون أن يحصلوا على الأدلة التي تدين المتهمين وتثبت اشتراكهم في الجريمة وذلك بالرغم من عدم وجود جهات تحري تابعة لهؤلاء القضاة في موقع الجريمة بالولايات المتحدة الأمريكية ، بل وكيف يمكن الحكم في محكمة مصرية على جريمة وقعت خارج أرض مصر على أرض دولة أخرى لاتعتبر ماحدث جريمة من الأساس.

إن هذا الحكم في رأيي هو جريمة حقيقية في حق الحرية ، وهو بالطبع يفتح الباب على مصراعيه لأي إرهابي يحاول أن يقتل أياً مِن المتهمين الثمانية وذلك بدعوى أنه ينفذ حكماً قانونياً للمحكمة. بالإضافة لذلك فإن هذا الحكم يرسّخ مخاوف العديد من الدول الخارجية حيال الحكم الديني في مصر حيث أنه تزامن مع وجود رئيس إسلامي وحكومة إسلامية ومجلس شورى إسلامي ، فهل القضاء المصري مستقل بالفعل أم أن صدور هذا الحكم في مثل هذه الظروف يدل على غير ذلك. هذا ما لا أعرفه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان